آخر الأخبار
مستقبل أمان الحسابات الإلكترونية: من كلمات المرور التقليدية إلى مفاتيح المرور المتقدمة

مع التطور المتسارع في مجال الأمن السيبراني، أصبحت ممارسات حماية الحسابات الإلكترونية تتغير وفقًا لأحدث الأبحاث والتوصيات. لسنوات طويلة، كان يُنصح المستخدمون بتغيير كلمات المرور الخاصة بحساباتهم بشكل منتظم كإجراء أمني، إلا أن هذا الأسلوب لم يعد فعالًا كما كان يُعتقد. اليوم، يوصي خبراء الأمن الإلكتروني باستخدام كلمات مرور قوية ومُعقدة تقتصر على حساب واحد فقط، دون الحاجة إلى تغييرها دوريًا، ما لم يكن هناك اختراق محتمل أو شك في سرية المعلومات.
لماذا لم يعد تغيير كلمة المرور بانتظام ضروريًا؟
وفقًا للمكتب الاتحادي لأمان تكنولوجيا المعلومات في ألمانيا، فإن تغيير كلمات المرور بشكل دوري قد يكون غير فعال بل وقد يؤدي إلى نتائج عكسية. إذ إن فرض تغييرات متكررة على المستخدمين يجعلهم يلجأون إلى كلمات مرور بسيطة يسهل تذكرها، مما يزيد من احتمالية تعرضهم للاختراق. كما أن بعض المستخدمين قد يقومون باستخدام نفس كلمة المرور في عدة حسابات مختلفة، مما يعني أنه في حال اختراق أحد الحسابات، يصبح الوصول إلى باقي الحسابات أمرًا ممكنًا بسهولة.
لذلك، يُفضل الاعتماد على كلمات مرور طويلة ومعقدة يصعب تخمينها، وعدم مشاركتها مع أي شخص، مع ضرورة تغييرها فقط عند الاشتباه بوجود خرق أمني أو عند حدوث تسريب للبيانات.
كيفية إنشاء كلمات مرور قوية وسهلة التذكر
لإنشاء كلمات مرور قوية دون تعقيد مفرط، يُنصح باستخدام ما يُعرف بـ “جملة المرور”. تعتمد هذه الطريقة على تكوين كلمة مرور من الحروف الأولى لكلمات جملة معينة، مما يسهل تذكرها مع الاحتفاظ بتعقيدها. ولتحقيق أقصى درجات الأمان، يمكن تقسيم كلمة المرور إلى جزأين: الأول ثابت ومحفوظ في الذاكرة، والثاني فريد لكل حساب ويتم تسجيله في ورقة كلمات مرور خاصة. بهذه الطريقة، حتى في حال حصول شخص آخر على جزء من كلمة المرور، فإنه لن يتمكن من الوصول إلى الحسابات الإلكترونية.
استخدام برامج إدارة كلمات المرور
لتسهيل إدارة كلمات المرور القوية والمعقدة، يُفضل استخدام برامج إدارة كلمات المرور مثل “Bitwarden”، التي تتيح إنشاء وتخزين كلمات مرور معقدة لكل حساب، بالإضافة إلى مزامنتها عبر مختلف الأجهزة والأنظمة. تساهم هذه البرامج في تقليل الحاجة إلى تذكر كلمات المرور، حيث يمكن للمستخدم تخزين جميع بيانات الدخول بأمان والوصول إليها عند الحاجة.
المصادقة الثنائية (2FA): طبقة إضافية من الأمان
بالرغم من أهمية اختيار كلمة مرور قوية، إلا أن هذا الإجراء وحده قد لا يكون كافيًا، خاصة في ظل وجود تقنيات متقدمة لاختراق الحسابات مثل هجمات التصيّد الإلكتروني. هنا تأتي أهمية المصادقة الثنائية (Two-Factor Authentication – 2FA)، التي تضيف طبقة حماية إضافية للحسابات الإلكترونية.
تعتمد هذه التقنية على إدخال رمز تحقق إضافي إلى جانب كلمة المرور عند تسجيل الدخول، وغالبًا ما يتم توليد هذا الرمز عبر تطبيقات الهواتف الذكية مثل “Aegis” أو من خلال الرسائل النصية. حتى إذا تمكن شخص ما من الحصول على كلمة المرور، فلن يتمكن من تسجيل الدخول دون إدخال رمز المصادقة الثنائية، مما يعزز أمان الحسابات بشكل كبير.
التحقق من تسريب البيانات
يُنصح المستخدمون بالتحقق بشكل دوري مما إذا كانت بياناتهم قد تعرضت للاختراق أو التسريب، وذلك من خلال قواعد بيانات متخصصة مثل “Have I Been Pwned?” و”Identity Leak Checker”. في حال اكتشاف أن كلمة المرور قد سُربت، يجب تغييرها على الفور واستخدام كلمة مرور جديدة تمامًا لتجنب المخاطر المحتملة.
مفاتيح المرور: مستقبل تسجيل الدخول بدون كلمات مرور
مع التطور التقني، بدأت بعض الشركات والخدمات في تبني مفهوم “مفاتيح المرور” (Passkeys)، والتي تعد بديلاً أكثر أمانًا لكلمات المرور التقليدية. تعتمد هذه التقنية على تشفير المفتاح العام، حيث يمتلك المستخدم مفتاحًا خاصًا مخزنًا على جهازه، في حين تحتفظ الخدمة المقدمة بالمفتاح العام.
عند تسجيل الدخول، يتم التحقق من هوية المستخدم عبر بصمات الأصابع، التعرف على الوجه، أو إدخال رمز PIN، مما يلغي الحاجة لاستخدام كلمات المرور التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه التقنية حماية قوية ضد عمليات التصيّد الإلكتروني، نظرًا لأنها لا تتطلب إدخال كلمات مرور يمكن سرقتها أو تخمينها.
كيف يمكن الاستفادة من مفاتيح المرور؟
حاليًا، لا تزال تقنية مفاتيح المرور في مرحلة الانتشار، لكنها متاحة في بعض الخدمات الإلكترونية كخيار إضافي إلى جانب كلمات المرور التقليدية والمصادقة الثنائية. ومع مرور الوقت، من المتوقع أن تصبح هذه التقنية هي المعيار الجديد في تسجيل الدخول الآمن، خاصة مع دعم برامج إدارة كلمات المرور لهذه التقنية وإمكانية مزامنتها بين الأجهزة المختلفة.
في ظل تزايد التهديدات السيبرانية، أصبح من الضروري تبني أحدث أساليب الأمان لحماية الحسابات الإلكترونية. لم يعد تغيير كلمات المرور بانتظام يشكل عامل حماية إضافيًا، بل يُفضل الاعتماد على كلمات مرور قوية وغير مكررة، إلى جانب استخدام المصادقة الثنائية أو تقنيات متقدمة مثل مفاتيح المرور.
مع تطور تقنيات الأمان، تتجه الشركات والمستخدمون نحو مستقبل أكثر أمانًا، حيث يصبح تسجيل الدخول عملية سلسة وخالية من المخاطر، مما يضمن حماية البيانات والمعلومات الشخصية بشكل أفضل.