آخر الأخبار
نتفليكس تُحدث ثورة في تجربة المشاهدة عبر الذكاء الاصطناعي: محرك بحث “ذكي” يفهمك كما يفعل صديقك المقرّب

في عالم تتسارع فيه التطورات التقنية ويتزايد فيه اعتماد المستخدمين على منصات البث الرقمي لتلبية احتياجاتهم الترفيهية، تسعى نتفليكس إلى إحداث نقلة نوعية في طريقة استكشاف المحتوى. هذه المرة، عبر إطلاق إحدى أكثر ميزاتها طموحًا حتى الآن: محرك بحث مدعوم بالذكاء الاصطناعي قادر على فهم نوايا المستخدمين والتفاعل معهم بأسلوب يشبه إلى حد بعيد الحديث مع صديق مقرّب يعرف أذواقهم بدقة.
الميزة الجديدة، التي تم تطويرها بالتعاون مع شركة OpenAI الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تعتمد على تقنيات متقدمة لمعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، مما يُتيح للمستخدمين التخلي عن الأساليب التقليدية للبحث مثل إدخال اسم الفيلم أو الممثل، واستبدالها بطلبات لفظية أكثر تلقائية وإنسانية.
فعلى سبيل المثال، يستطيع المستخدم أن يكتب: “أبغى مسلسل يخليني أضحك بعد يوم طويل في الشغل”، ليقوم النظام على الفور بترشيح محتوى متوافق مع الحالة المزاجية، والأذواق الشخصية، وحتى السياق العاطفي وراء هذا الطلب.
وقد أوضحت المتحدثة باسم نتفليكس، مو مو زو، في تصريحات لموقع “ذا فيرج”، أن الخاصية الجديدة متاحة حالياً بشكل تجريبي لعدد محدود من المستخدمين في أستراليا ونيوزيلندا، وتحديداً على أجهزة iOS. وتعمل الشركة على تقييم ردود الفعل والأداء، مع خطط مستقبلية لتوسيع نطاق التجربة لتشمل الولايات المتحدة خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فيما لم يتم تحديد موعد رسمي لإتاحتها على أنظمة التشغيل الأخرى مثل أندرويد أو منصات التلفاز الذكي.
نقلة نوعية في تجربة التصفح والاكتشاف
يتزامن هذا التطور مع جهود نتفليكس الأوسع لإعادة تصميم واجهتها الرئيسية على أجهزة التلفاز، في أول تغيير جذري يُجرى على البنية المرئية للمنصة منذ أكثر من عشر سنوات. وقد أعلن عن هذا التغيير المدير التنفيذي المشارك، جريج بيترز، خلال مكالمة مناقشة نتائج الربع الأول لعام 2025، مشيراً إلى أن التحسينات في التوصيات وتخصيص تجربة المشاهدة تُعد من أولويات الشركة في هذه المرحلة.
وأوضح بيترز أن القدرة على تقديم توصيات أدق تُسهم في تعزيز القيمة المقدّمة للمستخدمين، وتزيد من فرص اكتشاف المحتوى المتنوع الذي تحتضنه مكتبة نتفليكس، مما يدفع بالمزيد من المشاهدات ويُطيل من وقت التفاعل على المنصة.
الذكاء الاصطناعي التوليدي يدخل بقوة
من المعروف أن نتفليكس كانت من أوائل المنصات التي اعتمدت على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتطوير أنظمة التوصية الخاصة بها، بناءً على سجل المشاهدة وسلوك المستخدم. إلا أن الميزة الجديدة تمثل قفزة نوعية نحو استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تُستخدم نماذج لغوية متطورة لفهم السياق العاطفي واللغوي، وتمييز النوايا خلف الطلبات.
وبحسب تقديرات تقنية، فإن النظام يعتمد على تحليل شامل للغة التي يستخدمها المشاهدون، بما يشمل تفريغًا دقيقًا للنصوص الحوارية داخل مقاطع الفيديو، وتصنيفها ضمن مشاهد معينة، وربطها بكلمات مفتاحية أو مشاعر. هذه التقنية تشبه إلى حد كبير ما تطبقه جوجل حاليًا داخل محرك البحث في Google Drive، حيث يمكن البحث داخل الفيديوهات باستخدام وصف صوتي مستخرج من المقطع نفسه.
إطلاق تجريبي واختياري
رغم الإمكانات الضخمة التي تعد بها هذه الخاصية، إلا أن نتفليكس تسير بحذر في عملية طرحها، حيث تتوفر حالياً كخيار “اختياري” ضمن إعدادات الحساب (opt-in)، مما يدل على أن الميزة لا تزال في مرحلة التجربة الأولية. وتهدف الشركة من خلال هذه المرحلة إلى جمع الملاحظات وتقييم أداء النظام قبل تعميمه عالمياً.
وكان الرئيس التنفيذي المشارك في نتفليكس، تيد ساراندوس، قد أكد في تصريحات سابقة أن الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً عن العنصر البشري في صناعة المحتوى، بل سيكون أداة دعم تُسهم في تحسين جودة العمل الإبداعي، وهو موضوع لا يزال يثير نقاشات حادة في الأوساط السينمائية، خصوصًا في هوليوود.
نتائج مالية تعكس النجاح
ويأتي هذا التوجه في إطار استراتيجية أوسع أثبتت نجاحها، حيث أعلنت نتفليكس عن تسجيل نمو بنسبة 12.5% في إيراداتها خلال الربع الأول من عام 2025، لتصل إلى 10.54 مليار دولار، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. هذا النمو يُعزى إلى تزايد الاشتراكات، وتحسينات في تقنيات البث والتوصيات، وتوسع نتفليكس في استخدام التكنولوجيا لتحسين تجربة المستخدم.