آخر الأخبار
الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية: كيف تواكب الثورة وتستفيد منها في مسارك المهني؟

في عالم يتسارع فيه اعتماد الذكاء الاصطناعي بشكل لم يسبق له مثيل، تبدو الصورة أكثر تباينًا من أي وقت مضى. فبينما تتنافس الشركات على ضخ استثمارات ضخمة في هذا المجال، وتعلن عن أدوات جديدة بشكل شبه يومي، ما يزال الكثير من الموظفين بعيدين كل البعد عن هذه التقنية، بل إن بعضهم لا يعرف حتى من أين يبدأ.
وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة Gallup، فإن ثلثي الموظفين حول العالم لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي مطلقًا في أعمالهم اليومية، فيما يستخدمه فقط 4% منهم بشكل يومي. هذه الأرقام تطرح تساؤلًا جوهريًا: من سيلحق بركب المستقبل، ومن سيتخلف؟
الفجوة الرقمية بين الموظف والتقنية
عدم استخدام الذكاء الاصطناعي لا يعني فقط تجاهل أداة تقنية؛ بل يُمكن أن يؤدي مع الوقت إلى فقدان التنافسية، وتراجع فرص الترقية أو التطوير المهني. ومع تزايد اعتماد الشركات على أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف، فإن الموظف الذي لا يتقن استخدام هذه الأدوات قد يصبح، للأسف، عبئًا أكثر من كونه ميزة.
ولعلّ إحدى أكثر النتائج إثارة للاهتمام ما كشفت عنه دراسة حديثة تفيد بأن تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الرواتب تصل إلى 56%، وهو رقم كفيل بأن يعيد تعريف أولويات أي شخص يرغب في تحسين وضعه المهني.
من أين تبدأ؟ خطوات عملية لاكتساب مهارات الذكاء الاصطناعي
1. ابدأ بالدورات المجانية عالية الجودة
من أبرز مميزات هذا العصر أن الوصول إلى مصادر التعلم لم يعد محصورًا في الجامعات أو المؤسسات التقليدية. تقدم مؤسسات مثل OpenAI وAnthropic برامج ودورات مجانية موجّهة للمبتدئين والمحترفين على حد سواء.
- OpenAI Learning Hub: يقدم ورش عمل تفاعلية مع خبراء المجال.
- دورة AI Fluency من Anthropic: مصممة لتعليم المهارات العملية لاستخدام الذكاء الاصطناعي بذكاء، مثل تحديد جودة النتائج، ومعرفة متى تحتاج إلى مراجعة بشرية.
نصيحة: لا تكتفِ بالفيديوهات، بل شارك في المنتديات والأسئلة التطبيقية بعد كل وحدة تعليمية.
2. ابدأ باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في المهام اليومية
لست مضطرًا لأن تكون مبرمجًا أو محلل بيانات. يمكنك البدء باستخدام أدوات مثل:
- ChatGPT لصياغة الرسائل أو تنظيم الأفكار.
- Notion AI أو Google Gemini لتلخيص الاجتماعات.
- Grammarly AI لمراجعة الكتابة وتحسين النصوص المهنية.
- Zapier AI لأتمتة المهام المتكررة.
ابدأ بتطبيق الذكاء الاصطناعي في مهام بسيطة، مثل تلخيص بريد إلكتروني أو إعداد تقرير سريع، ثم طوّر استخدامك تدريجيًا ليشمل مهام أكثر تعقيدًا.
3. تعلم فن صياغة المطالبات (Prompt Engineering)
تخاطب أدوات الذكاء الاصطناعي البشر من خلال أوامر نصية واضحة ومحددة. فبدلًا من كتابة:
“أنشئ لي عرضًا تقديميًا”، اكتب:
“أنشئ عرضًا تقديميًا من 5 شرائح يشرح فوائد التحول الرقمي للمؤسسات الصغيرة، مع أمثلة واقعية”.
- كوِّن مكتبة شخصية من المطالبات التي أثبتت فعاليتها.
- جرّب إعادة صياغة الطلبات بأكثر من طريقة لتحديد الأفضل.
- تابع المجتمعات التي تشارك نماذج مطالبات مجربة وناجحة.
4. انضم إلى المجتمعات التعليمية
المعرفة الجماعية أقوى من التعلم الفردي. ابحث في:
- LinkedIn Groups عن مجتمعات AI لمجال عملك (كالموارد البشرية أو التسويق أو المالية).
- منتديات Reddit وDiscord التي تناقش أدوات بعينها مثل ChatGPT وMidjourney.
- ابدأ مبادرة داخل شركتك لمشاركة المهارات والتجارب المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
5. تابع تطورات الذكاء الاصطناعي أسبوعيًا
خصص وقتًا ثابتًا كل أسبوع (حتى 15 دقيقة) للاطلاع على أدوات جديدة من خلال:
- المدونات التقنية مثل The Rundown AI وTowards Data Science.
- النشرات البريدية الخاصة بـ OpenAI، وAnthropic، وGoogle DeepMind.
- الفيديوهات التعليمية القصيرة على YouTube وTikTok.
التعلم المستمر هو مفتاح النجاة في بيئة مهنية تتغير كل أسبوع.
6. قيّم أثر استخدامك للذكاء الاصطناعي
لا تستخدم الذكاء الاصطناعي فقط لمجرد استخدامه. عليك قياس الأثر، ومن الأمثلة:
استخدم هذه البيانات في تقديم تقييمات أداء أفضل لنفسك، أو حتى في مراجعاتك السنوية مع الإدارة.
7. طوّر مهارات التفكير النقدي والأخلاقي
لا تنخدع بسهولة بما يقوله الذكاء الاصطناعي. بعض المعلومات قد تكون خاطئة أو منحازة. لذلك:
- طوّر مهارة التحقق من النتائج.
- لا تعتمد كليًا على المخرجات دون تدقيق.
- تعرّف على المبادئ الأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، لا سيما في مجالات مثل التعليم، والصحافة، والموارد البشرية.
في النهاية، لن يُلغى دور الإنسان، لكن سيتم تعزيزه. فالموظف الذي يعرف كيف يستفيد من الذكاء الاصطناعي هو من سيقود مستقبل العمل، لا من يخشى منه أو يرفضه. التكنولوجيا لا تنتظر أحدًا، ومن يتقن أدواتها سيكون دومًا في الصدارة.