Logo
نصلك بمستقبل التكنولوجيا

اشترك الآن

لآخر التحديثات

آخر الأخبار

الذكاء الاصطناعي يقتحم ألعاب الأطفال والدمى أصبحت جواسيس

منذ ١٣ يومًا
سوالف تك

img

في زاوية هادئة من الريف الألماني، وعلى ضفاف نهر مارا الذي يشق طريقه بسلاسة عبر القطاع الشرقي للبلاد، يقع أحد أقدم مصانع ألعاب الأطفال في مدينة “باد كوزين”، حيث تتناغم أصوات آلات الحياكة القديمة مع أنفاس العاملين الذين يكرّسون وقتهم وقلوبهم لصناعة نوع خاص جدًا من الدمى — دمى محشوة بالفرو والريش، ولكن أيضًا مشحونة بالعاطفة والحنين والذاكرة.

عند دخول المصنع، لا تجد الروبوتات، ولا خطوط الإنتاج المؤتمتة، بل تجد بشرًا حقيقيين، بأصابع حقيقية، يحيكون كل قطعة من الدمية كما لو كانت تحفة فنية. أحدهم يقص الفرو بدقة ليغطي جسد قطة صغيرة، وآخر ينظف ريش ببغاء ملون برفق متناهٍ، وثالث يخيط مخالب دب باندا قطعة قطعة، بعناية لا تخطئها العين. بعد ذلك، يُسلَّط الضوء على العيون، تلك النقطة التي تمنح الدمية حياتها الخاصة، حيث تُراجع بعناية للتأكد من أنها “تشعّ بالحياة”، كما يقول أحد العمال. ثم توضع الدمية في صندوق كرتوني بسيط، لتبدأ رحلتها إلى طفل ربما لم يولد بعد، لكنه سيحملها لسنوات كرفيق وأمين أسرار.

حكاية المصنع.. من الميكنة الزراعية إلى صناعة الذكريات

وراء هذه التفاصيل الصغيرة، يقف رجل سبعيني يُدعى “هيلموت شاشته”، صاحب المصنع. لم يبدأ حياته في عالم الألعاب، بل كان فنيًا في مجال الآلات الزراعية. لكنه، بدافع الشغف، قرر أن يشتري مصنع “كوسنر إشبيلزوج” عام 1992 بعد توحيد ألمانيا، وأن يحافظ على تقاليده الأصيلة. يقول شاشته:

“عندما تكون طفلًا، لا تحتاج إلى سرير مليء بالدمى… دمية واحدة كافية، إن كانت تحمل لك شعورًا بالأمان والونس.”

اليوم، تتولى ابنته إدارة المصنع، بينما يواصل هو الإشراف على الإنتاج يوميًا، مؤمنًا بأن العلاقة العاطفية التي تنشأ بين الطفل والدمية لا يمكن أن تُستبدل أو تُصنع عبر سلسلة إنتاج سريعة. ولذلك لا تزال كل دمية تُصنّع يدويًا، وتُجمّع من أكثر من 130 قطعة صغيرة، يعمل عليها فريق متخصص بخبرة طويلة، وبدون استعجال.

آلات بعمر أصحابها.. وحرفية لا تزال حيّة

ما يثير الدهشة أن معظم آلات الحياكة والتطريز في المصنع لم تتغير منذ عشرات السنين، وبعضها يعود إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، بل إن آلة صناعة شعر الدمى يعود تاريخها إلى نفس السنة التي وُلد فيها شاشته. لكن المفارقة أن هذه الآلات القديمة، رغم بطئها، تمنح كل دمية طابعًا فريدًا لا يمكن للآلات الحديثة تقليده.

شاشته يفتخر بأن المصنع لا يسعى إلى الإنتاج الوفير، بل إلى “الروح”، تلك التي لا تُقاس بالكمّ بل باللمسة الإنسانية.

 وعندما يلتقي التراث بالتقنية: مشروع “الدمية الذكية”

ومع تمسك المصنع بطابعه التقليدي، لم يقف شاشته وفريقه في وجه التطور، بل شاركوا في مشروع علمي مشترك مع معاهد أبحاث ألمانية، من بينها جامعتا تورينغيا وساكسونيا، بالتعاون مع جامعة أنهالت للعلوم التطبيقية، لاستكشاف مستقبل جديد للدمى: الدمى الذكية.

يقود المشروع البروفيسور “أرنيه بيرجر”، المتخصص في التفاعل البشري مع الحاسوب. الفكرة ليست إنشاء دمية ناطقة أو متحركة كما قد يتبادر إلى الذهن، بل تطوير دمى قادرة على تسجيل وتفسير التغيرات في درجة الصوت وحرارة الجسد والحركة من خلال حساسات دقيقة.

تخيل أن جدة تعيش في مدينة، وحفيدها في مدينة أخرى. كل منهما يملك نفس الدمية. عندما يعانق الحفيد دميته، يشعر الطرف الآخر بأن الدمية التي لديه تهتز أو ترتفع حرارتها أو تصدر صوتًا لطيفًا — وسيلة تواصل حميمية تفوق المكالمة الهاتفية أو الفيديو التقليدي.

الجانب الإنساني من الذكاء الاصطناعي

هذا المشروع لا يسعى لاستبدال التفاعل البشري، بل لتعزيزه، وخاصة للأطفال الذين يعانون من العزلة أو البعد عن الأهل. ووفقًا للمشرفين على المشروع، فإن هذه “الدمى العاطفية” قد تلعب دورًا مهمًا في دعم الصحة النفسية للأطفال، ومساعدتهم على التعامل مع مشاعرهم من خلال التفاعل الحسي غير المباشر مع أحبائهم.

