آخر الأخبار
كيف يعزز الذكاء الاصطناعي استجابة الطوارئ وإدارة الأزمات: بين الابتكار والتحديات

الذكاء الاصطناعي وثورة الاستجابة للطوارئ
أصبح الذكاء الاصطناعي أحد الأدوات الأساسية التي تعزز قدرة الوكالات الحكومية والخاصة على التعامل مع حالات الطوارئ والأزمات. فمن خلال تحليل البيانات الضخمة وتوفير رؤى دقيقة في الوقت الفعلي، يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين سرعة الاستجابة واتخاذ القرارات الفعالة في اللحظات الحرجة.
وقد بدأت العديد من وكالات إدارة الأزمات في استخدام أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى تغيير جذري في كيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية، الحرائق، الأزمات الصحية، وحتى حوادث الأمن السيبراني.
الذكاء الاصطناعي كأداة تحليلية في حالات الطوارئ
تُظهر التقنيات الحديثة القائمة على الذكاء الاصطناعي قدرة مذهلة على معالجة البيانات الواردة من مصادر متعددة، مثل الأدوات الجيومكانية، منصات التواصل الاجتماعي، ومكالمات الطوارئ، ما يتيح صورة أكثر وضوحًا للحالة الطارئة.
وفي هذا السياق، قالت إميلي مارتشيلو، مديرة إدارة الطوارئ في مدينة ناشوا بولاية نيو هامبشير الأمريكية، في مقابلة لها مع موقع Forbes:
“لقد رأيت بنفسي كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مجالنا من خلال تعزيز السرعة والوعي واتخاذ القرارات.”
وأشارت إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكنها تحليل البيانات لحظيًا، مما يتيح لفرق الطوارئ تحديد المخاطر بدقة أكبر، ووضع استراتيجيات سريعة وفعالة للاستجابة.
التنبؤ بالكوارث والتخطيط المسبق
من أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي في إدارة الأزمات هو التنبؤ بالظواهر الجوية القاسية والحرائق والأحداث الخطرة. فمن خلال تحليل أنماط الطقس والبيانات الجغرافية، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة مديري الطوارئ في اتخاذ قرارات استباقية لتوزيع الموارد، وتعزيز خطط الإخلاء، وتقليل تأثير الكوارث على السكان.
وأوضحت إميلي مارتشيلو أن نماذج الذكاء الاصطناعي قلّصت وقت التخطيط المسبق بشكل كبير، مما يمنح فرق الطوارئ وقتًا أطول للتركيز على الاستجابة الفعلية والتواصل مع المجتمعات.
اكتشاف الحرائق باستخدام الذكاء الاصطناعي
وفقًا لتقرير نشره موقع Statescoop، أطلقت إدارة مكافحة الحرائق في كاليفورنيا (Cal Fire) في عام 2023 برنامجًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد الحرائق مبكرًا.
ويشمل النظام أكثر من 1,114 كاميرا مثبتة في المناطق المرتفعة، مثل الجبال والتلال، حيث يمكن لهذه الكاميرات إجراء مسح بزاوية 360 درجة كل دقيقتين، ورصد الحرائق حتى مسافة 60 ميلًا في النهار، و120 ميلًا في الليالي الصافية.
دور الذكاء الاصطناعي في تدريب المستجيبين لحالات الطوارئ
لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على المراقبة والتنبؤ، بل يمتد إلى تدريب المستجيبين لحالات الطوارئ من خلال تقنيات المحاكاة الذكية.
وفي هذا الإطار، قال صامويل دوريسون، الرئيس التنفيذي لشركة ReflexAI، في مقابلة مع Forbes:
“من خلال محاكاة سيناريوهات أزمات واقعية، يمكن تدريب المستجيبين في بيئة آمنة لممارسة طرق اتخاذ القرارات المناسبة والتواصل الفعّال.”
وأشار إلى أن هذه التقنية تمنح فرق الطوارئ القدرة على التدريب في أي وقت ومن أي مكان، مما يساعد على صقل مهاراتهم وتعزيز قدرتهم على الاستجابة الفورية للمواقف المعقدة.
الذكاء الاصطناعي: أداة داعمة وليست بديلاً عن العنصر البشري
على الرغم من الإمكانات الكبيرة للذكاء الاصطناعي في مجال الاستجابة للطوارئ، فإنه لا يمكن أن يحل محل العنصر البشري بالكامل. فمديرو الطوارئ يعتمدون عليه كأداة تحليلية قوية، لكنها لا تستطيع اتخاذ قرارات أخلاقية أو التكيف مع المواقف غير المتوقعة كما يفعل البشر.
يستخدم الذكاء الاصطناعي اليوم في أنظمة الإنذار المبكر، مثل:
– اكتشاف الزلازل والطقس القاسي والتلوث البيئي
– دعم عمليات البحث والإنقاذ باستخدام الطائرات المسيرة والروبوتات
– التعامل مع المواد الخطرة بطريقة أكثر أمانًا
ومع ذلك، يظل العامل البشري ضروريًا لتفسير البيانات واتخاذ القرارات الحاسمة بناءً على الخبرة الميدانية.
التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في إدارة الأزمات
رغم فوائده العديدة، يواجه الذكاء الاصطناعي تحديات كبيرة عند استخدامه في الاستجابة للطوارئ، وأبرزها:
1. دقة البيانات والمخرجات: يمكن أن تؤدي أخطاء الذكاء الاصطناعي إلى قرارات غير دقيقة تؤثر على حياة الناس.
2. ضعف آليات التحقق: بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تفتقر إلى آليات التحقق، مما يجعلها عرضة للأخطاء.
3. التردد في تبنيه: على عكس الشركات التجارية، تتردد وكالات الطوارئ في الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي نظرًا للمخاطر المحتملة عند وقوع أخطاء.
مستقبل الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للطوارئ
على الرغم من التحديات، من المتوقع أن يستمر الذكاء الاصطناعي في لعب دور متزايد في تحسين إدارة الأزمات والاستجابة للطوارئ. ومع تطوير تقنيات أكثر دقة وموثوقية، سيتمكن مسؤولو الطوارئ من التعامل مع الكوارث بكفاءة أعلى وتقليل الخسائر البشرية والمادية.
فالذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً عن العنصر البشري، لكنه سيظل أداة دعم حيوية تسهم في إنقاذ الأرواح وتعزيز قدرة المجتمعات على مواجهة الأزمات بكفاءة أكبر.