آخر الأخبار
انهيار مفاجئ: كوهوست تغلق أبوابها
أعلنت شركة “كوهوست”، وهي منصة التدوينات الصغيرة التي تم إطلاقها في يونيو 2022 كمنافسة مباشرة لمنصة “إكس” (المعروفة سابقاً باسم تويتر)، عن نيتها إغلاق المنصة بعد تعرضها للإفلاس. هذه الأخبار تأتي بعد حوالي عامين من إطلاق المنصة التي كانت تأمل في تحدي سيطرة عمالقة التكنولوجيا مثل “إكس” و”ميتا”، لكنها لم تستطع الصمود في مواجهة المنافسة الشديدة.
مسيرة كوهوست
منذ انطلاقها، كانت منصة “كوهوست” مصممة لتقديم تجربة مشابهة لـ “إكس”، حيث تُمكن المستخدمين من متابعة بعضهم البعض، نشر المشاركات، التفاعل معها، وإعادة نشرها مع الآخرين. ولكن ما جعل “كوهوست” مختلفة هو تركيزها على تقديم المشاركات بناءً على التسلسل الزمني، دون الاعتماد على خوارزميات تُبرز المحتويات الشائعة فقط. كما قدمت المنصة دعماً للمشاركات الطويلة بدون حد أقصى لعدد الحروف، وهو ما أتاح للمستخدمين التعبير عن أفكارهم ومشاركاتهم بشكل غير محدود، مقارنةً بـ “إكس” التي تفرض قيوداً على طول التغريدات.
النموذج الاقتصادي المختلف
على عكس العديد من منصات التواصل الاجتماعي التي تعتمد على الإعلانات كمصدر رئيسي للدخل، اختارت “كوهوست” أن تتبنى نموذجاً اقتصادياً يعتمد على الاشتراكات المدفوعة، حيث كانت توفر خدمة اشتراك متميزة تسمى “كوهوست بلس”. هذا الاشتراك المدفوع أتاح للمستخدمين الوصول إلى ميزات متقدمة، مثل زيادة حجم الملفات المسموح بتحميلها على المنصة، إضافة إلى خطط لدعم أدوات منتجي المحتوى، مثل بيع الاشتراكات والمحتويات الحصرية. ورغم أن هذه الميزات كانت محببة لعدد من المستخدمين، إلا أنها لم تكن كافية لإنقاذ المنصة من المصاعب المالية.
رؤية مناهضة للرأسمالية
تم تأسيس منصة “كوهوست” من قبل شركة برمجيات غير ربحية تُدعى “أنتي سوفت وير سوفت وير كلوب”، بالتعاون مع مجموعة صغيرة من المبرمجين. كان هدفهم الأساسي هو مقاومة سيطرة الشركات العملاقة التي تستفيد من الرأسمالية العالمية. أعرب المؤسسان، كولين باير وجاي كابلان، عن قلقهم من تأثير هذه الشركات على التكنولوجيا والمجتمع. في تصريح لهما في عام 2020، قالا: “نرى العالم يقتنع بأكاذيب الذين يؤمنون بالإمكانات التخريبية للتكنولوجيا، والذين يعتقدون أن أفضل طريقة للاستفادة من هذه الإمكانات هي إقامة كيانات عملاقة هادفة للربح”.
من هذا المنطلق، كانت “كوهوست” تسعى لتقديم بديل يتماشى مع رؤية أخلاقية لمستقبل التكنولوجيا، خالٍ من الإعلانات ومن سيطرة القوى الرأسمالية. ورغم الطموح الكبير، إلا أن المنصة واجهت صعوبة كبيرة في الحفاظ على وجودها في ظل المنافسة الشديدة التي تعرضت لها من منصات مثل “إكس” و”ثريدز” التي أطلقتها “ميتا”، ما دفعها في النهاية إلى الإفلاس.
التحديات والمنافسة
أحد أكبر التحديات التي واجهت “كوهوست” كان المنافسة المستمرة من جانب “إكس” التي كانت تتمتع بقاعدة مستخدمين ضخمة وتطور مستمر في ميزاتها. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت “ميتا” منصتها الخاصة “ثريدز” التي جاءت لتنافس بشكل مباشر “إكس” وتستهدف نفس جمهور “كوهوست”. هذه المنافسة الشرسة جعلت من الصعب على “كوهوست” التوسع أو الاستمرار، حيث لم تتمكن من جذب قاعدة كبيرة من المستخدمين أو تحقيق دخل كافٍ لدعم عملياتها.
ورغم أن “كوهوست” كانت تسعى لتقديم تجربة مختلفة من خلال عدم الاعتماد على الإعلانات وتوفير تجربة مستخدم فريدة من نوعها، إلا أن التحديات المالية والمنافسة القوية كانت أكبر من قدرتها على التحمل.
الدروس المستفادة من تجربة كوهوست
تجربة “كوهوست” تقدم درساً مهماً حول صعوبة التنافس مع العمالقة في مجال التكنولوجيا، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمنصات التواصل الاجتماعي. المنصات العملاقة مثل “إكس” و”ميتا” تتمتع بموارد هائلة وقدرة على الابتكار بسرعة، ما يجعل من الصعب على اللاعبين الصغار المنافسة في نفس المجال.
على الرغم من فشل “كوهوست” في تحقيق هدفها الكبير، إلا أنها أثبتت أن هناك جمهوراً يهتم بتجربة مستخدم خالية من الإعلانات، ويرغب في الاشتراك في خدمات تقدم له ميزات متقدمة وخصوصية أكبر.