آخر الأخبار
“مانوس”.. الذكاء الاصطناعي الذي يغير قواعد اللعبة الرقمية

في مشهد يعيد إلى الأذهان لحظة صعود نموذج الذكاء الاصطناعي DeepSeek، انطلق وكيل الذكاء الاصطناعي العام “مانوس” (Manus) في الخامس من مارس الجاري، ليُحدث صدمة لجمهور ومتخصصي سوق الذكاء الاصطناعي، كأول وكيل رقمي متكامل قادر على إنجاز المهام نيابة عن المستخدمين على الإنترنت باستقلالية كاملة.
جاءت هذه الضجة بعدما نشر مطورو “مانوس” مقطع فيديو استعراضي على موقعه الإلكتروني، ما أثار اهتماماً هائلاً داخل مجتمع الذكاء الاصطناعي في الصين. وأظهر الفيديو قدراته المتطورة في تنفيذ مهام معقدة في العالم الحقيقي، متجاوزاً بذلك الحدود التقليدية للنماذج السابقة التي تقتصر على تقديم إجابات نصية فقط.
قدرات “مانوس”.. ما الذي يجعله مختلفاً؟
تم تطوير “مانوس” من قِبل فريق غير معروف من المطورين، بدعم من مستثمرين صينيين، ويعد نموذجاً متقدماً للذكاء الاصطناعي العام، قادرًا على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام العملية بدقة وفعالية غير مسبوقة.
🔹 إنشاء المواقع الإلكترونية: يستطيع “مانوس” بناء مواقع إلكترونية كاملة بدءاً من اختيار القالب المناسب، ثم تصميم الهيكل، وإضافة المحتوى بطريقة احترافية، وصولاً إلى إطلاق الموقع النهائي، ما يجعله أداة قوية لأصحاب الأعمال ورواد المشاريع الناشئة.
🔹 تخطيط الرحلات السياحية: يمكنه جمع معلومات حول الرحلات الجوية المتاحة، واقتراح أفضل خيارات الطيران، وتحديد الفنادق المناسبة حسب الميزانية والموقع، بالإضافة إلى وضع جدول زمني يشمل المعالم السياحية والأنشطة الترفيهية والمطاعم.
🔹 تحليل الأسهم والاستثمارات: يتمتع “مانوس” بقدرات تحليلية متقدمة في مجال المال والأعمال، حيث يمكنه جمع البيانات التاريخية حول أداء أسهم الشركات الكبرى مثل تسلا، ومقارنتها مع شركات منافسة مثل Nio وBYD، لتقديم توقعات مالية تستند إلى نماذج تحليل البيانات.
🔹 الاستشارات المالية والتأمين: لديه القدرة على تحليل وثائق التأمين المختلفة، ومقارنة شروطها وأسعارها ومدى شمولية التغطية، ما يساعد المستخدمين على اتخاذ قرارات مالية مدروسة.
🔹 المجال التعليمي: يمكن لـ”مانوس” مساعدة المعلمين في إعداد دورات تفاعلية، وإنشاء اختبارات ذكية، وتحليل أداء الطلاب، مما يجعله أداة قيمة في تطوير التعليم الرقمي الحديث.
🔹 التوظيف وإدارة الموارد البشرية: يستطيع تحليل مئات السير الذاتية، وتحديد المرشحين الأكثر تأهيلاً بناءً على معايير محددة، ما يُسهم في تسهيل عملية التوظيف وتحسين كفاءة إدارة الموارد البشرية.
اهتمام عالمي واسع وارتفاع في أسعار الدعوات
حظي “مانوس” باهتمام واسع في قطاع التكنولوجيا، خاصة مع تطبيق نظام الدعوات الحصري لاستخدامه، ما أدى إلى ارتفاع أسعار أكواد الدعوة الخاصة به على الإنترنت. ووفقًا للتقارير، تراوحت أسعار هذه الأكواد بين 10,000 و100,000 يوان صيني (ما يعادل 1,379 إلى 13,791 دولاراً أميركياً)، وهو ما يعكس الطلب الهائل على هذه التقنية المتطورة.
