آخر الأخبار
بعد ردود فعل سلبية: Duolingo يُعيد النظر في استراتيجيته للذكاء الاصطناعي

في تطور مفاجئ يعكس التحديات التي تواجهها الشركات في تبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، أعلن تطبيق تعلّم اللغات الشهير “دوولينغو” (Duolingo) تراجعه عن خططه التي أعلن عنها مؤخرًا للتحوّل إلى شركة “تركز على الذكاء الاصطناعي أولاً”، وذلك بعد ردود فعل غاضبة من قاعدة مستخدميه حول العالم.
التحول الذي أثار الجدل
في أبريل 2025، أعلنت شركة “دوولينغو” عن نيتها تقليص اعتمادها على الموظفين المتعاقدين، وبالأخص اللغويين والمصممين التربويين، واستبدالهم بالتقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي. وشدّدت الشركة في رسالة بريدية داخلية، اطلعت عليها عدة مواقع تقنية، أن التوظيف المستقبلي سيكون محدودًا، ولن يتم إلا في حال لم تتمكن الفرق من أتمتة مهام معينة.
ووصفت الرسالة التوجه الجديد بأنه “جزء من استراتيجية الشركة لتكون أكثر كفاءة، وأكثر قدرة على إنتاج محتوى تعليمي سريع وشامل باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة”.
طرح واسع للدورات الجديدة باستخدام الذكاء الاصطناعي
لم يقتصر هذا التحول على خطة مستقبلية، بل سرعان ما أطلقت “دوولينغو” بالفعل 148 دورة تدريبية جديدة صممت باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، في محاولة لسد فجوات في المحتوى التعليمي لغير الناطقين بالإنجليزية، وهي شريحة كانت تعاني من نقص الموارد التعليمية على التطبيق. على سبيل المثال، تمت إضافة دورات في اللغة اليابانية والكورية موجهة للناطقين بالإسبانية، وهو ما كان نادرًا في الماضي.
رد فعل المستخدمين: “نريد المعلمين البشر”
ردود فعل المستخدمين جاءت غاضبة وساخرة. امتلأت تعليقات إنستغرام وتويتر بنداءات إلى الشركة لإعادة توظيف اللغويين، وإيقاف استخدام الذكاء الاصطناعي كمصدر وحيد للمحتوى. أحد المستخدمين كتب ساخرًا:
“دوولينغو بدون لغويين هو كأنك تحاول تعلّم لغة من روبوت لا يعرف الفرق بين ‘هم’ و’هن’.”
تراجع رسمي في ظل الضغط الجماهيري
أمام هذه العاصفة من الانتقادات، اضطر الرئيس التنفيذي ومؤسس “دوولينغو”، لويس فون آن، إلى إصدار بيان توضيحي على حسابه في “لينكدإن”، قال فيه:
“للتوضيح: لا أرى الذكاء الاصطناعي بديلاً عما يقوم به موظفونا. بل إننا في الواقع نواصل التوظيف بالوتيرة نفسها. نستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة لتسريع عملياتنا وتحسين الجودة، وليس لاستبدال البشر.”
تصريحه كان بمثابة تهدئة للأجواء، خاصة بعد أن شعرت شرائح واسعة من المستخدمين بالقلق من أن يتحوّل التطبيق إلى تجربة جامدة تفتقر إلى الجانب الإنساني في التعليم، والذي يُعتبر عنصرًا أساسيًا في عملية تعلم اللغات، خصوصًا عند شرح التفاصيل الدقيقة أو فهم السياقات الثقافية.
الذكاء الاصطناعي في التعليم: توجه عام، لكن بحذر
ما فعله “دوولينغو” ليس حالة منفردة. في الشهر نفسه، أعلنت “غوغل” عن أدوات جديدة لتعليم اللغات باستخدام نموذج “Gemini” الذكي، من بينها أداة “دروس لغوية صغيرة” (Little Language Lessons) التي توفرت ضمن صفحة “Google Labs”، وتقدم تفاعلات مصممة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للمساعدة على تعلّم اللغة بطريقة جديدة.
لكن الفارق أن “غوغل” لم تستغنِ عن أي موظفين بشريين أو تتخلّ عن الخبرات اللغوية في مقابل الذكاء الاصطناعي.
هل خسر دوولينغو الثقة؟
رغم أن التطبيق يحظى بشعبية واسعة تصل إلى أكثر من 74 مليون مستخدم نشط شهريًا، إلا أن هذه الأزمة قد تكون ضربة لصورته العامة كشركة تسعى لتوفير تجربة تعلم شخصية وإنسانية. حتى وإن كان التراجع الأخير خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن الشكوك لا تزال تحيط بنيّة الشركة المستقبلية، خاصة في ظل الاتجاه العالمي نحو أتمتة التعليم.
ويبقى السؤال: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بديلاً عن التفاعل البشري في تعلّم اللغات؟ أم أن اللغة، بكونها انعكاسًا للثقافة والعاطفة والتعبير، تحتاج دائمًا إلى لمسة بشرية لا يمكن تقليدها رقمياً؟