المشروع يحظى بتمويل رسمي من وزارة التعليم الألمانية بقيمة تتجاوز 3.1 مليون دولار، وهو يُمثل مثالًا واضحًا على كيفية دمج التكنولوجيا الناعمة في تفاصيل الحياة اليومية دون اختراق للخصوصية، إذ لا يُستخدم فيها تصوير أو تسجيل مباشر، بل بيانات لمسية صوتية فقط.

التقنية ليست بريئة دومًا: تحذيرات بيئية وأمنية

رغم الأمل الكبير في هذا المشروع، إلا أن بعض الخبراء في الأمن السيبراني أبدوا تخوفهم من أن تتحول هذه الدمى الذكية إلى وسيلة تجسس داخل غرف الأطفال، خاصة في حال عدم تأمين البيانات بشكل كافٍ. وقد حذرت السلطات الألمانية رسميًا من هذه المخاوف.

إلى جانب ذلك، أشار البروفيسور بيرجر إلى أن إدخال التكنولوجيا في الألعاب يؤدي إلى إنتاج نفايات إلكترونية يصعب إعادة تدويرها، مما يجعل هذه الدمى أقل صداقة للبيئة، على عكس الدمى القماشية التقليدية القابلة للغسل وإعادة الاستخدام.

 حرفة تصارع من أجل البقاء

مدير الإنتاج في المصنع، إلياس ستايجر، وهو خبير في تكنولوجيا النسيج، يشارك بحماسة في المشروع. ويقول إن “المصنع لا يرفض التطور، لكنه لا يضحّي بالروح والجوهر من أجل السرعة”. ويضيف أنه شارك خلال السنوات الثلاث الأخيرة في تطوير عمليات رقمية لتصميم أنماط الدمى، وتحسين عمليات الإنتاج يدويًا.

لكن مع كل هذه الإنجازات، يواجه المصنع تحديًا حقيقيًا يهدد مستقبله، وهو نقص العمالة الماهرة. فقد أصبحت حرفة صناعة الدمى يدويًا مهنة نادرة، يصعب إيجاد من يتقنها، حتى في بلد صناعي مثل ألمانيا.

مستقبل اللعبة المحشوة.. بين الأصالة والابتكار

مع بقاء عامين على انتهاء المشروع البحثي المشترك، لا أحد يعرف الشكل النهائي الذي ستخرج به “الدمية الذكية” من هذا المصنع الصغير. هل ستكون دمية تحتوي على تقنيات فائقة ولكن بروح الدمية القديمة؟ هل سيقبل الآباء بها؟ وهل سيستجيب الأطفال لمستوى جديد من التفاعل الحسي والعاطفي؟

حتى ذلك الحين، يستمر العمال في قصّ الفرو وتثبيت العيون وخياطة القلوب، في انتظار أن يجدوا الجواب في نظرة طفل يعانق دميته للمرة الأولى.



آخر الأخبار
img
ديلويت وأمازون لخدمات الويب توسّعان تعاونهما لتسريع التحول الرقمي في الشرق الأوسط 
منذ ١٢ ساعة
سوالف تك
img
ديبال S05  تتوفر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا
منذ ١٣ ساعة
سوالف تك
img
أتش بي إي و إنفيديا تطرحان حلول مصنع الذكاء الاصطناعي لتسريع التحول العالمي 
منذ ١٣ ساعة
سوالف تك
img
لينوفو وجوجل تطلقان Chromebook Plus 14
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
آبل تدرس الاستحواذ على Perplexity AI لتعزيز مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي 
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
AIREV الإماراتية تعقد شراكة استراتيجية مع Tenstorrent الأمريكية لتطوير حزمة ذكاء اصطناعي 
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
الإمارات تتفوق على أوروبا في مؤشرات الجاهزية السيبرانية المدعومة بالذكاء الاصطناعي
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
نافذة على الزمن: جوجل إيرث تفتح بوابات الماضي للمستخدمين.
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
تغيير شامل: جوجل تُحدث واجهة تطبيق الهاتف في أندرويد.
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
سامسونج تكشف رسميًا عن موعد حدثها الصيفي Unpacked 2025 يوم 9 يوليو 
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
ElevenLabs تطلق أول تطبيق محمول لتوليد الصوت بالذكاء الاصطناعي يدعم اللغة العربية
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
جوجل تطرح رسميًا ميزة نقل شريط العنوان في متصفح كروم لتجربة تصفح أكثر سلاسة
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
مايكروسوفت تعلن عن تحديثات أمان مجانية لنظام ويندوز 10 قبل انتهاء الدعم الرسمي
منذ ١٨ ساعة
سوالف تك
img
أمازون تطلق دفعة جديدة من أقمار “كويبر”: سباق الإنترنت الفضائي يشتعل
منذ يوم واحد
سوالف تك
img
Garmin Venu X1: محاولة جريئة لإزاحة Apple Watch Ultra 2 عن العرش
منذ يوم واحد
سوالف تك
النشرة الإلكترونية

ابقى على اطلاع بآخر التحديثات في المواضيع التي تهمك

EmailIcon
2025 @ حقوق الملكية محفوظة لسوالف تِك
SawaliftechLogo