آخر الأخبار
كيف أعاد خلل برمجي في “ويندوز 11” صوت “فيستا” إلى الواجهة بعد أكثر من 17 عامًا؟

منذ أن بدأ العالم التقني ينتقل بخطى متسارعة نحو المستقبل، نادرًا ما نتوقف لنلتفت إلى الماضي… لكن في بعض الأحيان، يأتي الماضي إلينا حتى لو كان ذلك عن طريق “خطأ برمجي”.
هذا ما حدث مؤخرًا عندما تفاجأ مستخدمو النسخة التجريبية من نظام التشغيل “ويندوز 11” بتغيّر مفاجئ في صوت بدء التشغيل. لم يكن الصوت الجديد غريبًا تمامًا، بل كان مألوفًا بدرجة تثير الحنين إنه صوت نظام التشغيل ويندوز فيستا الذي صدر في عام 2007.
القصة تبدأ من نسخة تجريبية
الحادثة وقعت بعد إطلاق النسخة التجريبية build 26200.5651 من ويندوز 11 عبر قناة Dev Channel ضمن برنامج Windows Insider. وبينما كان المختبرون يقومون بتجربة التحديثات والتحسينات الجديدة، لفت انتباه البعض تغيّر نغمة تشغيل الجهاز.
لم يكن الأمر مجرّد تحديث للصوت، بل إعادة كاملة لصوت الإقلاع الشهير الذي ارتبط بنظام “فيستا”، حيث تم استبدال نغمة ويندوز 11 الحديثة بصوت Vista المخزّن ضمن ملف النظام الشهير imageres.dll.
هذا التغيير المفاجئ دفع العديد من المستخدمين للتساؤل عمّا إذا كانت مايكروسوفت تخطط لعودة مقصودة لهذا الصوت، أو أنها تمزج عناصر الماضي بالمستقبل في تحديثاتها. لكن سرعان ما جاء التوضيح الرسمي.
رد مايكروسوفت: “خلل برمجي غير مقصود”
مايكروسوفت سارعت إلى معالجة الضجة من خلال تدوينة على صفحة التحديثات الخاصة ببرنامج Windows Insider، حيث أكدت أن ما حدث لم يكن إلا خطأ غير مقصود. وجاء في ملاحظات التحديث الرسمية:
“تأتي رحلة هذا الأسبوع مع نفحة من الماضي، حيث يُشغّل صوت إقلاع ويندوز فيستا بدلاً من صوت ويندوز 11. نحن نعمل على إصلاح هذه المشكلة.“
وأضفى براندون لوبلانك، أحد أبرز أعضاء فريق Windows Insider، طابعًا فكاهيًا على الموقف، حين كتب مازحًا عبر حسابه:
“يبدو أن أحد المطورين قرر إعادة ذكريات الماضي عن طريق الدخول إلى ملفات الصوت!“
توقيت مفارِق… ومُثير للاهتمام
الملفت في توقيت هذا الخطأ، أنه جاء بالتزامن مع نقاش محتدم بين المهتمين بمجال تصميم واجهات أنظمة التشغيل، حيث بدأت شركة “أبل” مؤخرًا بالكشف عن واجهة جديدة تُدعى Liquid Glass ضمن نظام iOS 18، والتي وُصفت بأنها مستوحاة من واجهة Aero Glass الزجاجية الشفافة التي ظهرت للمرة الأولى في “ويندوز فيستا”.
هذا التزامن العفوي دفع بعض المتابعين للتساؤل: هل عاد “فيستا” مجددًا إلى الواجهة؟ ولو بطريق الخطأ؟
“فيستا”: بين الفشل التجاري والنجاح البصري
لمن لم يعايش “ويندوز فيستا”، فهو نظام تشغيل أطلقته مايكروسوفت في يناير 2007، ولاقى حينها ردود فعل مختلطة. من جهة، قدّم “فيستا” ثورة في تصميم واجهات الاستخدام من خلال تأثيرات Aero الشفافة، وصوتيات مميزة، وتجربة بصرية أكثر أناقة من سابقه “XP”. لكن من جهة أخرى، واجه النظام انتقادات بسبب أدائه الثقيل ومتطلبات العتاد العالية، فضلاً عن مشاكل في التوافق مع الأجهزة القديمة.
ورغم أنه لم يُحقق النجاح التجاري المتوقع، إلا أن بصمته التصميمية بقيت حيّة في ذاكرة الكثيرين – وهو ما يجعل من صوت تشغيله لحظة استرجاعية مفعمة بالنوستالجيا التقنية.
عودة غير مقصودة… لكنها لاقت ترحيباً من المستخدمين
في ضوء كل ما سبق، يمكن القول إن هذا “الخطأ البرمجي” لم يكن سلبيًا تمامًا. بل إن عددًا كبيرًا من المستخدمين تفاعلوا بإيجابية مع عودة صوت Vista، بل واعتبروها لحظة ممتعة أعادتهم إلى بداية الألفية الجديدة، حيث كانت التكنولوجيا في مرحلة انتقالية، والابتكار يأخذ شكلًا بصريًا وصوتيًا مميزًا.
بعض المطورين اقترحوا حتى أن يتم تضمين أصوات أنظمة مايكروسوفت القديمة في الإعدادات، كخيارات صوتية قابلة للتخصيص، تقديراً للإرث الذي تركته تلك الأنظمة.
ما حدث ليس أكثر من خلل برمجي بسيط في نظام “ويندوز 11″، لكنه كشف شيئًا مهمًا: حتى في عصر الذكاء الاصطناعي وتحديثات السحابة، تبقى الأصوات والرموز القديمة محفورة في ذاكرة المستخدمين.
قد لا يكون “Vista” قد نجح كما أرادت مايكروسوفت، لكنه لا يزال يملك مكانة خاصة لدى محبي التقنية – والصوت وحده كان كفيلاً بإعادة تلك الذكريات.