آخر الأخبار
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الإنترنت: من الإكمال التلقائي إلى تأثيره على وسائل التواصل الاجتماعي

تبنت العديد من الشركات التكنولوجية الكبرى الذكاء الاصطناعي من خلال نماذجها المختلفة مثل “كوبايلوت” من مايكروسوفت و”جيميني” من غوغل و”شات جي بي تي” من “أوبن إيه آي”، التي أحدثت تحولات هائلة في كيفية تفاعل المستخدمين مع الإنترنت. فقد تمكّن الذكاء الاصطناعي من جعل هذه النماذج متاحة للجمهور بعد أن كانت مقتصرة على مختبرات الاختبار، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول كيفية عمل هذه النماذج.
تستند هذه النماذج على تقنية الإكمال التلقائي المتطور، حيث تقوم بتحليل العلاقات الإحصائية بين الكلمات في كميات ضخمة من النصوص لتخمين الجملة أو الفقرة التالية بناءً على النص السابق. وبينما قد يظن البعض أن هذه النماذج تعتمد على قاعدة بيانات ضخمة من الحقائق، فإنها في الواقع تستخدم القدرة على تقديم بيانات “معقولة” قد تكون في بعض الأحيان غير دقيقة، مما يثير مخاوف بشأن مصداقية المعلومات.
وأحد المجالات التي شهدت تحولاً كبيراً بفضل الذكاء الاصطناعي هو إنشاء المحتوى. فمن خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن توليد مقالات، مدونات، ومواد تسويقية بشكل أسرع بكثير مما كان عليه الأمر في السابق. والعديد من الشركات بدأت في اعتماد هذه الأدوات لإنتاج ملخصات الأخبار، وصف المنتجات، وحتى كتابة مقالات كاملة، مما ساعد في نشر كميات ضخمة من المحتوى الموجه عبر الإنترنت.
لكن هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي في كتابة محتوى حقيقي ومؤثر؟ يُطرح هذا التساؤل خاصة في ظل الخوف من الأصالة والمصداقية والتضليل. فعلى الرغم من التقدم الهائل في الذكاء الاصطناعي، فإن القلق يظل قائماً بشأن الاستخدام الأخلاقي لهذه الأدوات، خاصةً في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تزداد المخاوف حول المقالات المضللة والتزييف العميق.
كما أن الذكاء الاصطناعي له تأثير عميق على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، إنستغرام، وإكس، حيث يُستخدم لتنسيق المحتوى وتقديم التوصيات، مما جعل هذه المنصات أكثر جذباً للمستخدمين. ولكن في المقابل، ظهرت مخاوف حول “غرف الصدى” التي تقتصر فيها المعلومات على ما يعزز معتقدات المستخدم فقط، مما يعزز الانحياز ويدعم الاستقطاب.
ويُثير الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في هذه المنصات تساؤلات حول الخصوصية، الانحياز، وإمكانية التلاعب بالمحتوى. ومع تقدم الخوارزميات وقدرتها على التنبؤ بالسلوك البشري، تزداد المخاوف من استخدام هذه التقنية بشكل غير أخلاقي.
مستقبل الإنترنت في عصر الذكاء الاصطناعي:
مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن يتعمق تأثيره على الإنترنت، ليصبح جزءاً أساسياً من البنية التحتية للويب. سيتغير شكل التفاعل بين المستخدمين والمحتوى على الإنترنت، حيث يتلاشى الفرق بين المحتوى البشري والمحتوى المُنشأ بالذكاء الاصطناعي، مما يفتح الباب لفرص ابتكار غير محدودة.
لكن هذا التطور لا يخلو من تحديات، مثل ضمان الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى إدارة تأثيره على الوظائف والمجتمع ككل. ومع تبني هذه التحولات، يمكننا أن نستفيد من الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإبداع البشري والتواصل، مع مراعاة الآثار الأخلاقية لهذه التكنولوجيا.