آخر الأخبار
الإمارات تدخل بقوة عالم الذكاء الاصطناعي وتعيد رسم مستقبل التقنية

في السنوات الأخيرة، لم تكتفِ دولة الإمارات بمواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي، بل قررت أن تكون من الدول الرائدة في هذا المجال على مستوى العالم. لم يكن ذلك مجرد إعلان أو شعارات، بل مشروع وطني واضح المعالم، يستند إلى رؤية استراتيجية واستثمارات ضخمة تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في جميع مجالات الحياة اليومية والقطاعات الحيوية.
لماذا الإمارات تحديدًا؟
تُعتبر الإمارات أول دولة في العالم تعيّن وزيرًا للذكاء الاصطناعي، وذلك في عام 2017، في خطوة رمزية وعملية تعكس التزامها الجاد تجاه هذا القطاع. كما أطلقت “استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031″، التي تهدف إلى تعزيز الكفاءة الحكومية، تقليل التكاليف، وتحسين جودة الحياة من خلال تقنيات ذكية تعيد تعريف العلاقة بين المواطن والخدمة.
استثمارات ضخمة وبنية تحتية ذكية
ولم تتوقف الخطوات عند الجانب الإداري أو الحكومي، بل امتدت إلى بنية تحتية تقنية متطورة، ومراكز أبحاث متخصصة، وبرامج تدريبية لتأهيل الكفاءات الوطنية. خصصت الإمارات استثمارات بمليارات الدولارات لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي، وأسست “مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي”، ليكون مركزًا تنسيقيًا يقود المبادرات التقنية الكبرى داخل الدولة وخارجها.
شراكات عالمية… ولكن بشروط الإمارات
من اللافت أيضًا أن الإمارات نجحت في بناء شراكات استراتيجية مع شركات عالمية كبرى مثل Google وMicrosoft وOpenAI، ولكن بشروط تحافظ على خصوصية السوق المحلي وتضمن نقل المعرفة وبناء القدرات داخل الدولة. فهي لا تكتفي بتبنّي التكنولوجيا، بل تسعى إلى تطويرها محليًا، ووضع الأطر القانونية والأخلاقية لاستخدامها بشكل مسؤول ومستدام.
الذكاء الاصطناعي في كل قطاع
وما يميز تجربة الإمارات هو قدرتها على دمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات متعددة بشكل متوازن. في قطاع التعليم، يتم استخدام تقنيات ذكية لمتابعة أداء الطلاب وتقديم دعم فردي وفقًا لاحتياجاتهم. أما في القطاع الصحي، فتعتمد المستشفيات على خوارزميات دقيقة لتحليل البيانات الطبية، وتسريع عملية التشخيص واتخاذ القرار. حتى في المواصلات، نرى بوادر مستقبل ذكي من خلال اعتماد المركبات ذاتية القيادة وحلول التنقل الذكي في المدن.
نحو ريادة عالمية فعلية
كما أن الإمارات تسعى إلى تصدير هذا النموذج إقليميًا وعالميًا، من خلال تنظيم فعاليات ضخمة مثل مؤتمر “AI Everything” الذي يُعقد سنويًا في دبي، ويجمع أبرز الخبراء والشركات والباحثين لمناقشة أحدث التطورات وبناء شبكات تعاون دولية في هذا المجال.
إن ما تقوم به الإمارات اليوم هو أكثر من مجرد تطوير تقني. إنه توجه استراتيجي لبناء اقتصاد معرفي، يعتمد على الابتكار والتقنيات المتقدمة، ويضع الدولة في موقع تنافسي عالمي في صناعة يُتوقع أن تتحكم في شكل الحياة البشرية خلال العقود القادمة.
فهل يُمكن لهذا النموذج أن يُلهم بقية دول المنطقة؟ وهل هناك إرادة حقيقية لاحتضان الذكاء الاصطناعي كأداة للتنمية والتقدم؟