يرى محللون أن إطلاق “مانوس” يمثل لحظة تحول في عالم الذكاء الاصطناعي، تُشبه لحظة إطلاق ChatGPT في 2022، والتي غيرت معايير التكنولوجيا الرقمية بشكل جذري.
من هو العقل المدبر وراء “مانوس”؟
يقف خلف “مانوس” الشاب الصيني شياو هونغ (Xiao Hong)، البالغ من العمر 33 عاماً، وهو خريج جامعة هواجونج للعلوم والتكنولوجيا، إحدى أبرز المؤسسات الأكاديمية في الصين.
بدأ شياو مسيرته المهنية بتأسيس شركة Nightingale Technology، حيث طور عدة أدوات ذكاء اصطناعي لتحسين الإنتاجية، مثل Yi Ban Assistant وWei Ban Assistant، والتي جذبت أكثر من مليوني مستخدم.
وفي 2022، أطلق شركته الدولية Monica AI، التي ركزت على تطوير مساعد ذكاء اصطناعي متطور للأسواق العالمية. وبعد تحقيق نجاح كبير، غادر شياو المشروع في ديسمبر 2024 للتركيز على تطوير “مانوس”، الذي يُعتبر تتويجًا لخبراته في بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي.
“مانوس” في مواجهة المنافسين الكبار
رغم تفوق “مانوس” في عدة جوانب، فإنه يواجه منافسة شرسة من عمالقة التكنولوجيا، أبرزهم:
🔹 OpenAI: أعلنت عن مشروع وكيلها الرقمي Operator، الذي يهدف إلى تقديم مساعد شخصي ذكي قادر على أداء المهام عبر الإنترنت بطريقة مستقلة.
🔹 Google: تستعد لإطلاق عدة وكلاء أذكياء، مثل Project Mariner، الذي سيعمل داخل متصفح كروم، ويُتوقع أن يقدم تجربة متكاملة لمستخدمي الإنترنت.
🔹 Anthropic وMistral: تعمل هذه الشركات الناشئة على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي عام يمكنها محاكاة التفكير البشري بطرق أكثر تطوراً من أي وقت مضى.
التحديات التي تواجه “مانوس”
رغم قدراته المتطورة، لا يزال “مانوس” يواجه تحديات كبيرة، أبرزها:
🔸 الأمان والخصوصية: مع ازدياد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المهام اليومية، تزداد المخاوف بشأن كيفية تخزين البيانات وحماية خصوصية المستخدمين.
🔸 التنظيمات الحكومية: قد تواجه الشركة المطورة عقبات قانونية وتنظيمية، خاصة مع تزايد الاهتمام العالمي بوضع ضوابط لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
🔸 التكامل مع الأدوات الأخرى: يحتاج “مانوس” إلى تحسين تكامله مع المنصات الرقمية المختلفة ليكون أكثر عملية وفائدة للمستخدمين.
مستقبل “مانوس”.. هل يغير قواعد اللعبة؟
مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، يبدو أن “مانوس” لديه القدرة على إحداث تأثير واسع النطاق في عدة قطاعات، بما في ذلك التمويل، والتعليم، والتجارة الإلكترونية، وإدارة الأعمال.
وفي ظل المنافسة المتزايدة، من المحتمل أن يعمل فريق “مانوس” على تطوير ميزات إضافية، مثل دعم الوسائط المتعددة، وتحسين التكامل مع التطبيقات المختلفة، وتعزيز قدرة الوكيل على التعلم الذاتي.
إذا تمكن “مانوس” من التغلب على تحدياته الحالية، فقد يصبح أحد أكثر وكلاء الذكاء الاصطناعي تأثيراً خلال السنوات القادمة، مما يعيد تعريف طريقة تفاعل المستخدمين مع التكنولوجيا في العصر الرقمي الجديد.