العملات الرقمية تحت الضغط: مخاطر هبوطية تلوح في الأفق مع تراجع الزخم وضعف الطلب

يواجه سوق العملات الرقمية تحديات كبيرة خلال الفترة الحالية، حيث أشار تقرير حديث صادر عن بنك “جي بي مورجان” (NYSE:JPM) إلى مخاطر هبوطية تلوح في الأفق بسبب تباطؤ الزخم وضعف الطلب. يأتي ذلك بعد فترة من الأداء القوي، حيث بلغت القيمة السوقية الإجمالية للعملات الرقمية ذروتها عند 3.72 تريليون دولار في ديسمبر 2024. إلا أن هذه المكاسب لم تصمد طويلًا، إذ شهد السوق انخفاضًا بنسبة 15% ليصل إلى 3.17 تريليون دولار، مما يعكس انخفاض ثقة المستثمرين في هذا القطاع.

تحذيرات جي بي مورجان من إشارات السوق

يرى محللو “جي بي مورجان” أن هناك إشارات تحذيرية واضحة تأتي من سوق العقود الآجلة، حيث سجلت عقود البيتكوين والإيثيريوم اتجاهًا نحو “التخلف” (Backwardation)، وهو وضع يتم فيه تداول العقود الآجلة بأسعار أقل من الأسعار الفورية. يعد هذا تحولًا سلبيًا، إذ يشير إلى ضعف الطلب من قبل المستثمرين المؤسسيين الذين يعتمدون على العقود الآجلة المنظمة في بورصة شيكاغو التجارية كوسيلة لاكتساب التعرض لهذه العملات الرقمية.

في ظل الظروف الطبيعية، تميل العقود الآجلة للبيتكوين والإيثيريوم إلى التداول بعلاوة فوق الأسعار الفورية، وهي الحالة المعروفة باسم “كونتانجو” (Contango). ويرجع هذا الفارق عادةً إلى ارتفاع أسعار الفائدة على إقراض العملات الرقمية، والتي تتراوح بين 5% و10% سنويًا. ومع ذلك، عندما يبدأ الطلب في التراجع وتتغير توقعات الأسعار إلى السلبية، يتحول منحنى العقود الآجلة إلى الاتجاه المعاكس، مما يعكس ضعف الثقة بالسوق.

أسباب التراجع الحالي في السوق الرقمية

حدد “جي بي مورجان” سببين رئيسيين لتراجع الطلب على العملات الرقمية في الآونة الأخيرة:

1. جني الأرباح من قبل المستثمرين المؤسسيين:
   مع غياب محفزات جديدة على المدى القصير، يبدو أن المستثمرين المؤسسيين قرروا الاستفادة من المكاسب التي تحققت خلال العام الماضي عن طريق تصفية جزء من استثماراتهم. ووفقًا للتقرير، فإن أي مبادرات تنظيمية جديدة لدعم العملات الرقمية قد لا تأتي إلا في النصف الثاني من العام، مما يعني استمرار الضغط الهبوطي على السوق حتى ذلك الحين.
   
2. اضمحلال الزخم وتراجع صناديق التحوط:
   يبدو أن العديد من الصناديق الاستثمارية التي تعتمد على استراتيجيات الزخم بدأت في الانسحاب من السوق، مما أدى إلى فقدان قوة الدفع الصعودية. وقد أكد التقرير أن مؤشر زخم الإيثيريوم قد تحول إلى المنطقة السلبية بالفعل، مما يزيد من احتمالية المزيد من التراجعات السعرية في الفترة المقبلة.
   

التوقعات المستقبلية للعملات الرقمية

على الرغم من أن سوق العملات الرقمية شهد انتعاشًا كبيرًا في عام 2024، فإن التحديات الحالية قد تعيق استمرار هذا الاتجاه الإيجابي في المستقبل القريب. ومع ضعف السيولة وتراجع معنويات المستثمرين، قد يظل السوق تحت ضغوط هبوطية حتى ظهور محفزات جديدة تعيد الثقة للمستثمرين.

يشير محللو “جي بي مورجان” إلى أن الإجراءات التنظيمية والتطورات التكنولوجية المستقبلية قد تلعب دورًا محوريًا في تحديد اتجاه السوق خلال الأشهر المقبلة. وحتى ذلك الحين، يظل المستثمرون بحاجة إلى توخي الحذر في ظل التغيرات السريعة التي تشهدها الأسواق الرقمية.