آخر الأخبار
تراجع عمليات البحث على جوجل داخل سفاري لأول مرة منذ 22 عامًا

في شهادة مثيرة ضمن قضية الاحتكار الفيدرالية الجارية ضد شركة جوجل في الولايات المتحدة، كشف “إيدي كيو”، نائب الرئيس الأول لقطاع الخدمات في شركة آبل، عن **تراجع تاريخي في عدد عمليات البحث باستخدام محرك جوجل داخل متصفح سفاري خلال الشهر الماضي، وهو ما وصفه بأنه لم يحدث منذ أكثر من عقدين.
هذا التراجع المفاجئ يعكس تغيّرًا جوهريًا في سلوك المستخدمين، ويدق ناقوس الخطر حول مستقبل نموذج البحث التقليدي الذي كانت تهيمن عليه جوجل لعقود، خاصة مع بروز أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي كبدائل جديدة وسريعة.
20 مليار دولار على المحك: كيف يؤثر هذا التراجع على آبل؟
لطالما استفادت آبل من شراكتها الاستراتيجية مع جوجل، حيث تتلقى جزءًا من عائدات الإعلانات الناتجة عن عمليات البحث عبر سفاري، والمتصفح الافتراضي على ملايين أجهزة آيفون وآيباد.
وبحسب تقارير صحفية، فإن هذه العائدات تُقدّر بنحو 20 مليار دولار سنويًا، وهي تمثل جزءًا كبيرًا من إيرادات آبل في قطاع الخدمات، الذي يُعدّ من أكثر أقسامها نموًا في السنوات الأخيرة.
من هنا، فإن أي انخفاض في عدد عمليات البحث يعني خسارة مالية مباشرة لشركة آبل، وهو ما دفع “كيو” إلى التعبير عن قلقه الشديد بقوله: *”هذا التراجع أفقدني الكثير من النوم”*.
من المسؤول؟ صعود أدوات الذكاء الاصطناعي يغيّر قواعد اللعبة
أشار “إيدي كيو” بشكل مباشر إلى أن السبب الرئيسي في هذا التراجع التاريخي يعود إلى الاعتماد المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل:
ChatGPT من OpenAI
Perplexity
Gemini من جوجل نفسها
Copilot من مايكروسوفت
هذه الأدوات أصبحت تقدم للمستخدمين إجابات فورية ودقيقة دون الحاجة إلى تصفح نتائج بحث تقليدية، مما يجعلها جذابة وفعّالة، خصوصًا لمن يبحث عن توفير الوقت والحصول على إجابات مركزة وذكية.
وبالتالي، فإن هذه التكنولوجيا لا تهدد فقط حصة جوجل من السوق، بل تؤثر أيضًا على شبكة الشراكات التي بنيت حول هيمنة محركات البحث، ومنها شراكتها مع آبل.
مخاوف متزايدة بين الناشرين: الذكاء الاصطناعي يُغير حركة الإنترنت
هذا التراجع لا يقتصر أثره على جوجل وآبل فقط، بل يمتد ليشمل الناشرين والمواقع الإلكترونية المستقلة، الذين كانوا يعتمدون لعقود على حركة الزوار القادمة من نتائج البحث (Organic Traffic).
لكن إدماج الذكاء الاصطناعي في محرك جوجل – سواء عبر المساعدات الذكية أو الإجابات المباشرة – بدأ في تصفية حركة المرور قبل أن تصل إلى هذه المواقع. وهذا ما دفع العديد من الناشرين إلى التعبير عن استيائهم من تراجع عدد الزوار، وتأثير ذلك على عائداتهم الإعلانية.
وفي اعتراف واضح، صرح باندو نياك، نائب رئيس البحث في جوجل، خلال الجلسة القضائية، بأنه “لا يمكنه تقديم أي ضمانات” بأن المواقع المستقلة ستستعيد مكانتها في نتائج البحث كما كانت في السابق، ما يعزز المخاوف من **تحوّل عميق في بيئة الإنترنت بأكملها.
تأتي هذه التطورات في وقت تخوض فيه جوجل معركة قانونية حاسمة في الولايات المتحدة بتهم تتعلق باحتكار سوق البحث والإعلانات، عبر صفقات تُلزِم الشركات المصنعة للأجهزة مثل آبل بجعل جوجل محرك البحث الافتراضي.
لكن ما لم يكن متوقعًا أن التهديد الأكبر لجوجل قد لا يأتي من المحاكم، بل من الذكاء الاصطناعي نفسه، الذي يعيد رسم خارطة الوصول إلى المعلومات.
فإذا استمرت أدوات الذكاء الاصطناعي في كسب ثقة المستخدمين وتوفير بدائل بحثية أسرع وأكثر تخصيصًا، فإن نموذج الإعلانات القائم على نتائج البحث قد يصبح مهددًا وجوديًا.
التصريحات الأخيرة من آبل وجوجل تكشف بوضوح أننا نشهد تحوّلًا جذريًا في الطريقة التي يتفاعل بها المستخدمون مع المعلومات على الإنترنت. لم تعد نتائج البحث النصية القائمة على الروابط كافية، بل بات المستخدم يبحث عن إجابة مباشرة، مدعومة بالسياق، وسريعة.
وبينما يثير ذلك تحديات مالية وتقنية لشركات مثل جوجل وآبل، فإنه يفتح في المقابل فرصًا جديدة للابتكار، ويعيد توزيع النفوذ في عالم التقنية**، خصوصًا مع دخول الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي في المعادلة.