آخر الأخبار
هل ستنير إنفيديا عالم الذكاء الاصطناعي بالطاقة النووية؟
أوضح جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، أن الطاقة النووية قد تكون خيارًا فعالًا ومهمًا لتلبية احتياجات الشركة من الطاقة، وذلك في ظل الطلب المتزايد على الطاقة لمراكز البيانات، خاصة تلك الموجهة لدعم مبادرات الذكاء الاصطناعي المتطورة. جاء هذا التصريح في مقابلة مع بلومبرغ، حيث أشار هوانغ إلى أهمية استكشاف الطاقة النووية كجزء من إستراتيجية إنفيديا الواسعة لتنويع مصادر الطاقة التي تعتمد عليها الشركة.
أتى هذا الإعلان في أعقاب صفقة مهمة أبرمتها مايكروسوفت تهدف إلى إعادة تشغيل محطة الطاقة النووية في جزيرة الثلاثة أميال “Three Mile Island” الواقعة في ولاية بنسلفانيا. هذه الصفقة تهدف إلى توفير الطاقة اللازمة لتشغيل مراكز بيانات مايكروسوفت، وهي خطوة تؤكد على التوجه المتزايد بين شركات التكنولوجيا الكبرى نحو استغلال الطاقة النووية لتلبية احتياجاتها الهائلة من الكهرباء.
هوانغ شدد على أن الطاقة النووية تعتبر مصدرًا رائعًا ومستدامًا للطاقة، مؤكدًا أن الشركة لن تعتمد على مصدر وحيد لتلبية احتياجاتها. وأوضح أن هناك حاجة لتنوع المصادر المستخدمة، بحيث يتم موازنة توافر الطاقة مع تكلفتها واستدامتها على المدى البعيد. وفقًا لهوانغ، فإن الطاقة النووية تقدم حلاً مستدامًا وتقلل من انبعاثات الكربون، ما يجعلها خيارًا جذابًا لشركات التكنولوجيا التي تهتم بالبيئة والاستدامة.
تزايد اهتمام شركات التكنولوجيا بالطاقة النووية يعود إلى النمو المستمر في الطلب على الطاقة من مراكز البيانات. الشركات مثل إنفيديا، مايكروسوفت، أمازون، وجوجل تواجه تحديات كبيرة لتلبية احتياجاتها الطاقية المتزايدة في ظل التوسع المستمر في مشاريع الذكاء الاصطناعي. هذه الشركات تحتاج إلى بدائل نظيفة وصديقة للبيئة لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
وفقًا للوكالة الدولية للطاقة (IEA)، فإن استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات من المتوقع أن يتضاعف تقريبًا بحلول عام 2026، ليصل إلى حوالي 1000 تيراواطٍ ساعة، مقارنةً بحوالي 460 تيراواطٍ ساعة في عام 2022. هذا النمو السريع في الطلب على الطاقة يدفع الشركات إلى البحث عن حلول دائمة ومستدامة لضمان تشغيل مراكز البيانات بشكل فعال وبيئي.
هوانغ أشار أيضًا إلى التحديات الضخمة المرتبطة ببناء ما أطلق عليه “مصانع الذكاء الاصطناعي”، وهي مراكز بيانات مصممة لدعم العمليات الهائلة والمتطلبات المتزايدة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وأوضح أن القيود الكبيرة المفروضة على توفير الطاقة تجعل من الضروري بناء هذه المراكز في مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية، حيث تتوفر المساحات الكافية والبنية التحتية المطلوبة.
من جانبه، تناول هوانغ أيضًا موضوع الامتثال للقوانين الحكومية الأمريكية فيما يتعلق بالصادرات إلى الصين، حيث أكد على أن شركة إنفيديا تلتزم بالسياسات واللوائح المفروضة. وأشار إلى أن الشركة تبذل قصارى جهدها للمنافسة في الأسواق العالمية التي تعمل فيها، رغم التحديات المتعلقة بالقوانين والتشريعات.
من ناحية أخرى، أشار هوانغ إلى أن الرقائق الجديدة التي تطورها شركة إنفيديا تستهلك كميات أكبر من الطاقة، إلا أنها تتميز بالكفاءة العالية، حيث يمكنها إتمام المهام بسرعة أكبر وتساهم في تقليل الاعتماد على مكونات تكنولوجية قديمة أقل كفاءة. هذه التحسينات تعزز من قدرات الشركة في تلبية الطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة مع تحسين استهلاك الطاقة.
وتتزايد الاهتمامات بالطاقة النووية ليس فقط من قبل شركة إنفيديا، ولكن أيضًا من قبل شركات تكنولوجيا أخرى مثل مايكروسوفت، أمازون، وجوجل، حيث تعمل هذه الشركات على تلبية الطلب المتزايد للطاقة الناجم عن توسع مراكز البيانات وتكثيف الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبالرغم من الفوائد البيئية للطاقة النووية، إلا أن التحديات المتعلقة بإنشاء البنية التحتية المناسبة وتوفير الأمن اللازم لا تزال قائمة.
من جهة أخرى، كشفت تقارير حديثة من وكالة بلومبرغ وصحيفة نيويورك تايمز عن خطط طموحة لشركة OpenAI، التي تسعى إلى بناء سبعة مراكز بيانات جديدة بقدرة إجمالية تصل إلى 35 جيجاواط، وهو ما يعادل تقريبًا إنتاج خمسة مفاعلات نووية. هذه المراكز ستكون مخصصة لدعم متطلبات الذكاء الاصطناعي الضخمة التي تعمل عليها OpenAI. حجم هذه المتطلبات يفوق بكثير ما تحتاجه مراكز البيانات التقليدية، مما يثير تساؤلات حول إمكانية توفير هذه الكمية الهائلة من الطاقة بطرق مستدامة وآمنة.
تظهر هذه الخطط الطموحة أن شركات التكنولوجيا تواجه تحديات كبيرة في تأمين الطاقة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات المتقدمة، مما يعزز من أهمية البحث عن حلول مبتكرة ومستدامة للطاقة مثل الطاقة النووية، التي قد توفر حلاً طويل الأمد لمشاكل الطاقة العالمية في هذا المجال المتنامي.