آخر الأخبار
روسيا تطلق تطبيق “ماكس” الذكي لمنافسة عمالقة التكنولوجيا

أعلنت السلطات الروسية مؤخرًا عن إطلاق تطبيق ذكي جديد يحمل اسم “ماكس”، في خطوة يُنظر إليها على أنها تمثل تحولًا استراتيجيًا في توجهات موسكو الرقمية. ويُروّج للتطبيق على أنه “مساعد شخصي خارق”، قادر على تقديم مجموعة واسعة من الخدمات تشمل المحادثة، البحث، الوصول إلى الوثائق الحكومية، حجز المواعيد، ودفع الفواتير من خلال منصة واحدة.
خلفية سياسية وتقنية: تعزيز السيادة الرقمية
ويأتي هذا التطور في ظل تسارع التوجه الروسي نحو تعزيز “السيادة الرقمية”، وتقليل الاعتماد على الشركات والمنصات التكنولوجية الغربية، خاصة بعد التوترات الجيوسياسية والعقوبات المتزايدة التي طالت قطاعات مختلفة من الاقتصاد الروسي، بما في ذلك قطاع التكنولوجيا.
تطبيق متكامل متعدد الوظائف
التطبيق الجديد “ماكس” طوّرته وزارة التنمية الرقمية الروسية بالتعاون مع شركات تكنولوجيا محلية، ويهدف إلى أن يكون بديلاً محليًا لتطبيقات عالمية مثل Google Assistant وChatGPT وSiri. ويقول المسؤولون إن التطبيق صُمّم ليكون متكاملاً مع البنية الرقمية الروسية، ويخضع بالكامل للرقابة المحلية، ما يمنحه ميزة في الخصوصية والأمان مقارنةً بالمنصات الأجنبية.
محرك لغوي محلي وخدمات حكومية فورية
واحدة من الميزات الأساسية التي يقدمها “ماكس” هي قدرته على التفاعل بلغة طبيعية مع المستخدم، من خلال نموذج لغوي كبير تم تدريبه على بيانات روسية المصدر. يستطيع التطبيق الإجابة عن الأسئلة، تنفيذ الأوامر، تذكير المستخدم بالمواعيد، تقديم توصيات، وحتى تسهيل الوصول إلى خدمات حكومية مثل إصدار الوثائق الرسمية أو دفع الضرائب.
سياق أوسع: روسيا وبناء منظومة رقمية محلية
يرى مراقبون أن هذا التحرك يندرج ضمن سياسة روسية أوسع تسعى إلى بناء بيئة رقمية مغلقة أو مستقلة نسبيًا عن الغرب، وهو اتجاه باتت تتبعه دول أخرى أيضًا، وسط تزايد المخاوف من اختراقات البيانات أو الهيمنة التقنية من شركات خارجية.
هل ينجح “ماكس” في منافسة عمالقة التكنولوجيا؟
مع أن التطبيق لا يزال في مراحله الأولى، فإن الحكومة الروسية تأمل أن يتحوّل “ماكس” إلى أداة مركزية في حياة المواطنين الرقمية. وقد تم دمجه بالفعل مع بوابة “خدمات الدولة”، ما يتيح للمستخدمين إنجاز عدد كبير من الإجراءات الإدارية بسهولة.
ومع ذلك، فإن نجاح التطبيق سيعتمد على عدة عوامل، من بينها مدى تطور الذكاء الاصطناعي المستخدم، ومدى استجابة المواطنين الروس لهذا البديل المحلي، بالإضافة إلى قدرته على التطور والتحديث المستمر لمجاراة المنصات العالمية من حيث الدقة، التفاعل، وسهولة الاستخدام.
مشروع استراتيجي يتجاوز التقنية
لا يُعد “ماكس” مجرد تطبيق ذكي فحسب، بل هو جزء من مشروع استراتيجي واسع يعكس رغبة موسكو في السيطرة على فضائها الرقمي، وتحقيق استقلالية تقنية تجعلها أقل عرضة للضغوط الخارجية. ومن خلال إطلاق هذا النوع من التطبيقات، تؤكّد روسيا على التزامها ببناء منظومة رقمية كاملة داخل حدودها الجغرافية والقانونية.
يبقى نجاح “ماكس” مرهونًا بجودته التقنية وتجاوب المستخدمين معه، ولكن من الواضح أن روسيا تراهن عليه كأحد أهم مفاتيح المستقبل الرقمي المستقل في البلاد. وإذا نجح في نيل ثقة المواطنين، فقد يشكّل نموذجًا لدول أخرى تبحث عن بدائل محلية في عالم يسوده التنافس الرقمي والقطيعة التقنية بين الشرق والغرب.