آخر الأخبار
في تحدٍ لـ Netflix: منصات البث المحلية في الشرق الأوسط تشهد نمواً متسارعاً وتوسعاً في قاعدة المشتركين

في السنوات القليلة الماضية، برزت خدمات البث المحلي في الشرق الأوسط كمنافس فعلي لعمالقة البث العالميين مثل Netflix، مدفوعةً بتغيرات في سلوك الجمهور، وارتفاع الطلب على المحتوى المحلي، والتحول الرقمي المتسارع. وبينما كانت Netflix اللاعب الأبرز في الساحة لسنوات، فإن المنصات الإقليمية مثل شاهد، StarzPlay Arabia، وWatch It بدأت تفرض نفسها بقوة، مكتسبةً شريحة كبيرة من السوق.
تحوّل في سلوك المشاهد العربي
يعيش المشاهد العربي اليوم تجربة ترفيهية أكثر تنوعاً وتخصصاً. يبحث الكثيرون عن محتوى يعكس ثقافتهم، لغتهم، وتجاربهم اليومية، وهو ما لم تكن منصات عالمية قادرة على تقديمه بشكل كافٍ. هذا ما فتح الباب أمام المنصات المحلية لاقتناص الفرصة وتقديم محتوى يعكس هوية المشاهد العربي.
من المسلسلات الخليجية إلى الدراما المصرية، والمحتوى الوثائقي المرتبط بالمنطقة، باتت المنصات المحلية أكثر قدرة على إنتاج محتوى يلبي رغبات الجمهور، سواء في رمضان أو على مدار العام.
أسعار تنافسية وخطط اشتراك مرنة
واحدة من أبرز النقاط التي ساعدت المنصات المحلية على النمو هي تقديمها خطط اشتراك مرنة تناسب مختلف الفئات، بأسعار أقل من المنافسين العالميين. فعلى سبيل المثال، توفر بعض المنصات اشتراكات يومية أو أسبوعية تناسب المستخدمين الذين لا يرغبون بالارتباط بخطط طويلة الأمد.
كما أن بعض الخدمات أصبحت تقدم عروضاً مدمجة مع شركات الاتصالات، مما سهل على المستخدمين الوصول إلى المحتوى دون الحاجة لإدخال بطاقات دفع إلكترونية أو إجراءات معقدة.
استثمار في المحتوى الأصلي والمحلي
أدركت المنصات العربية أن المفتاح الرئيسي للنجاح هو الاستثمار في المحتوى الأصلي. فقد أطلقت “شاهد” العديد من الأعمال الأصلية الناجحة مثل رشاش والوصية، وحققت نسب مشاهدة قياسية، مما رفع من قيمة المنصة وأثبت قدرتها على منافسة Netflix التي لطالما تميّزت بإنتاجاتها الأصلية.
كما أن وجود فرق إنتاج محلية وفهم أعمق للذوق العربي ساعد على إنتاج محتوى أكثر واقعية وقرباً من الجمهور، على عكس بعض الإنتاجات العالمية التي قد لا تلقى صدى واسعاً في المنطقة.
شراكات إستراتيجية وتوسّع إقليمي
العديد من منصات البث المحلية بدأت بتوسيع عملياتها خارج بلدانها الأصلية. فقد عقدت بعض المنصات شراكات مع شركات إنتاج في تركيا، الهند، وحتى كوريا الجنوبية، بهدف تقديم محتوى متنوع مع الحفاظ على الهوية الإقليمية.
إضافة إلى ذلك، فإن بعض المنصات بدأت تبني أدوات ذكاء اصطناعي وتقنيات تحليل بيانات لفهم سلوك المستخدم بشكل أدق، وتقديم توصيات محتوى مخصصة، تماماً كما تفعل Netflix.
التحول الرقمي وزيادة الوصول للإنترنت
أحد العوامل الأساسية في هذا النمو هو التحسن الكبير في البنية التحتية الرقمية في دول الخليج وشمال أفريقيا. فمع انتشار الإنترنت عالي السرعة وتغطية شبكات الجيل الخامس (5G)، بات الوصول إلى خدمات البث أسهل وأسرع، حتى في المناطق الريفية.
كما أن الأجهزة الذكية باتت أكثر انتشاراً، ما سهّل على العائلات والأفراد متابعة برامجهم المفضلة من أي مكان وفي أي وقت.
لم تعد خدمات البث في الشرق الأوسط تكتفي بدور المتفرج أو المقلد، بل بدأت فعلياً تقود مساراً جديداً في صناعة الترفيه الرقمية. وبينما تستمر Netflix في مواجهة تحديات على المستوى العالمي، يبدو أن المشهد الإعلامي في الشرق الأوسط يتجه نحو المزيد من الاستقلالية والتنوع.
ومع استمرار دعم الحكومات للقطاع الإبداعي، وزيادة الاستثمارات في المحتوى المحلي، فإن مستقبل خدمات البث في المنطقة يبدو مشرقاً ومليئاً بالفرص.