آخر الأخبار
مجلس الأمن السيبراني: أكثر من 200 ألف هجمة إلكترونية يومياً تستهدف الإمارات

في عالمٍ يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا بشكل يومي، أصبح الأمن السيبراني أحد أكبر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة، بما فيها الإمارات. في الآونة الأخيرة، كشف مجلس الأمن السيبراني في حكومة الإمارات عن حقيقة مقلقة: تتعرض الدولة يومياً لأكثر من 200 ألف هجمة إلكترونية، تأتي من 14 دولة مختلفة، متوجهة نحو قطاعات حيوية وأسطورية تشمل الحكومة، المصارف، التعليم، الطيران، المستشفيات، والقطاع التقني.
لكن الأرقام الصادمة ليست فقط ما يشغل المجلس. الحقيقة الأكثر إثارة هي الأساليب المبتكرة التي تستخدمها هذه الجماعات للهجوم، حيث أصبحت التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، تلعب دورًا رئيسيًا في تطوير هذه الهجمات. ففي هذا العالم الرقمي المتشابك، يسعى المهاجمون إلى استغلال كل ثغرة وكل ضعف ليتحايلوا على الأنظمة.
استهداف القطاعات الحيوية
حين تقرأ أرقام الهجمات، قد يتبادر إلى ذهنك أن بعض القطاعات هي الأكثر تأثرًا بها. في الحقيقة، الهجمات تستهدف بشكل رئيسي القطاع الحكومي بنسبة 30% من إجمالي الهجمات اليومية، تليها البنوك والمصارف بـ 7%، ثم القطاع التعليمي الذي يشهد نفس النسبة. ولعل ما يثير القلق بشكل أكبر هو تأثير هذه الهجمات على القطاعات الصحية والطيران، حيث تشكل الهجمات عليهما معًا 16% من إجمالي الهجمات، ما يعكس هشاشة حتى أكثر الأنظمة الاستراتيجية.
أنماط هجوم جديدة وتطور مستمر
إذا كنت تعتقد أن الهجمات السيبرانية هي مجرد محاولات لاختراق الأنظمة الأساسية، فأنت مخطئ. أظهرت البيانات أن معظم الهجمات تركز على تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية بنسبة 40%. ثم تأتي محاولات اختراق أنظمة مشاركة الملفات التي تستحوذ على 9% من الهجمات، ويليها استغلال ثغرات قواعد البيانات بنسبة 3%. في عالم مليء بالتهديدات، تبرز مجموعات مثل “Blackcat”، التي تشكل أكثر من نصف الهجمات التي تستهدف الأنظمة من خلال برمجيات الفدية الخبيثة.
أساليب الهجوم: من التقليدية إلى المتطورة
لكن التحدي الأكبر يكمن في تنوع أساليب الهجوم. لم تعد الهجمات تقتصر على أساليب تقليدية مثل البرمجيات الخبيثة أو محاولات الدخول غير المصرح به، بل أصبح المهاجمون يستخدمون أساليب أكثر تطورًا. يتصدر الهجوم عبر “حجب الخدمة” بقوة بنسبة 39% من إجمالي الهجمات، يليه الهجوم عبر “تشفير البيانات وتسريبها” الذي بلغ 37%. أما التطبيقات المتصلة بالإنترنت، فقد شهدت هي الأخرى هجمات مكثفة بلغت 24%.
ومع هذه الأنماط المتطورة من الهجمات، تصبح القصة أكثر تعقيدًا. يعتمد المهاجمون اليوم على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تطوير أساليب الهجوم. وها هنا، يظهر التحدي الجديد: التزييف العميق والهندسة الاجتماعية، حيث يمكن للهجمات أن تبدو واقعية بشكل يصعب اكتشافه، ويصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة والخداع.
التصدي للهجمات: التحدي الأكبر
على الرغم من هذه التهديدات المتزايدة، لا يمكن إلا أن نشير إلى النجاحات التي حققتها الإمارات في التصدي لهذه الهجمات. الأنظمة السيبرانية الوطنية كانت قادرة على مواجهة العديد من هجمات برمجيات الفدية، مما ساعد في حماية البيانات الحيوية والأنظمة الرقمية من التوقف أو التسريب.
لكن مع مرور الوقت، تتصاعد التهديدات بشكل مستمر، ولا يبدو أن هناك تهدئة في الأفق. ففي ظل التقدم السريع للتكنولوجيا، يصبح من الصعب التعامل مع هذه الهجمات دون حلول أكثر تطورًا.
المستقبل: حماية أقوى للأنظمة الرقمية
مع استمرار الإمارات في دمج تقنيات حديثة في جميع قطاعاتها، يشير مجلس الأمن السيبراني إلى أن الهجمات ستتصاعد في المستقبل القريب. فكلما زادت التكنولوجيا تطورًا، زادت معها التهديدات الإلكترونية، مما يستدعي أن تكون الحلول الأمنية أكثر تقدمًا وفاعلية.
الرسالة الأخيرة التي أرسلها المجلس للمؤسسات الحكومية والخاصة هي دعوة قوية للالتزام بأعلى معايير الأمن السيبراني العالمية. لا بد من تعاون مستمر بين جميع القطاعات في الدولة لضمان حماية المعلومات وحفظ استقرار الأنظمة الرقمية من هذه الهجمات المستمرة.
الرسالة التي تظل عالقة: في هذا العصر الذي يتسارع فيه تطور التكنولوجيا، تظل الحاجة ملحة للمزيد من التعاون والعمل المستمر لتأمين الشبكات الرقمية وحمايتها من التهديدات المستقبلية. فقط عبر الابتكار المشترك يمكن لدولة الإمارات أن تظل في طليعة الدول التي تضمن حماية الأنظمة الرقمية، مهما كانت التحديات.