آخر الأخبار
كيف أصبحت J&T Express واحدة من أكبر شركات التوصيل في العالم؟

في زوايا ضيقة وأزقة متشابكة في مدن جنوب شرق آسيا، حيث يُشكّل الازدحام المروري والبنية التحتية المعقدة تحديًا أمام أي شركة لوجستية، فشلت العديد من الأسماء العالمية، بما في ذلك أمازون، في تحقيق اختراق حقيقي. لكن شركة واحدة غيرت قواعد اللعبة تمامًا، واستطاعت في أقل من عقد أن تتحول من لاعب محلي إلى عملاق توصيل عالمي: J&T Express.
انطلقت الشركة في عام 2015 من العاصمة الإندونيسية جاكرتا على يد المدير التنفيذي السابق في شركة “أوبو”، جيت جي لي، برؤية واضحة: أن تكون منصة لوجستية ذكية تستفيد من الطفرة المتوقعة في قطاع التجارة الإلكترونية الإقليمي. واليوم، تُسجّل الشركة إيرادات تتجاوز 10 مليارات دولار، وتُغطي عملياتها 13 دولة في آسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط.
أدرك مؤسسو J&T Express مبكرًا أن مستقبل التجارة في جنوب شرق آسيا سيكون رقميًا بامتياز، خاصة في ظل النمو المتسارع لمنصات مثل Shopee وTokopedia، إضافة إلى الطموحات العالمية لعمالقة مثل TikTok Shop وShein وTemu.
في ذلك التوقيت، كانت الأسواق الإندونيسية والفلبينية والفيتنامية في مرحلة انتقالية، حيث بدأ المستخدمون بالاعتماد على الهواتف الذكية للشراء عبر الإنترنت، فيما كانت الخدمات اللوجستية لا تزال تقليدية وبطيئة. رأت J&T في هذا الخلل فرصة وليس عائقًا، وبدأت ببناء شبكة واسعة من المستودعات ونقاط التوزيع، مستندة إلى الذكاء الاصطناعي وإدارة دقيقة للبيانات لتحسين الأداء وخفض التكاليف.
بخلاف العديد من الشركات الصينية التي تركز على السوق المحلية، اتبعت J&T Express نهجًا توسعيًا منذ المراحل الأولى، فدخلت أسواقًا مثل المكسيك، البرازيل، السعودية، والإمارات بسرعة مدروسة.
وفي الشرق الأوسط، وقّعت الشركة اتفاقيات مع شركات بارزة مثل “نون” و”سِلا” في المملكة العربية السعودية، ما مكنها من تحقيق اختراق لوجستي في بيئة تتطلب احترافية عالية في إدارة التوصيل في مدن كبرى مثل الرياض وجدة والدمام.
ما يميز J&T Express عن غيرها هو اعتمادها على نموذج الشراكات الإقليمية، حيث تُدار عملياتها في كل دولة بالتعاون مع شركاء محليين يمتلكون الخبرة في الجغرافيا والعادات التجارية، ما يمنحها المرونة والسرعة في التكيف مع المتغيرات.
هذا النموذج ساعد الشركة على ترسيخ وجودها في إندونيسيا، وتوسيع شبكتها في دول مثل فيتنام، ماليزيا، وتايلاند، كما مكنها من الدخول إلى أسواق معقدة مثل المكسيك حيث تختلف التحديات اللوجستية تمامًا عن آسيا.
التكيف مع المنافسة: من Shopee إلى Sephora
ورغم أن شركة Shopee، إحدى أكبر منصات التجارة الإلكترونية في المنطقة، قررت تقليص اعتمادها على J&T في إندونيسيا مؤخرًا، إلا أن الأخيرة قللت من شأن هذا التأثير، مؤكدة أنها تعتمد على تنويع الشركاء وتوسيع شبكتها العالمية.
في هذا السياق، بدأت الشركة في بناء علاقات مباشرة مع علامات تجارية كبرى، من بينها:
- Sephora
- Clarks
- Uniqlo
وذلك لتقليل اعتمادها على منصات الطرف الثالث، وتوسيع نموذج أعمالها نحو خدمات التوصيل المباشر من العلامة التجارية إلى المستهلك.
مع زيادة حجم السوق، بدأت المنافسة تتصاعد، وواجهت J&T Express اتهامات من بعض المنافسين في إندونيسيا باتباع سياسة “تسعير جشعة”. لكن الشركة ردّت بأن أسعارها تعكس وفورات الحجم، الاستخدام الذكي للتقنية، والإدارة الفعالة.
ومع تفكير السلطات الإندونيسية في فرض حد أدنى لأسعار الشحن لحماية المنافسة، يبدو أن الشركة مستعدة للتكيف مع اللوائح الجديدة دون أن تؤثر على قدرتها التشغيلية.
مستقبل التوصيل: ذكاء اصطناعي ومركبات ذاتية القيادة
رغم كل ما حققته، لا تنوي J&T التوقف. بل إنها بدأت بالفعل تجارب في الصين لاستخدام الذكاء الاصطناعي والمركبات ذاتية القيادة في عمليات التوصيل، وهي تقنيات من المتوقع أن تُحدث تحولًا كبيرًا في الصناعة خلال السنوات المقبلة.
وتؤمن الشركة بأن هذه التكنولوجيا ستكون حاسمة في تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، خاصة مع دخول التجارة الإلكترونية مرحلة جديدة من التوسع، لا سيما في الأسواق الناشئة.
- بدأت من سوق ناشئة ومليئة بالتحديات (إندونيسيا)
- استثمرت مبكرًا في التكنولوجيا والخدمات الذكية
- اعتمدت على نموذج شراكة محلية مرن
- واجهت المنافسة بالتحالفات والتوسع العالمي
- استثمرت في المستقبل مبكرًا (الذكاء الاصطناعي)
وسط سوق لوجستية متغيرة، واستراتيجيات متباينة بين المنصات والمتاجر الإلكترونية، تبدو J&T Express اليوم كواحدة من أكثر شركات التوصيل جاهزية لمواكبة المستقبل، مهما كانت التحديات القادمة.