محاكمة أميركية تاريخية: لأول مرة استخدام الواقع الافتراضي كدليل في قضية جنائية

شهدت محكمة أميركية في ولاية فلوريدا سابقة تاريخية، حيث تم استخدام تقنية الواقع الافتراضي لأول مرة كدليل في محاكمة جنائية. القضية التي تم الاستفادة فيها من هذه التقنية هي دعوى قضائية تتعلق بجريمة اعتداء مسلح وقعت في عام 2023، حيث سمح القاضي في المحكمة باستعراض محاكاة رقمية للجريمة لتكون جزءًا من الأدلة المقدمة ضد المتهم.

القضية: اعتداء مسلح في قاعة الزفاف

المتهم في هذه القضية هو ميغيل ألبيسو، الذي يواجه تهمة الاعتداء على ضيوف في قاعة الزفاف التي يمتلكها، حيث استخدم سلاحًا ناريًا ضد عدة أشخاص. ووفقًا لمحامي الدفاع، كان ألبيسو يعتقد أن زوجته وابنه تعرضا لهجوم في تلك القاعة، ما دفعه إلى استخدام السلاح للدفاع عن نفسه وأسرته. وبناءً على ذلك، قدم محامو الدفاع محاكاة افتراضية للمحكمة، بهدف تجسيد الواقعة من وجهة نظر المتهم.

تجربة الواقع الافتراضي: محاكاة الجريمة من وجهة نظر المتهم

في خطوة مبتكرة، طلب محامي الدفاع كين بادويتز من فنان متخصص تصميم محاكاة ثلاثية الأبعاد للجريمة، بحيث يمكن للقاضي وهيئة المحلفين والشهود أن يشاهدوا المشهد من خلال نظارات الواقع الافتراضي “ميتا كويست 2”. كانت المحاكاة مصممة بدقة لتظهر الواقعة كما شاهدها المتهم في تلك اللحظة، مما يتيح لجميع الحضور من داخل قاعة المحكمة التفاعل مع الحدث كما لو كانوا في قلب الموقف نفسه.

وأوضح بادويتز أن المحاكاة تُظهر ما حدث من وجهة نظر المتهم الذي كان محاطًا بعدد من رواد الحفل الذين أوقفوه وحاولوا الاعتداء عليه. وأضاف المحامي: “أمامه كان سيتعين عليه اتخاذ قرار سريع باستخدام سلاحه للدفاع عن نفسه ضد المهاجمين”. ومن أجل تقديم هذا المشهد بشكل دقيق، تم دمج مقاطع الفيديو الحقيقية للواقعة مع الرسوم المتحركة، التي تم تصميمها بعناية لتشمل جميع تفاصيل الحادث.

سابقات قانونية في استخدام الرسوم المتحركة كدليل

يعد محامي الدفاع بادويتز من الشخصيات البارزة في مجال استخدام الرسوم المتحركة كأداة في القضايا الجنائية، فقد كان أول من شهد استخدام الرسوم المتحركة كدليل في قضية جنائية عندما كان مدعيًا عامًا في عام 1992. هذه المرة، استخدم التقنية الحديثة لتوفير تجربة واقعية للقاضي والمحلفين، وذلك لمساعدتهم في اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت الحجة القانونية التي قدمها الدفاع قوية بما فيه الكفاية لمتابعة المحاكمة.

جلسة استماع أولية: قرار القاضي بشأن الاستمرار في المحاكمة

تجربة الواقع الافتراضي أُجريت في جلسة استماع تمهيدية قبل بدء المحاكمة الفعلية، حيث كان الهدف منها هو أن يقرر القاضي ما إذا كانت الأدلة المقدمة كافية للانتقال إلى مرحلة المحاكمة التالية أو ما إذا كان يجب رفض القضية بالكامل. وقد قرر القاضي في نهاية الجلسة أن القضية ستستمر، ومن المتوقع أن تُستأنف جلسات المحاكمة في فبراير المقبل.

التأثير المحتمل على القضاء الأميركي

تعد هذه الخطوة بمثابة تحول كبير في كيفية استخدام التكنولوجيا في الإجراءات القضائية. ففي الوقت الذي تم فيه التوصل إلى استخدام الرسوم المتحركة في القضايا الجنائية قبل أكثر من ثلاثين عامًا، تفتح هذه التجربة الباب أمام استخدام تقنيات الواقع الافتراضي بشكل أوسع في المحاكم الأميركية. هذه التقنية يمكن أن تساعد المحاكم في الحصول على صورة أكثر دقة للوقائع من خلال إعادة بناء الحوادث بشكل مرئي، مما يساهم في تعزيز العدالة واتخاذ قرارات أفضل.

توفر تجربة المحكمة الأميركية في فلوريدا مثالًا هامًا على كيفية تأثير التكنولوجيا الحديثة على النظام القضائي. إذ يُظهر استخدام الواقع الافتراضي في المحاكم قدرة هذه التقنيات على تحويل كيفية تقديم الأدلة والشهادات في القضايا القانونية. ورغم أن هذه التجربة كانت الأولى من نوعها في محكمة أميركية، فإنها قد تفتح الطريق لمزيد من استخدامات الواقع الافتراضي والتقنيات الحديثة في المستقبل لضمان تحقيق العدالة بشكل أكثر دقة وشفافية.