آخر الأخبار
شراكة بين هيئة النقل وأوبر تقود مستقبل النقل الذكي في السعودية

في خطوة استراتيجية نوعية تعكس طموحات المملكة العربية السعودية في ريادة التحول الرقمي وتبني أحدث تقنيات النقل المستقبلي، أعلنت الهيئة العامة للنقل عن توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية مع شركة “أوبر تكنولوجي” (Uber Technologies) – الشركة العالمية الرائدة في تكنولوجيا التنقل – تهدف إلى إدخال المركبات الذاتية القيادة إلى السوق السعودي، وذلك قبل نهاية عام 2025. وتم توقيع هذه الاتفاقية المهمة برعاية معالي المهندس صالح بن ناصر الجاسر، وزير النقل والخدمات اللوجستية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للنقل.
وتأتي هذه الشراكة في إطار رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى إعادة تشكيل منظومة النقل في المملكة، وتحقيق قفزات نوعية في مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزوار، عبر تسخير التقنيات المتقدمة في سبيل تطوير قطاع نقل ذكي، مستدام، وآمن.
حفل التوقيع والتعاون بين قادة القطاع
شهدت العاصمة السعودية الرياض توقيع مذكرة التفاهم بين الطرفين، على هامش أعمال منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي، والذي يُعد منصة دولية تجمع بين صناع القرار في مجالات الاقتصاد والتقنية والنقل. وقد مثّل الهيئة العامة للنقل في مراسم التوقيع معالي الدكتور رميح بن محمد الرميح، رئيس الهيئة، فيما وقّع عن شركة “أوبر” السيد دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي العالمي للشركة.
ويعكس هذا التعاون رغبة مشتركة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص في المملكة لتعزيز مفهوم التنقل الذكي، وتحقيق نقل آمن وفعال من خلال استخدام حلول الذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة في قيادة المركبات بدون سائق.
تفاصيل المشروع: التشغيل التدريجي للمركبات الذاتية القيادة
وفقاً لما تضمنته الاتفاقية، فإن أولى مراحل تشغيل المركبات الذاتية القيادة ستبدأ قبل نهاية عام 2025، من خلال تقديم خدمات النقل عبر تطبيق “أوبر”، وبالتعاون مع مزودي خدمات النقل داخل المملكة. وستُنفّذ هذه المرحلة التجريبية تحت إشراف مباشر من الهيئة العامة للنقل، وستشمل وجود مشغّلين داخل المركبات لضمان سلامة الركاب والتدقيق على جودة الأداء.
وتحرص الهيئة على أن يتم هذا الإطلاق التدريجي بشكل مدروس يراعي أعلى المعايير العالمية في مجال السلامة والجودة، بما يتيح تقييم تقني وتشغيلي شامل قبل التوسع الواسع النطاق للخدمة.
الاستفادة من البنية الرقمية المتقدمة لشبكة “أوبر”
تُعد شركة “أوبر” من أبرز شركات النقل التشاركي في العالم، وتملك شبكة تقنية متقدمة تعتمد على تحليل البيانات وتوجيه المركبات الذكي وخدمات الطلب الفوري. وستسهم هذه الشراكة في الاستفادة من البنية الرقمية العالمية المتطورة التي تمتلكها الشركة، لتقديم حلول نقل ذكية وفعالة، مع إمكانية التوسع التدريجي لتغطية عدد أكبر من المناطق والمدن في المملكة.
كما تسعى الهيئة العامة للنقل من خلال هذه الشراكة إلى تمكين البيئة التنظيمية والقانونية اللازمة لدخول هذه التقنية إلى السوق السعودي، مع فتح المجال أمام التعاون مع شركاء آخرين متخصصين في تقنيات المركبات ذاتية القيادة.
رؤية المملكة 2030: خارطة طريق نحو نقل أكثر تطوراً
يتكامل هذا المشروع مع أهداف الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والتي تمثل أحد محاور رؤية السعودية 2030. وتعمل هذه الإستراتيجية على إعادة تعريف قطاع النقل كعنصر تمكين رئيسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تقليل الاعتماد على المركبات التقليدية، وتقليص الانبعاثات، وتحسين جودة الحياة في المدن، وتوفير حلول تنقل مستدامة وشاملة لجميع الفئات.
ويُتوقع أن يسهم إدخال المركبات الذاتية القيادة في تقليل الحوادث المرورية المرتبطة بعنصر الخطأ البشري، وتوفير خيارات مرنة وآمنة، وتقليل الضغط على البنية التحتية الحالية من خلال توزيع أكثر كفاءة لحركة النقل.
أشارت الهيئة العامة للنقل إلى أن السلامة تمثل حجر الزاوية في هذه المبادرة، حيث يعمل فريق مشترك من الهيئة وشركة أوبر على تطوير إطار تنظيمي متكامل يضمن تطبيق أعلى معايير السلامة في كل مرحلة من مراحل المشروع. كما يتم العمل على تدريب الكوادر الوطنية وتمكينها من التعامل مع التقنيات الحديثة، مما يعزز من نقل المعرفة وبناء القدرات في هذا القطاع الحيوي.
وأكد معالي الدكتور رميح بن محمد الرميح أن هذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسيرة المملكة نحو تحقيق أهدافها الطموحة، مضيفاً: “نسعى في الهيئة العامة للنقل إلى تقديم نموذج عالمي في مجال النقل الذكي، ونتطلع إلى أن تكون المملكة من أوائل الدول التي تعتمد تقنيات القيادة الذاتية بشكل فعّال وآمن”.
تُعد هذه الشراكة خطوة أولى نحو مشاريع أوسع نطاقاً في مجال النقل الذكي، حيث تعكف المملكة على بناء منظومة نقل متكاملة تشمل المركبات الذاتية، وخدمات النقل التشاركي، والبنية التحتية الداعمة، والمدن الذكية التي تعتمد على تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي.
وتمثل الاتفاقية مع “أوبر” نموذجاً يُحتذى به في التعاون بين القطاع الحكومي وشركات التقنية العالمية، وتؤكد أن المملكة تضع الابتكار والتطور التقني في صميم رؤيتها لمستقبل النقل الحضري.
وبهذه الخطوة، تُثبت المملكة أنها تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، حيث لا تكتفي بمواكبة التطورات العالمية، بل تسعى إلى قيادتها.