آخر الأخبار
ماسك يُغامر بمليارات الدولارات لبناء مستقبل الذكاء الاصطناعي

في مشهد بات يتكرّر مع الشركات التي تقود ثورة الذكاء الاصطناعي، تبرز شركة xAI التي أسسها رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك كمثال حيّ على طموحات ضخمة تُموَّل بخسائر أكبر.
فوفقًا لتقارير مالية حديثة، تستعد الشركة لخسارة تتجاوز 13 مليار دولار في عام 2025 وحده، رغم أنها لم تُكمل عامين منذ تأسيسها. ومع ذلك، تأمل xAI أن تُحدث انقلابًا في قطاع الذكاء الاصطناعي وأن تبدأ في تحقيق أرباح ملموسة بحلول عام 2027، معتمدة على مواردها الفريدة وصلات ماسك العالمية.
إنفاق شهري بمليار دولار… ونماذج لم تكتمل بعد
تشير التقارير إلى أن شركة xAI تستهلك ما يقارب مليار دولار شهريًا، في وقتٍ ما تزال فيه إيراداتها محدودة للغاية. وتُعزى هذه النفقات الهائلة إلى تسارع عمليات تطوير نماذجها اللغوية المتقدمة، وعلى رأسها روبوت الدردشة الشهير Grok، والذي تسعى الشركة إلى جعله منافسًا حقيقيًا لنماذج مثل ChatGPT وClaude.
ووفقًا لمطلعين على بيانات الشركة الداخلية، فإن جزءًا كبيرًا من هذا الإنفاق يذهب نحو إنشاء مراكز البيانات، وشراء معالجات متقدمة (مثل شرائح H100 من NVIDIA)، بالإضافة إلى بناء البنية التحتية الرقمية اللازمة لتشغيل وتدريب النماذج اللغوية الضخمة.
فجوة تمويلية ضخمة.. وجهود مكثفة لسد العجزولمواجهة هذا النزيف المالي، تعمل xAI حاليًا على جمع 9.3 مليار دولار عبر مزيج من الطروحات الاستثمارية والديون، بحسب ما ورد في وثائق عُرضت على المستثمرين.
لكن اللافت، كما أشارت المصادر، أن الشركة تخطط لإنفاق أكثر من نصف هذا المبلغ خلال الربع الأول فقط بعد جمع التمويل، ما يعكس وتيرة الصرف السريعة التي تعتمدها xAI في سعيها لبناء أساس تقني متين.
تتوقع الشركة أن تبلغ عائداتها هذا العام حوالي 500 مليون دولار فقط، وهو رقم ضئيل مقارنة بتوقعات الخسارة البالغة 13.3 مليار دولار، ما يُظهر أن النفقات تفوق الدخل بأكثر من 25 ضعفًا.
وعلى الرغم من أن الإيرادات من المتوقع أن ترتفع إلى 2 مليار دولار في 2026، إلا أن xAI ستستمر بالخسارة – وإن بوتيرة أقل – بنحو 8.4 مليار دولار. ولن تتمكن الشركة، بحسب خططها، من تحقيق الربحية الفعلية إلا بحلول عام 2027، حيث تستهدف حينها تسجيل أرباح صافية بقيمة 2 مليار دولار على إيرادات تتجاوز 5.4 مليار دولار.
الرهان على الاستقلال والبنية التحتية الخاصة
بعكس بعض منافسيها الذين يستأجرون البنية التحتية والخوادم من مزودي خدمات سحابية، تعتمد xAI على بنية تحتية خاصة تدفع ثمنها بالكامل، ما يمنحها سيطرة أكبر على الموارد، وإن كان ذلك بتكلفة عالية.
وقد أتاح لها الارتباط الوثيق مع منصة X (تويتر سابقًا)، التي يملكها ماسك أيضًا، الوصول إلى مخزون كبير من الشرائح وأرشيف بيانات ضخم يمكن استخدامه لتدريب نماذجها، ما قد يوفّر بديلًا عن شراء مجموعات بيانات مكلفة.
ويأمل ماسك وفريقه أن يُترجم هذا الاستثمار الضخم إلى ميزة تنافسية طويلة الأمد، تُقلّص الاعتماد على الأطراف الخارجية وتسرّع تطوير تقنيات متقدمة.
رغم التقييم الضخم الذي حصلت عليه xAI – والذي قفز من 51 مليار دولار نهاية 2024 إلى 80 مليار دولار بحلول الربع الأول من 2025 – إلا أن الشركة لا تزال بعيدة من حيث العائدات عن منافسيها الكبار.
فعلى سبيل المثال، OpenAI، التي طورت ChatGPT، تتوقع عائدات تقارب 12.7 مليار دولار خلال عام 2025، بينما لا تزال xAI تجهد لتجاوز حاجز 500 مليون دولار هذا العام.
ومع ذلك، فإن شهرة ماسك وشبكة علاقاته الواسعة، بالإضافة إلى سمعته كرائد في مجالات مثل السيارات الكهربائية والفضاء، لا تزال تجذب المستثمرين. فشركة مثل تسلا، التي واجهت خسائر متواصلة في بداياتها، تحوّلت لاحقًا إلى عملاق تقني يغيّر شكل الصناعة.
وفقًا للبيانات التي حصل عليها المستثمرون، جمعت xAI حتى يونيو 2025 ما مجموعه 14 مليار دولار من الاستثمارات في شكل أسهم.
وتخطط حاليًا لإتمام جولة تمويل جديدة بقيمة 4.3 مليار دولار، بالإضافة إلى جمع 6.4 مليار دولار أخرى خلال العام المقبل. كما تسعى الشركة للحصول على 5 مليارات دولار في شكل ديون، بمساعدة بنك الاستثمار مورغان ستانلي.
وستُستخدم هذه الأموال – جزئيًا – في تمويل تطوير مراكز البيانات الخاصة بها، التي تعتبر عنصرًا محوريًا في خطة الشركة لتوسيع قدراتها التكنولوجية. كما أبلغت xAI المستثمرين أنها تتوقع استرداد 650 مليون دولار من أحد مورديها، في خطوة قد تخفف بعض الضغط المالي على المدى القصير.
تسير xAI في طريق محفوف بالتحديات، فبين ارتفاع الإنفاق وبطء العائدات، تعتمد الشركة بشكل كبير على ثقة المستثمرين في رؤية ماسك المستقبلية وفي وقتٍ تتوقع فيه OpenAI الوصول إلى تدفقات نقدية إيجابية في 2029، تطمح xAI لتحقيق ذلك بعد عامين فقط، مدفوعة بإستراتيجيتها الطموحة في السيطرة على كل جزء من سلسلة القيمة، من البيانات إلى البنية التحتية.
لكن رغم كل هذا، يبقى نجاح xAI مرهونًا بقدرتها على تحويل استثماراتها الضخمة إلى نموذج عمل مربح، وإثبات أن استراتيجيتها في حرق الأموال السريع ستؤتي ثمارها قبل أن تنفد خيارات التمويل.