آخر الأخبار
هل روبوت “أوبتيموس” من تسلا مناسب للعمل الصناعي؟ وجهة نظر معاكسة من قائد الفريق السابق للتطوير

في وقتٍ تتسابق فيه شركات التكنولوجيا الكبرى نحو إرساء واقع جديد يعتمد على الروبوتات البشرية في القطاعات الصناعية والخدمية، برزت تصريحات مثيرة للجدل من أحد أبرز المطورين السابقين في شركة تسلا، يشكك فيها بجدوى استخدام روبوت الشركة الشهير “أوبتيموس” (Optimus) في البيئات الصناعية واللوجستية.
ففي مقابلة مع موقع Business Insider، أعرب كريس والتي، قائد الفريق السابق المسؤول عن تطوير روبوت “أوبتيموس”، عن شكوك عميقة تجاه ملاءمة هذا الروبوت للاستخدام العملي في المصانع والمخازن، موضحًا أن هذه التقنية – رغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي تحيط بها – لا تزال بعيدة عن تلبية المتطلبات الواقعية لهذه البيئات من حيث السرعة والكفاءة والاعتمادية.
روبوت أوبتيموس: طموح تسلا الجامح نحو الأتمتة البشرية
بدأت قصة “أوبتيموس” في أغسطس 2021، عندما أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، عن مشروع طموح يهدف إلى تصميم روبوت بشري متعدد الاستخدامات قادر على تنفيذ المهام “المملة أو الخطرة” بدلاً من البشر.
وخلال السنوات اللاحقة، عرضت تسلا عدة نماذج أولية للروبوت، ظهرت في فعاليات مختلفة، من أبرزها مؤتمر “We Robot” الذي أقيم في ديسمبر 2024. ورغم أن العروض أثارت انبهار الجمهور، فإن تحقيقات لاحقة كشفت أن الروبوتات لم تكن تعمل بشكل مستقل، بل كانت تُدار عن بعد بواسطة فرق بشرية، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى نضج التكنولوجيا فعلياً.
الانتقادات من الداخل: كريس والتي يُعلن رأيه الصريح
من المثير للاهتمام أن الانتقادات لم تأت من جهة خارجية، بل من أحد أبرز المسؤولين السابقين عن تطوير روبوت Optimus. وقال “كريس والتي” في حديثه إن الروبوت ببساطة ليس مؤهلاً بعد للعمل في بيئات تتطلب سرعة ودقة عالية مثل المصانع والمخازن.
وأضاف:
“الغالبية العظمى من أعمال النقل والتجميع في البيئات الصناعية تعتمد على السرعة العالية. وببساطة، روبوتات أوبتيموس ليست سريعة بما يكفي لتكون فعالة عمليًا في مثل هذه المهام.”
“والتي”، الذي غادر تسلا في عام 2022، أسس شركة جديدة تدعى “Mytra” تعمل على تطوير روبوتات نقل تشبه بلاطات أرضية ذكية، مزودة بأجزاء مغناطيسية أو ميكانيكية مثبتة على الأرض. ويعتقد أن هذا النهج “أكثر عملية وكفاءة” من الروبوتات البشرية، نظرًا لأنه يتجنب قيود التصميم البشري كالمدى الحركي الكبير وسرعة الاستجابة المحدودة.
ماسك ما زال يؤمن.. وتسلا ماضية في خطتها
على الرغم من التشكيك الذي أبداه والتي، إلا أن إيلون ماسك لا يزال متمسكًا برؤيته الكبرى، بل وأكثر حماسة من أي وقت مضى. ففي أكثر من مناسبة، صرّح ماسك بأنه يؤمن بأن مستقبل تسلا سيتجاوز السيارات الكهربائية ليصبح في الأساس “شركة روبوتات”، ويتوقع أن يكون في كل منزل روبوت “أوبتيموس” شخصي خلال السنوات المقبلة.
بل وذهب أبعد من ذلك حين قال إن انتشار الروبوتات البشرية قد يرفع قيمة شركة تسلا إلى أكثر من 25 تريليون دولار. وأكد في آخر تصريحاته أن أوبتيموس سيبدأ العمل فعليًا داخل مصانع تسلا قبل نهاية عام 2025.
جدل قائم.. هل الروبوت البشري هو الحل الصناعي الأمثل؟
المسألة ليست مجرد خلاف شخصي أو تنافس شركات، بل تعكس جدلًا أوسع في الأوساط التقنية حول جدوى الروبوتات البشرية في البيئات الصناعية مقارنة بالأنظمة الميكانيكية المتخصصة.
من ناحية، توفر الروبوتات البشرية مرونة وقدرة على التأقلم مع بيئات مصممة أساساً للبشر، دون الحاجة لإعادة تصميم البنية التحتية للمصانع. لكن من ناحية أخرى، يرى خبراء مثل والتي أن “الروبوتات المتخصصة” أسرع، وأرخص، وأكثر كفاءة، لأنها لا تقيّد نفسها بشكل الجسم البشري، ولا تحتاج لمدى حركي واسع أو بنية حركية معقدة.
روبوتات بشرية في مصانع كبرى: شركات تثق بها رغم الجدل
في المقابل، يبدو أن آراء والتي لم تردع شركات عالمية كبرى عن المضي قدمًا في خططها لاعتماد الروبوتات البشرية. فمؤخرًا:
- أعلنت شركة GXO Logistics – إحدى كبرى شركات الخدمات اللوجستية في العالم – عن تعاونها مع Agility Robotics للحصول على روبوتات “Digit”، وهي روبوتات بشرية مصممة للعمل في المخازن.
- تُعد Amazon من أوائل الشركات التي اختبرت “Digit” في مستودعاتها في عام 2023، واعتبرت التجربة واعدة.
- شركة BMW بدورها أكدت أنها ستبدأ باستخدام روبوتات بشرية داخل مصنعها في سبارتانبورغ بولاية ساوث كارولينا الأميركية قريبًا.
المسافة ما زالت طويلة بين الخيال والواقع
رغم التقدّم التقني اللافت، فإن الروبوتات البشرية لا تزال تواجه تحديات كبيرة على مستوى البرمجة، القوة، سرعة الحركة، والاستهلاك الطاقي، ما يجعل تطبيقها في البيئات الصناعية الواسعة محدودًا أو مشروطًا. وقد تستمر المنافسة بين منهجين: الروبوت البشري العام مثل أوبتيموس، والروبوت المتخصص المصمم خصيصاً لمهام محددة، كما تفعل Mytra.
ربما تُظهر السنوات القادمة من هو الأجدر بقيادة ثورة الأتمتة في الصناعة: الروبوتات البشرية أم الأنظمة المتخصصة؟ ولكن الأكيد أن العالم يقف على أعتاب تغيير كبير سيُعيد تعريف القوى العاملة، ليس فقط في المصانع، بل في المنازل والشركات أيضًا.