مدرسة بريطانية تستبدل المعلمين بالذكاء الاصطناعي.

أعلنت مدرسة “ديفيد غيم” عن إطلاق برنامج تعليمي ثوري جديد يحمل اسم “سيبر وينغ” (Sabrewing) مخصص لطلاب الشهادة الثانوية. يُعد هذا البرنامج الأول من نوعه في المملكة المتحدة، حيث يعتمد بالكامل على منصات التعلم التكيفي المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تدريس جميع المواد الأساسية، مما يغيّر بشكل جذري الطريقة التقليدية للتعليم. وبحسب ما ورد في مقال نشر على موقع المدرسة الإلكتروني، فإن هذا البرنامج يهدف إلى جعل الطالب محور العملية التعليمية، مما يسمح لهم بالتعلم بوتيرة تناسب قدراتهم الفردية، دون الحاجة إلى التكيف مع إيقاع الفصول التقليدية أو الانتظار حتى يتمكن جميع الطلاب من استيعاب المادة الدراسية.

 

يعتمد برنامج “سيبر وينغ” على تكنولوجيا متقدمة تمكن الطلاب من اتباع مسارات تعلم مخصصة، حيث يمكنهم دراسة المواد بالسرعة التي تناسبهم، مع تلقي دعم فردي من مدربين متخصصين يشرفون على تقدمهم. هذه المقاربة تتيح للطلاب التعلم بشكل أكثر فاعلية وكفاءة، حيث يتم تحديد الفجوات المعرفية لكل طالب على حدة والعمل على معالجتها بشكل فوري. سيتعلم الطلاب في مجموعات صغيرة تتألف من 20 طالبًا فقط، مما يعزز من فرص التركيز والتفاعل مع التكنولوجيا المستخدمة. يستخدم الطلاب في هذا البرنامج مزيجًا من منصات الذكاء الاصطناعي على حواسيبهم الشخصية، إلى جانب نظارات الواقع الافتراضي التي تضيف بعدًا جديدًا لتجربة التعلم.

 

من الناحية المالية، يعتبر برنامج “سيبر وينغ” استثمارًا كبيرًا، حيث تبلغ تكلفة الانضمام إليه حوالي 27 ألف جنيه إسترليني سنويًا. ولكن المدرسة تؤكد أن هذا الاستثمار يعكس القيمة العالية للتعليم الذي يتلقاه الطلاب، بالإضافة إلى الدعم الشخصي الذي يقدمه المدربون التعليميون. يُذكر أن النظام التعليمي المبتكر لا يكتفي بتدريس المواد فقط، بل يقوم بتقييم الطلاب بشكل مستمر وإنشاء مسارات تعلم شخصية بناءً على الفجوات المعرفية ومجالات الإتقان لكل طالب. يتيح النظام أيضًا للطلاب طرح الأسئلة والحصول على شروح فورية للمفاهيم الصعبة، مما يوفر لهم دعمًا كاملاً ويسمح لهم بإتقان كل موضوع قبل الانتقال إلى موضوع جديد.

 

على الرغم من عدم وجود معلمين تقليديين في الفصول، إلا أن الطلاب لن يكونوا بمفردهم، إذ يوجد ثلاثة مدربين تعليميين في الفصل لمراقبة السلوك وتقديم الدعم عند الحاجة. يعلق جون دالتون، نائب مدير المدرسة، على هذا النظام قائلاً: “هناك العديد من المعلمين المتميزين، لكننا جميعًا قابلون للخطأ. أعتقد أنه من الصعب جدًا تحقيق مستوى الدقة والضبط الذي يقدمه الذكاء الاصطناعي”. يوضح دالتون أن الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على تحديد أسباب صعوبة التعلم لدى الطلاب بشكل أكثر دقة من البشر.

 

يدعم هذا الرأي جوزيف، أحد الطلاب الذين يختبرون النظام الجديد، والذي يرى أن المعلم البشري لا يستطيع دائمًا اكتشاف عيوب كل طالب على حدة نظرًا لعدد الطلاب الكبير في الفصل، بينما يمكن للذكاء الاصطناعي اكتشاف هذه العيوب ومعالجتها بفعالية. في المقابل، يعبر كريس ماكجفرن، مدير مدرسة متقاعد ومدير حملة التعليم الحقيقي، عن قلقه من الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في التعليم، قائلاً: “على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا في الفصل الدراسي، فإن هذا يذهب به إلى أبعد من اللازم”. يضيف ماكجفرن أن “الذكاء الاصطناعي أرخص من التعليم التقليدي، لكن المشكلة تكمن في تجريد عملية التعلم من إنسانيتها”، مشيرًا إلى أن الاعتماد الكامل على التكنولوجيا قد يؤدي إلى تجربة تعليمية “بلا روح وكئيبة”.

 

من جانبها، تنفي مدرسة “ديفيد غيم” أن يكون استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم خيارًا أرخص من الطرق التقليدية، مؤكدة أنها استأجرت المزيد من الموظفين لدعم هذا البرنامج. وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة البريطانية عن مشروع جديد يهدف إلى دعم المعلمين في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر فاعلية في الفصول الدراسية، حيث سيتم استخدام بنك من خطط الدروس والمناهج المجهولة المصدر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. سيساهم هذا المشروع في تحسين قدرة المعلمين على تصحيح الواجبات المنزلية والتخطيط للدروس بشكل أكثر دقة وفاعلية.

 

ختامًا، يرى وزير التعليم الابتدائي ستيفن مورغان أن الذكاء الاصطناعي، عندما يصبح آمنًا وموثوقًا، يمثل فرصة مثيرة لمنح قادة المدارس والمعلمين يد المساعدة في الفصول الدراسية. ومع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في التعليم، يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل التعليم وعما إذا كان يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المعلمين بالكامل، أم أنه سيظل أداة مساعدة فقط.