آخر الأخبار
أكثر من خُمس مستخدمي الإنترنت في السعودية يعتمدون على الذكاء الاصطناعي

تشهد المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تحولًا رقميًا واسع النطاق، يُعد من بين الأسرع على مستوى المنطقة والعالم. ويأتي هذا التحول في إطار رؤية المملكة 2030، التي تضع الابتكار والتقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، في مقدمة أولوياتها التنموية. وقد انعكس هذا التوجه في نمو متسارع في البنية التحتية الرقمية، وتزايد ملحوظ في تبني الأفراد والمؤسسات للتقنيات المتقدمة، ما أدى إلى إحداث نقلة نوعية في مختلف القطاعات.
وفي هذا السياق، أصدرت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تقريرها السنوي (إنترنت السعودية 2024)، الذي يُعد مرجعًا رئيسيًا لمؤشرات الإنترنت وسلوك المستخدمين في المملكة. وقد سلط التقرير الضوء على تطور ملحوظ في اعتماد تطبيقات الذكاء الاصطناعي بين مستخدمي الإنترنت، حيث بلغت نسبة المستخدمين الذين باتوا يعتمدون على هذه الأدوات 21.5%، ما يعكس وعيًا متزايدًا وإدراكًا لأهمية هذه التكنولوجيا في مختلف مجالات الحياة.
وعي تقني متنامٍ بين فئات المجتمع.. الفئة الشابة تقود المشهد
كشف التقرير أن الفئة العمرية بين 20 و29 عامًا تمثل الشريحة الأكثر استخدامًا لأدوات الذكاء الاصطناعي بنسبة بلغت 27.3%، وهي نسبة تُظهر مدى اندماج هذه الفئة في عالم التقنية، وسعيها لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة حياتها اليومية، سواء في التعليم، أو العمل، أو حتى الترفيه.
تليها الفئة العمرية من 10 إلى 19 عامًا بنسبة استخدام وصلت إلى 26.4%، وهو ما يعكس تبنيًا مبكرًا من قبل الجيل الناشئ لهذه التقنيات، خاصة في بيئات التعلم الرقمي، والتطبيقات الإبداعية، ما يعزز من قدراتهم ويؤهلهم لقيادة مستقبل رقمي أكثر تطورًا.
أما بالنسبة للفئات العمرية الأكبر سنًا، فقد أظهرت البيانات انخفاضًا تدريجيًا في نسبة الاستخدام، لتصل إلى 6.2% فقط لدى من تتجاوز أعمارهم 60 عامًا. هذا الفارق الكبير يسلط الضوء على أهمية العمل على سد الفجوة الرقمية، من خلال إطلاق مبادرات توعوية وتدريبية تستهدف كبار السن، لتمكينهم من الاستفادة من التقنيات الحديثة وتحقيق شمول رقمي على مستوى كافة الشرائح العمرية.
الذكاء الاصطناعي ينتشر جغرافيًا.. وتبوك في الصدارة
لم تقتصر نتائج التقرير على التحليل العمري فحسب، بل شملت أيضًا التوزيع الجغرافي لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لتُظهر أن هذا التبني لم يعد حكرًا على المدن الكبرى. فقد تصدرت منطقة تبوك القائمة بنسبة استخدام بلغت 30%، تلتها منطقة الرياض بـ27.7%، ثم المنطقة الشرقية بنسبة 26.4%، ومنطقة القصيم بنسبة 25.7%.
تعكس هذه الأرقام مدى الجاهزية الرقمية للبنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، كما تُظهر نجاح الجهود الحكومية في نشر التقنيات المتقدمة على نطاق واسع، وتوفير خدمات رقمية متطورة لجميع المواطنين والمقيمين، بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية.
تنوع التطبيقات وسهولة الوصول.. عوامل دعم رئيسية للتحول الرقمي
أحد العوامل الرئيسية التي عززت استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في المملكة هو توفر مجموعة واسعة من التطبيقات التي تلبي مختلف احتياجات المستخدمين. وقد أشار التقرير إلى أن هذا التنوع يشمل:
- تطبيقات الترجمة الذكية: التي تساعد في كسر حواجز اللغة وتسهيل التواصل.
- المساعدات الافتراضية: التي توفر الدعم في تنظيم المهام اليومية وتحسين الإنتاجية.
- برامج توليد المحتوى: التي تفتح المجال للإبداع وإنتاج النصوص والصور والفيديوهات.
- أنظمة تحليل البيانات: التي تُستخدم على نطاق واسع في الشركات والمؤسسات لاستخلاص رؤى استراتيجية تدعم اتخاذ القرار.
هذا التنوع، إلى جانب سهولة الوصول إلى هذه الأدوات عبر الإنترنت، ساهم في رفع معدلات الاستخدام، وشجّع الأفراد والمؤسسات على استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في تحسين تجاربهم وخدماتهم.
تقرير إنترنت السعودية.. مرآة سنوية للتحول الرقمي
يُعتبر تقرير (إنترنت السعودية 2024) أحد أهم الإصدارات التي ترصد ملامح التقدم الرقمي في المملكة، وتصدره هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية بهدف قياس سلوك المستخدمين، وتحديد أبرز الاتجاهات التقنية، مما يجعله أداة قياس فعالة لدعم اتخاذ القرارات ووضع السياسات المستقبلية.
كما يُشكل التقرير دعامة معرفية تساعد على فهم الواقع الرقمي المتغير في المملكة، وتحديد التحديات والفرص، ما يُعزز من جاهزية المجتمع السعودي للمنافسة في الاقتصاد الرقمي العالمي، ويؤكد ريادة المملكة في تبني وتوظيف أحدث التقنيات.