آخر الأخبار
صفقة تيك توك الكبرى: هل ستنجح مايكروسوفت في انتزاع التطبيق من بايت دانس؟

واشنطن، في قاعة مؤتمرات البيت الأبيض، وقف دونالد ترامب أمام الصحفيين، معربًا عن قرار جديد يمكن أن يغير المشهد التكنولوجي في الولايات المتحدة. بصوت جاد، أعلن الرئيس الأمريكي أن شركة مايكروسوفت بدأت محادثات مع بايت دانس، الشركة الصينية المالكة لـ تيك توك، من أجل الاستحواذ على التطبيق الشهير الذي وصل عدد مستخدميه في أمريكا إلى 170 مليونًا. ولكن ما وراء هذه المحادثات؟ ما الذي يجعل هذه الصفقة مثيرة للجدل، والأهم، ما هو دور الحكومة الأمريكية في كل هذا؟
ضغط الأوقات الصعبة
لطالما كان تيك توك محور جدل داخل الولايات المتحدة، منذ أن بدأ القلق يطفو بشأن الأمن القومي. مع الانتشار السريع للتطبيق في صفوف الشباب الأمريكي، كان هناك مخاوف متزايدة من أن الحكومة الصينية قد تستخدم التطبيق لجمع بيانات ضخمة عن المستخدمين الأمريكيين. لهذا السبب، بدأ ترامب في اتخاذ خطوات دراماتيكية. في 2020، أصدر أمرًا تنفيذيًا يطالب بايت دانس ببيع النسخة الأمريكية من تيك توك أو مواجهة الحظر.
مع حلول 2021، لم يتراجع ترامب عن موقفه، بل قرر تمديد المهلة 75 يومًا إضافية ليتسنى له حسم الأمر. كانت أمريكا في مفترق طرق، مع حرب تكنولوجية على وشك أن تنفجر. في هذه اللحظات المشحونة، تحدث الرئيس الأمريكي عن المحادثات التي كانت تجري، وأشار إلى أن العديد من الشركات الكبرى مهتمة بانتزاع تيك توك من يد بايت دانس. لم يكن تيك توك مجرد تطبيق على الهواتف الذكية، بل كان رمزًا للتحدي الصيني في قلب أمريكا.
عودة مايكروسوفت إلى الساحة
كانت مايكروسوفت قد حاولت في الماضي أن تكون جزءًا من الصفقة. في 2020، كانت الشركة الأمريكية في طليعة الشركات المهتمة بالاستحواذ على التطبيق، لكن الأمور انهارت سريعًا. كانت شروط الحكومة الأمريكية أكثر تعقيدًا مما توقعت الشركة، وكان ترامب قد شدد على ضرورة وجود آليات معينة لضمان عدم استخدام البيانات الأمريكية في غير مصلحة الأمن القومي. وبينما كانت الصفقة تتدهور، كانت مايكروسوفت تراقب من بعيد، ولكن بعد تولي الرئيس الأمريكي منصبه في 2021، تغيرت الأمور.
ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لـ مايكروسوفت، كان قد صرح في وقت سابق أن تجربة الاستحواذ على تيك توك كانت “أغرب شيء عمل عليه”، وأشار إلى أن الطلبات كانت غير منطقية في بعض الأحيان. لكن في ظل تغير الأوضاع، عادت مايكروسوفت لتجدد طموحاتها، ربما على أمل أن تنجح هذه المرة في التوصل إلى اتفاق يضمن لها فرصة حقيقية.
ظهور شركة جديدة: Perplexity AI
وفي مفاجأة جديدة، تقدمت شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تُدعى Perplexity AI بمقترح جريء: لماذا لا يتم دمج تيك توك مع Perplexity AI في كيان واحد؟ المقترح لم يكن مجرد فكرة، بل كان يحتوي على بنود واضحة تجعل الحكومة الأمريكية لاعبًا رئيسيًا في الصفقة. وفقًا للتفاصيل، كان من المفترض أن تمتلك الحكومة الأمريكية 50% من الشركة الجديدة التي ستنتج عن هذا الاندماج. كانت هذه الخطوة بمثابة محاولة لتهدئة مخاوف الأمن القومي، وإعطاء أمريكا موطئ قدم في كل خطوة يقوم بها تيك توك.
مستقبل غير مؤكد: الخيارات مفتوحة
رغم تطور المحادثات، كانت الضبابية تكتنف مستقبل تيك توك. ففي الأيام التي تلت الإعلان عن الصفقة المحتملة، كانت أسواق الأسهم تتقلب، بينما كان مستثمرو تيك توك في حالة ترقب. هل سيقبل بايت دانس هذه العروض؟ وهل ستنجح مايكروسوفت في الحصول على الضوء الأخضر من الحكومة الأمريكية؟ كانت الأسئلة تتسارع، ولكن الإجابات كانت بعيدة المنال.
وبالنسبة للعديد من المستخدمين، كانت هذه الضغوط قد بدأت تؤثر على كيفية استخدامهم للتطبيق. قد تغير الصفقة محتوى التطبيق، قد تتغير سياسات الخصوصية، وربما يتم تعديل بعض الوظائف التي كانوا قد اعتادوا عليها. لكن ما كان مؤكدًا هو أن تيك توك لم يعد مجرد تطبيق ترفيهي، بل أصبح ساحة تنافس سياسي.
اللحظة الفاصلة: التحديات الكبيرة
ومع اقتراب اتخاذ ترامب قراره النهائي بشأن تيك توك، أصبح التطبيق أمام تحدٍ كبير. هل سينجح في الصمود أمام الضغوط؟ هل سيؤدي الاستحواذ إلى تحويله إلى شيء جديد تمامًا؟ أو هل ستظل سياسة الحكومة الأمريكية تقف حاجزًا أمام أي اتفاق؟
تيك توك في مرحلة فاصلة، وقراراته القادمة قد تؤثر ليس فقط على الجانب التجاري، بل أيضًا على الخصوصية الرقمية لعشرات الملايين من المستخدمين في الولايات المتحدة. في تلك الأيام الحاسمة، كان مستقبل التطبيق في يديه، والخيارات كلها مفتوحة. وكلما اقترب القرار، أصبحت الأنظار مشدودة أكثر من أي وقت مضى إلى تيك توك، وما قد يحدث بعده.