آخر الأخبار
روبوت “موفي ميت” من ميتا: محاولة مبتكرة لإعادة الحياة لدور السينما أم تشتيت غير محسوب؟

لطالما دفع مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، المستخدمين إلى التفاعل النشط مع هواتفهم الذكية، سواء عبر خاصية “بوك” الشهيرة (والمهجورة لاحقاً) على فيسبوك أو عبر دعم منصات الفيديو القصير مثل “ريلز” على إنستغرام. لكن هذه المرة، يبدو أن الشركة قررت أن تدفع بهذا التفاعل خطوة أبعد… إلى قلب صالات السينما.
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أطلقت “ميتا” روبوت دردشة جديد يحمل اسم “موفي ميت” (Movie Mate)، مصمم خصيصًا ليُستخدم أثناء مشاهدة الأفلام داخل قاعات السينما. الفكرة تتمثل في التفاعل مع الجمهور في أثناء العرض من خلال رسائل نصية على الهاتف المحمول، تتضمن معلومات خفيفة، طرائف، وأسئلة مرتبطة بالفيلم، ما يُشبه تجربة مشاهدة جماعية ممتعة ومليئة بالحوارات التفاعلية.
وبحسب موقع Fast Company، تراهن “ميتا” على أن هذا الابتكار سيُعيد الجمهور – وخاصة الشباب – إلى مقاعد دور العرض، التي شهدت تراجعًا في الإقبال خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد جائحة كوفيد-19.
جرى أول اختبار للروبوت يوم الأربعاء الماضي في صالات مختارة بالتعاون مع شركة الإنتاج السينمائي “بلوم هاوس” (Blumhouse)، المشهورة بأفلام الرعب والإثارة منخفضة الميزانية وعالية العائد.
الفيلم المختار كان “M3GAN”، وهو قصة رعب تتمحور حول روبوت ذكاء اصطناعي يصبح عدوانيًا بشكل متصاعد — اختيار يبدو مقصودًا وربما ساخرًا، بالنظر إلى أن التفاعل يتم مع روبوت داخل القاعة، أثناء عرض فيلم عن روبوت خارج السيطرة.
في بداية العرض، طلبت ممثلة من شركة “بلوم هاوس” من الحضور استخدام هواتفهم، قائلة:
“أعلم أن هذا يبدو غريباً، لكن أرجوكم أخرجوا هواتفكم”.
وهو ما شكل مفارقة كبيرة في عالم السينما، حيث يُعد استخدام الهاتف عادةً محرمًا ثقافيًا قد يزعج الجمهور أو يفسد التجربة البصرية.
ردود أفعال متباينة… وغالبًا سلبية
رغم النوايا الطموحة، لم تكن التجربة ناجحة بالشكل المتوقع. فبحسب تقرير نيويورك تايمز، فإن الجمهور تفاعل في البداية بحماسة، لكن سرعان ما طغى الشعور بالانزعاج والتشتيت. إحدى الحاضرات أشارت إلى أنها شعرت بالحماس في البداية لكنها أغلقت التطبيق بعد دقائق وفضلت التفاعل معه بعد نهاية الفيلم.
أما محرر من مجلة فارايتي، فقد وصف التجربة بأنها “غير متزامنة وغير قادرة على إجراء حوار حقيقي”، مشيرًا إلى أن الجمهور تجاهل الرسائل في أغلب الأوقات. وكانت خلاصته قاطعة:
“فشل ذريع.”
لا يمكن فهم هذه التجربة بمعزل عن السياق الاقتصادي. فصناعة السينما الأمريكية لا تزال تحاول التعافي من آثار الجائحة، حيث بلغت مبيعات التذاكر عام 2023 نحو 8.6 مليار دولار، وهي أقل بكثير من 11 مليار دولار في عام 2019.
ويبدو أن الشركات تبحث عن أي وسيلة – حتى لو كانت غير تقليدية – لإعادة الجمهور إلى القاعات. لكن يبدو أن الجمع بين العزلة الرقمية والتجربة الجماعية قد لا ينجح دائمًا.
ابتكار في غير محله؟
من الناحية التقنية، لا يمكن إنكار جرأة “ميتا” في طرح تجربة جديدة تحاول دمج الواقع الرقمي بالتجربة السينمائية التقليدية. ولكن في المقابل، تواجه هذه المبادرة تساؤلات مهمة:
- هل استخدام الهاتف في قاعة السينما يُحسّن التجربة أم يُشتتها؟
- هل يمكن دمج التفاعل الرقمي مع الفن البصري دون التأثير على الانغماس في القصة؟
- وهل الجمهور – خاصة من عشاق السينما – مستعد لتقبل هذا النوع من الابتكار؟
قد يكون “موفي ميت” مجرد تجربة أولى قد تتطور في المستقبل، وربما تصبح أكثر ذكاءً وتزامنًا مع مشاهد الفيلم، لكن في الوقت الراهن، يبدو أن المتعة الحقيقية للسينما لا تزال تكمن في الظلام، وفي الصمت، وفي التركيز الكامل على الشاشة.