آخر الأخبار
روبوت “موكسي”: هل التكنولوجيا في خدمتنا أم نحن في خدمتها؟

في خطوة صادمة للكثير من الأطفال وأسرهم في الولايات المتحدة، أعلنت شركة “إيمبوديد” المتخصصة في التكنولوجيا عن قرارها بوقف دعم روبوت “موكسي”، الذي أطلقته في عام 2020. الروبوت، الذي كان يمثل رفيقًا ذكيًا للأطفال بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح فجأة مجرد جهاز إلكتروني بلا قيمة بعدما قررت الشركة إيقافه بسبب صعوبات مالية. هذا القرار لا يثير القلق بشأن مصير روبوت واحد فقط، بل يعكس ظاهرة أوسع في عالم التكنولوجيا، حيث أصبح المستهلكون يواجهون مشكلات كبيرة تتعلق بالاستهلاك الرقمي.
الروبوت موكسي: مزيج من الذكاء الاصطناعي والرفقة للأطفال “موكسي” هو روبوت صغير مصمم للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات. بحجم 15 بوصة فقط، تم تزويده بوجه بشري على شكل شاشة، مما يجعله قادرًا على إظهار مجموعة متنوعة من الانفعالات. يمكن للروبوت أن يلعب الألعاب الكلامية، ويسرد النكات، ويطرح الأحاجي، بل ويستجيب لمشاعر الأطفال من خلال التعرف على الصوت والانفعالات باستخدام كاميراته المدمجة. هذا التفاعل الذكي كان بمثابة جسر تواصل بين الأطفال وعالم التكنولوجيا المتقدم، حيث يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب محادثة شيقة وملهمة.
قرار وقف الدعم: تكرار لمشاكل التكنولوجيا الحديثة رغم أن الروبوت “موكسي” قد حقق نجاحًا ملموسًا خلال سنواته الأولى في السوق، إلا أن الأوقات العصيبة التي مرّت بها شركة “إيمبوديد” كانت حتمًا سببا في اتخاذ القرار بوقف الدعم. في ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلنت الشركة أنها ستوقف تقديم الدعم التقني للروبوت بهدف تقليص التكاليف. وقد شكل هذا القرار صدمة كبيرة للأهالي الذين عبّروا عن أسفهم الكبير بعد أن ارتبط أطفالهم بهذا الصديق الآلي خلال السنوات الماضية.
أزمة جديدة في صناعة التكنولوجيا قرار إيقاف روبوت “موكسي” جاء بعد سلسلة من قرارات مشابهة لشركات تكنولوجيا أخرى مثل أمازون وسبوتيفاي، التي توقفت عن دعم منتجات كانت تروج لها لفترة قصيرة فقط. في سبتمبر 2023، أوقفت أمازون تشغيل روبوت “أسترو” بعد أن طرحته في الأسواق بـ 2499 دولارًا، ليصبح في النهاية جهازًا غير قابل للاستخدام. وفي مثال آخر، أوقفت شركة سبوتيفاي جهاز “كار ثينج” في ظل تزايد الانتقادات بسبب فشلها في الوفاء بتوقعات المستهلكين.
هل أصبحنا نملك التكنولوجيا أم تملكنا؟ هذه القرارات تشير إلى واقع مرير تواجهه صناعة التكنولوجيا الحديثة، حيث تتجه الشركات إلى نماذج أعمال تشبه “تأجير الأجهزة”. فمع زيادة الاعتماد على البرمجيات السحابية والذكاء الاصطناعي، تصبح الأجهزة مثل “موكسي” مجرد خدمات تتطلب اشتراكات شهرية وتحديثات منتظمة. وعندما تتوقف الشركات عن تقديم الدعم أو تخرج من السوق، يصبح الجهاز الذي دفع المستهلكون فيه مئات الدولارات مجرد قطعة من الخردة.
المخاطر والحقوق الاستهلاكية يتزايد القلق حول حماية حقوق المستهلكين في ظل هذه التوجهات. فقد أبدت جماعات حقوق المستهلك، مثل مؤسسة “إلكترونيك فرونتير” (إي فيكسيت)، اعتراضاتها على هذه الممارسات، مطالبة السلطات الرقابية بالتدخل. وتدعو هذه الجماعات إلى وضع قوانين تضمن للمستهلكين أن المنتجات الإلكترونية، بما في ذلك الروبوتات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ستظل تعمل بشكل موثوق، حتى في حال توقف الشركات عن تقديم الدعم أو حتى توقف الاتصال بالإنترنت.
التحديات المستقبلية في عالم التكنولوجيا ما يحدث مع روبوت “موكسي” قد يكون مجرد بداية لمجموعة من التحديات التي سيواجهها مستهلكو التكنولوجيا في السنوات القادمة. فالتطور السريع للتكنولوجيا يعنى أن العديد من الأجهزة التي نشتريها اليوم قد تصبح غير قابلة للاستخدام غدًا، وهو ما يعيد فتح النقاش حول ملكية التكنولوجيا في عصر الذكاء الاصطناعي، وضرورة وضع قوانين حماية فعّالة تضمن استدامة هذه الأجهزة وتلبية احتياجات المستهلكين لفترات أطول.
تتضح معالم هذه الظاهرة بشكل متزايد: التكنولوجيا لم تعد مجرد منتج يمتلكه الفرد، بل أصبحت خدمة مرتبطة بعوامل خارجية يمكن أن تنتهي في أي لحظة. ومثال “موكسي” يثير تساؤلات عميقة حول ما إذا كنا بالفعل نملك التكنولوجيا أم أن التكنولوجيا هي من تملكنا وتتحكم في حياتنا اليومية.