آخر الأخبار
إيلون ماسك يُعلن عن مشروع لإعادة كتابة “التاريخ البشري” بالذكاء الاصطناعي

في خطوة أثارت موجة واسعة من الجدل والنقاشات، أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عبر منصته “إكس” عن مشروع جديد يهدف إلى إعادة كتابة التاريخ البشري باستخدام الذكاء الاصطناعي، من خلال إعادة تدريب النموذج اللغوي الخاص به المعروف باسم “غروك” (Grok).
وصف ماسك المشروع بأنه محاولة لتقديم “نسخة منقحة ومصححة” من المعرفة البشرية، في خطوة رأى فيها البعض طموحًا تقنيًا مشروعًا، بينما اعتبرها آخرون محاولة خطيرة لإعادة تشكيل المفاهيم التاريخية والثقافية استنادًا إلى معايير ذاتية.
لماذا قرر ماسك “تصحيح” المعرفة البشرية؟
وفقًا لمنشوره، يرى ماسك أن البيانات التي تعتمد عليها نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية تحتوي على “كمّ هائل من القمامة” — على حد وصفه — بما في ذلك أخطاء تاريخية، وانحيازات سياسية، ومعلومات مضللة. ولهذا السبب، يرى أن عملية “إصلاح وتصحيح” تلك البيانات ضرورية لضمان مستقبل معرفي موثوق.
وأعلن عن عزمه تدريب “غروك” على “كوربس جديد من المعرفة البشرية”، أي مجموعة شاملة ومصححة من المقالات، الوثائق، الكتب، والمحتوى الرقمي، بما يتماشى مع ما يعتبره ماسك وفريقه “أكثر دقة وموضوعية”.
مخاوف أخلاقية: هل يعيد التاريخ نفسه؟
هذه التصريحات لم تمر مرور الكرام؛ فقد قارنها عدد من المتابعين والنقاد برواية “1984” الشهيرة لجورج أورويل، والتي تَعرض فيها الرواية dystopian كيف تقوم الأنظمة الشمولية بمراجعة وتعديل السجلات التاريخية باستمرار لإعادة صياغة الواقع والسيطرة على وعي الجماهير.
ففي حين يقدّم ماسك مشروعه بوصفه “تصحيحًا معرفيًا”، يرى آخرون أن ما يقوم به هو تلاعب حذر بالبنية المعرفية للمجتمع، عبر التحكم في نوعية المعلومات التي يتعرض لها المستخدمون من خلال نموذج الذكاء الاصطناعي الذي يبنيه.
“غروك”: وجهة نظر متمردة عن البشرية
ماسك لا يخفي نواياه في جعل “غروك” مختلفًا عن منافسيه مثل ChatGPT. إذ لطالما صرّح بأن نموذجه يعكس “وجهة نظر خارجية، متمردة، وناقمة أحيانًا على الواقع”، مشيرًا إلى أن ذلك يمثل طوق نجاة من “الرقابة السياسية والفكرية” التي يعتقد أن بعض النماذج الأخرى واقعة تحت وطأتها.
ومع ذلك، فإن هذا التوجه أثار تساؤلات كثيرة حول من يحدد ما هو صحيح؟ وما مدى حيادية الفريق الذي يقرر حذف أو تعديل المعلومات التاريخية؟
جدل سابق حول “غروك”
يُذكر أن “غروك” واجه في مايو الماضي أزمة جدلية بعدما أصدر ردودًا مثيرة للريبة حول موضوع “الإبادة البيضاء” في جنوب إفريقيا، وهو مصطلح يستخدم غالبًا من قبل مجموعات متطرفة للترويج لنظريات المؤامرة ذات الطابع العنصري.
وبحسب تقارير، فإن “غروك” كرر هذه المزاعم حتى في سياقات غير مرتبطة، ما فتح باب الانتقادات حول مدى توجيه النموذج أو برمجته على تبنّي رؤى أيديولوجية مسبقة.
التحدي الأكبر: من يمتلك الحقيقة؟
تتجاوز خطورة هذه الخطوة من ماسك مجرد التلاعب بالمعلومات؛ فهي تطرح سؤالًا فلسفيًا عميقًا: هل المعرفة الإنسانية قابلة لـ “المراجعة” من قبل فريق تقني؟
ومَن يحق له أن يقرر ما إذا كانت معلومة ما “خاطئة” أو “ناقصة”؟
في عصر المعلومات، لم تعد السيطرة على مصادر المعرفة وسيلة لتوجيه الأفراد فقط، بل وسيلة لتشكيل الوعي الجمعي وإعادة هندسة الواقع.
مشروع ماسك لإعادة تدريب الذكاء الاصطناعي على “معرفة مصححة” يفتح الباب واسعًا أمام نقاشات متشابكة تتعلق بـ:
- أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
- مصداقية البيانات.
- حرية الوصول إلى المعلومات.
- حدود التدخل البشري في صياغة الحقيقة.
فهل سنشهد مستقبلًا تُكتب فيه المعرفة من جديد بواسطة الخوارزميات؟
أم سيقف المجتمع العلمي والأكاديمي سدًّا منيعًا أمام أي محاولة لإعادة رسم التاريخ بمعايير شخصية؟
الزمن كفيل بالإجابة.