آخر الأخبار
نموذج “Qwen3” من علي بابا: قفزة صينية جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي

في خطوة تعكس تسارع وتيرة الابتكار في قطاع الذكاء الاصطناعي بالصين، أعلنت مجموعة “علي بابا” الصينية عن إطلاق الجيل الجديد من نموذجها الرائد للذكاء الاصطناعي تحت اسم “Qwen3”، ما يمثل استمرارية لجهودها الطموحة في مضاهاة كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، مثل OpenAI وGoogle وAnthropic، ومنافسة نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية الأخرى، خاصة نموذج DeepSeek.
وفقًا لما كشفت عنه الشركة، تضم سلسلة “Qwen3” نماذج متعددة مصممة لتوفير أداء متقدم في مجالات عدة، من بينها البرمجة والرياضيات، وهي تعتمد في بنائها على تقنية “مزيج الخبراء” (Mixture of Experts – MoE)، وهي آلية متطورة تحاكي أسلوب التفكير البشري في تقسيم وتحليل المشكلات، وتشبه إلى حد كبير النُهج الهجينة التي اتبعتها شركات مثل Anthropic وGoogle مؤخرًا.
تهدف هذه التقنية إلى تعزيز كفاءة النموذج من خلال تقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة، كما لو أن هناك فريقاً من المتخصصين يعمل على كل جزء من العملية بشكل منفصل، مما يتيح للنموذج تقديم حلول أسرع وأكثر دقة، مع تقليل استهلاك الموارد والطاقة.
تكلفة منخفضة وفعالية تشغيل عالية
أشارت “علي بابا” إلى أن “Qwen3” ليس فقط منافسًا قويًا على صعيد الأداء، بل يتميز أيضًا بتكلفة نشر منخفضة نسبيًا، مقارنةً بالنماذج الكبرى الأخرى، وهو عامل مهم في سوق الذكاء الاصطناعي المتسارع، الذي يشهد اهتمامًا متزايدًا بالحلول القابلة للتشغيل على نطاق واسع وبتكاليف معقولة.
هذه النقطة تُعد استكمالاً لما بدأته شركة DeepSeek، والتي أحدثت مفاجأة في القطاع عندما أعلنت عن نموذج قوي بُني بميزانية لا تتجاوز بضعة ملايين من الدولارات، مقارنةً بالمليارات التي تستثمرها شركات غربية.
وفي إطار سعيها لتعزيز حضورها، أطلقت “علي بابا” قبل أسابيع فقط نموذجًا جديدًا من سلسلة “Qwen 2.5″، بقدرات متعددة تشمل التعامل مع النصوص، والصور، والصوت، والفيديو، ما يجعله قابلاً للتشغيل على الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب المحمولة دون الحاجة إلى بنية تحتية قوية.
محاكاة التفكير البشري واستراتيجية الانفتاح
نقطة لافتة أخرى في سلسلة “Qwen3” الجديدة هي التوجه نحو محاكاة التفكير البشري في حل المشكلات، وهو توجه بدأ يأخذ حيزًا كبيرًا في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي. وقد أعلنت “OpenAI” مؤخرًا أنها بصدد إطلاق نموذج جديد يحاكي العقل البشري بدرجة أكبر، بعد أن سبقتها DeepSeek وAlibaba في هذا المسار من خلال إتاحة نماذج مفتوحة المصدر.
وقد أكدت “علي بابا” أن جميع نماذج Qwen3 ستكون مفتوحة المصدر، مما يعني إتاحتها للمطورين والمبتكرين حول العالم لتطويرها وتكييفها مع تطبيقاتهم الخاصة، في خطوة تعزز الشفافية وتسهم في دفع عجلة الابتكار عالميًا.
رؤية جديدة واستعادة ثقة السوق
تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى “الهدف الرئيسي” لشركة علي بابا، وفقًا لما صرّح به الرئيس التنفيذي “إيدي وو” في وقت سابق من هذا العام، ويعكس هذا التحول التزام الشركة بمواكبة المستقبل، بعد سنوات من الاضطرابات الداخلية والتحديات التنظيمية التي واجهتها الشركة منذ الخلاف الشهير بين مؤسسها “جاك ما” والحكومة الصينية.
عودة جاك ما إلى الظهور مؤخرًا، ولقاؤه بالرئيس الصيني شي جين بينغ في اجتماع رفيع المستوى تناول الابتكار والتكنولوجيا، يشير إلى تحول في موقف بكين تجاه القطاع الخاص. وقد فسّره كثيرون على أنه إعادة تموضع ودعم مباشر للقطاع التقني والابتكاري باعتباره ركيزة أساسية لإنعاش ثاني أكبر اقتصاد في العالم.