تشاد تمنح ترخيصاً لـ “ستارلينك” لتوسيع خدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية

منحت حكومة تشاد شركة “ستارلينك”، التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، ترخيصًا لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في الدولة الواقعة في وسط إفريقيا. يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه القطاع الرقمي في تشاد تحديات كبيرة بسبب ضعف التغطية الشبكية، حيث يعتمد أكثر من 80% من السكان على الوصول المحدود للإنترنت، مع وجود بنية تحتية ضعيفة في العديد من المناطق.

تحسين الوصول إلى الإنترنت في تشاد

وتعد هذه الخطوة جزءًا من جهود الحكومة التشادية لتوسيع نطاق وصول المواطنين إلى الإنترنت، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى بنية تحتية قوية للألياف الضوئية أو شبكات الاتصال اللاسلكية. وفقًا لأحدث الإحصاءات من البنك الدولي، لا يتجاوز معدل انتشار الإنترنت في تشاد 12% من السكان، مما يعكس فجوة كبيرة في تغطية الشبكة. ومن خلال هذه الشراكة، يأمل المسؤولون في سد هذه الفجوة بشكل كبير، وهو ما أكده وزير الاتصالات التشادي، بوكار ميشيل، الذي قال: “ستارلينك ستمكننا من توفير خدمات الإنترنت في المناطق التي لا تصل إليها الألياف الضوئية، مما يعزز التحول الرقمي في الدولة”.

دور “ستارلينك” في إفريقيا

من جانبه، عبر إيلون ماسك عن سعادته بإطلاق الخدمة في تشاد، قائلاً عبر منصة “إكس”: “ستارلينك متاحة الآن في تشاد!”، مشيرًا إلى أن الشركة بدأت بالفعل في توسيع خدماتها في دول إفريقية أخرى مثل نيجيريا، زيمبابوي، موزمبيق، ومدغشقر، إلى جانب عدد من الدول الإفريقية الأخرى.

تُعد “ستارلينك” مشروعًا مبتكرًا أطلقته شركة سبيس إكس بهدف توفير خدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في المناطق التي يصعب الوصول إليها باستخدام البنية التحتية التقليدية. يعتمد هذا النظام على أكثر من 3 آلاف قمر صناعي يدور في مدارات منخفضة حول الأرض، مما يسمح بتوفير الإنترنت لمناطق نائية وبعيدة.

كيف تعمل “ستارلينك”؟

تقدم “ستارلينك” خدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية باستخدام معدات استقبال خاصة، تشمل طبقًا هوائيًا يُثبت على سطح المنزل أو المنشأة، ليتصل جهاز استقبال داخلي يقوم بتوزيع الإشارة لاسلكيًا. وتوفر “ستارلينك” سرعات إنترنت تتراوح بين 50 و250 ميجابيت في الثانية للاتصالات المنزلية، بينما تصل السرعات في خدمات “Starlink Business” إلى 350 ميجابيت في الثانية.

بالإضافة إلى ذلك، توفر “ستارلينك” خدمات مبتكرة لمختلف القطاعات، مثل خدمة “Starlink RV” التي تستهدف عشاق الترحال والتخييم، مما يتيح لهم الاتصال بالإنترنت أثناء التنقل في مناطق نائية. كما أطلقت “سبيس إكس” مؤخرًا خدمة “Starlink Maritime”، التي توفر اتصالاً قويًا بالإنترنت للمراكب البحرية والسفن في أثناء الإبحار.

التحديات والفرص

ورغم النجاح الكبير الذي حققته “ستارلينك” في بعض الدول الإفريقية، إلا أن الشركة تواجه تحديات تنظيمية في دول أخرى، حيث يعارض بعض الحكومات احتكاراتها الوطنية في قطاع الاتصالات. ومع ذلك، فإن تشاد تمثل نموذجًا واعدًا في تعزيز التعاون بين الحكومات والشركات التقنية الكبرى لتحسين الوصول إلى الإنترنت، خاصة في المناطق النائية.

من خلال توفير اتصال ثابت بالإنترنت في المناطق التي تفتقر إلى التغطية التقليدية، يعزز هذا المشروع التحول الرقمي في تشاد، ويفتح آفاقًا جديدة لتطوير التعليم، الأعمال التجارية، والخدمات الحكومية. كما يُتوقع أن يسهم في دعم الابتكار في القطاع التكنولوجي، ويعزز النمو في الأعمال الناشئة.

مستقبل الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في إفريقيا

يبدو أن المستقبل يحمل فرصًا كبيرة لانتشار الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية في العديد من الدول الإفريقية التي تعاني من ضعف تغطية الإنترنت التقليدي. ومن المتوقع أن تُسهم هذه الخدمات في تغيير المشهد الرقمي في القارة، مما يعزز فرص الوصول إلى المعلومات والخدمات الرقمية للملايين من الأفراد الذين لم يكن لديهم وصول للإنترنت سابقًا.

يعد تعاون تشاد مع “ستارلينك” خطوة هامة نحو تعزيز الاتصال بالإنترنت في القارة الإفريقية، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص شديد في البنية التحتية. وفي الوقت الذي تسعى فيه العديد من الدول الإفريقية إلى الاستفادة من هذه التكنولوجيا، يتزايد النقاش حول إمكانيات هذه التقنيات في تسريع التحول الرقمي في القارة وتحقيق التنمية المستدامة.