آخر الأخبار
مارك زوكربيرج وعودة “فيسبوك الأصلي”: هل ستنجح ميتا في استعادة جاذبية الشباب؟

جلس مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، أمام المستثمرين، معلنًا عن خطة جريئة تهدف إلى إعادة إحياء “فيسبوك الأصلي”. في ذلك اليوم، كشف عن طموح كبير لشركته: العودة إلى الجذور، والرجوع إلى الطريقة التي كان يُستخدم بها فيسبوك في بداياته.
بدأت القصة منذ أكثر من عقد من الزمن، عندما كان فيسبوك المنصة التي أسرت قلوب الجميع. كانت الشباب هم الأبطال الذين ملؤوا صفحاتها. لكن الزمن تغير، والشباب بدأوا ينفضون أيديهم من فيسبوك، ويبحثون عن تطبيقات جديدة، وخصوصًا تيك توك، الذي أصبح هو الوجه الأبرز بين فئة الجيل زد. ومع تقلص حضور فيسبوك بين هذه الفئة، بدأت ميتا ترى التحدي يقترب، ولا بد من التفكير في خطة جديدة لاستعادة الهيبة.
العودة إلى الجذور: هل يكفي ذلك؟
عندما تحدث زوكربيرج في جلسة مع المستثمرين، كان الحديث واضحًا: فيسبوك بحاجة إلى العودة إلى “فيسبوك الأصلي”، إلى النسخة التي كانت تعتبر فريدة من نوعها، حيث كان المستخدمون يشعرون بنوع من الحصرية. لكنه كان يعلم تمامًا أن مجرد العودة إلى الماضي لن يكون كافيًا. كانت الفكرة تتطلب استثمارًا هائلًا في تطوير المنصة لتواكب احتياجات اليوم، ومع ذلك حذر من أن هذه التغييرات قد تؤثر على الإيرادات في المدى القريب.
“الفكرة ليست فقط في إرجاع فيسبوك كما كان، بل في جعله أكثر تأثيرًا ثقافيًا مما هو عليه اليوم”، قال زوكربيرج. وهذه الكلمات لم تكن مجرد وعود؛ بل كانت رؤية شركة كبيرة تصارع من أجل المستقبل.
التحدي الأكبر: الشباب والجذب من جديد
بينما كانت ميتا تفكر في استراتيجيتها، كان الواقع يعكس تحديًا هائلًا. كانت الجيل زد، الذين كانوا في يوم من الأيام جزءًا أساسيًا من فيسبوك، يبتعدون عنه لصالح منصات جديدة مثل تيك توك. استطلاع Pew Research لعام 2024 كشف الحقيقة المرة: من 71% من المراهقين الأمريكيين الذين كانوا يستخدمون فيسبوك في عامي 2014 و2015، إلى 33% فقط اليوم.
وبينما كانت ميتا تحاول مواكبة هذه التغيرات، كانت المنصات الجديدة تظهر في الأفق. Mastodon و Bluesky، منصات التواصل الاجتماعي التي تركز على الخصوصية و التحكم بالبيانات، بدأت تكتسب شهرة بين المستخدمين. هذه المنصات تعتمد على بروتوكولات مفتوحة تمنح المستخدمين السيطرة على بياناتهم، بعيدًا عن هيمنة الشركات الكبرى.
خطوات ميتا الأخيرة: محاولات للبقاء على الساحة
في خطوة لمحاولة مواكبة الجيل الجديد، أطلقت ميتا في أكتوبر 2024 تصميمًا جديدًا لفيسبوك، مستهدفةً بشكل خاص الجيل زد. التركيز كان على المحتوى المحلي، مقاطع الفيديو، والمجموعات. ومع ذلك، كانت هذه التحديثات غير كافية لتحقيق التحول الكبير في جذب المراهقين الذين كانوا قد اختاروا منصات أخرى كمنزل رقمي لهم.
وفي خطوة أخرى، أطلقت ميتا في عام 2020 منصة “Campus”، التي كانت مخصصة للطلاب الجامعيين، محاكاةً للفترة التي كان فيها فيسبوك يُعتبر “حصريًا”. ولكن لم يكن هناك حظ، فقد تم إغلاق المنصة بعد عام ونصف فقط بسبب ضعف الإقبال. كان هذا بمثابة جرس إنذار لميتا بأن القيم التي كانت تعزز شعور الحصرية لا تملك نفس التأثير الآن.
المستقبل: الذكاء الاصطناعي أمل جديد؟
وفي الوقت الذي كانت فيه ميتا تواجه هذا التحدي الكبير، بدأت الشركة في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، على أمل أن تساعد هذه الأدوات في تحسين تجربة المستخدم وجذب الجيل زد. كانت الذكاء الاصطناعي الأمل الجديد لتحسين تخصيص المحتوى، وجعل فيسبوك أكثر جذبًا للمستخدمين، خصوصًا بعد تحول الاهتمام إلى منصات تقدم لهم تجارب أكثر تخصيصًا.
هل ستنجح ميتا في استعادة جاذبيتها؟
بين التحديات العديدة، يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل ستتمكن ميتا من استعادة مكانتها الريادية في عالم التواصل الاجتماعي؟ العودة إلى “فيسبوك الأصلي” قد تكون خطوة جريئة، لكنها لا تزال تحتاج إلى مزيد من الابتكار و المخاطرة من ميتا. بينما تواصل المنافسة من منصات مفتوحة تحاول إعادة تعريف كيفية استخدام الإنترنت والخصوصية، تحتاج ميتا إلى أن تكون أسرع وأذكى لتلبية احتياجات الجيل زد.
يظل فيسبوك أحد أعظم المشاريع التي تم إطلاقها في عالم التكنولوجيا، ولا يزال يحمل بداخله إمكانات كبيرة. قد تكون رحلة العودة طويلة، لكنها بالتأكيد ستكون واحدة من أكثر القصص إثارة في مجال التكنولوجيا.