آبل تدرس الاستحواذ على Perplexity AI لتعزيز مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي 

في ظل المنافسة المتصاعدة في سوق تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، كشفت تقارير حديثة أن شركة آبل (Apple) تدرس حاليًا خيار الاستحواذ على شركة Perplexity AI الناشئة، المختصة بتطوير محركات بحث تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وتأتي هذه الخطوة المحتملة ضمن تحركات آبل الاستراتيجية لتقوية حضورها في هذا المجال الذي يشهد تطورات متسارعة.

ووفقًا لما أوردته وكالة بلومبرغ، فإن أدريان بريكا، رئيس قسم الاستحواذات في آبل، ناقش هذه الخطوة مع إيدي كيو، نائب الرئيس الأول للخدمات، ومع عدد من كبار التنفيذيين المسؤولين عن الذكاء الاصطناعي في الشركة.

ورغم أن المناقشات لا تزال في مرحلة مبكرة، ولم تبدأ أي مفاوضات رسمية بين الشركتين حتى الآن، إلا أن مجرد وجود هذه المباحثات يعكس توجّهًا استراتيجيًا لدى آبل لإيجاد بدائل داخلية ومستقلة عن شركاءها التقليديين، وعلى رأسهم جوجل.

تشير المصادر إلى أن آبل لا تدرس خيار الاستحواذ الكامل فحسب، بل تفكر أيضًا في إمكانية تعاون تقني مباشر مع Perplexity، على أن تُستخدم تقنياتها المتقدمة في تطوير محرك بحث يعتمد على الذكاء الاصطناعي، يتم دمجه لاحقًا في منتجات آبل، وأبرزها المساعد الصوتي “سيري” (Siri) ومتصفح “سفاري” (Safari).

هذا التوجّه يعكس محاولة من آبل للتعويض عن التأخر النسبي الذي عانت منه في تقديم تقنيات ذكاء اصطناعي توليدي تضاهي تلك التي تقدمها شركات مثل مايكروسوفت (عبر Copilot) وجوجل (عبر Gemini)، وحتى أمازون (عبر Alexa LLM).

محادثات سابقة وشهادة رسمية أمام القضاء الأمريكي

تأتي هذه الأنباء بعد سلسلة من اللقاءات التقنية غير المعلنة التي أجرتها آبل مع فريق Perplexity خلال الأشهر الماضية. وقد أشار إيدي كيو صراحة في شهادته خلال محاكمة مكافحة الاحتكار ضد جوجل، إلى أن آبل قد ناقشت إمكانية استخدام Perplexity ضمن متصفح Safari، مما يكشف عن وجود تفكير داخلي متقدّم بشأن تقليل الاعتماد على جوجل كمحرك البحث الأساسي.

وتمثل هذه الشهادة دلالة قوية على أن آبل تدرس فك الارتباط التدريجي مع جوجل، خاصة أن العلاقة بين الشركتين لا تزال محل تدقيق تنظيمي مكثف، نظرًا للمليارات التي تحصل عليها آبل سنويًا مقابل جعل محرك جوجل هو الافتراضي على أجهزتها. وقد بلغت قيمة هذه الصفقة نحو 18 مليار دولار في عام 2021 فقط.

الذكاء الاصطناعي… نقطة التفوق المستقبلية

يُنظر إلى شركة Perplexity على أنها واحدة من أكثر الشركات الناشئة إثارة في مجال البحث التوليدي المبني على الذكاء الاصطناعي، وقد طورت نموذجًا قادرًا على تقديم إجابات مباشرة ودقيقة بدلًا من الروابط التقليدية، وهو النموذج الذي يتماشى مع تطلعات آبل لتقديم تجربة “مساعد ذكي” أكثر فاعلية.

وإذا ما تمّت هذه الصفقة أو حتى الشراكة التقنية، فإن آبل ستكون قد خطت خطوة مهمة نحو التحرر من قيود الشراكات القائمة، ووضعت قدمها بقوة في سوق الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي، خاصة مع ما يُقال عن خططها لتحديث Siri جذريًا وإعادة تقديمه كمساعد حواري تفاعلي يدعم تعدد المهام والفهم العميق للسياق.

التحديات أمام آبل: ماذا بعد؟

رغم ريادتها في العديد من المجالات التقنية، تُواجه آبل انتقادات متزايدة حول تأخرها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. فعلى سبيل المثال، لم تقم حتى الآن بإطلاق نسخة مطورة من Siri تتماشى مع التقدم الذي أحرزته نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) الحديثة. ويمثل هذا التأخر فرصة للوافدين الجدد مثل Perplexity لاختراق السوق، وربما منح آبل الزخم الذي تحتاجه.

وإذا ما مضت الشركة قدمًا نحو الاستحواذ الكامل، فستكون هذه واحدة من أبرز صفقات آبل في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب استثماراتها في تطوير نماذجها الداخلية وتحديث بنيتها السحابية لدعم الذكاء الاصطناعي على الأجهزة.

تُجسّد هذه الخطوة المحتملة من آبل محاولة ذكية لامتلاك عنصر البحث الذكي ضمن منظومتها الخاصة، مع تقليل الاعتماد على الشركاء الخارجيين، وتعزيز خصوصية المستخدمين، وتحقيق أداء أفضل ومخصص لأجهزة آبل.

التحول من الاعتماد على جوجل إلى تبنّي نموذج بحث ذكي ومملوك بالكامل قد يكون من أقوى تحولات آبل الاستراتيجية في العقد الحالي، في وقت تتسارع فيه المنافسة على الذكاء الاصطناعي باعتباره الموجة التقنية التالية.