آخر الأخبار
الحروب التجارية تلقي بظلالها على معرض “كومبيوتكس” وتطلعات قطاع التكنولوجيا.

تتجه أنظار العالم هذا الأسبوع إلى العاصمة التايوانية تايبيه، حيث تحتضن الدورة الجديدة من معرض “كومبيوتكس” للتكنولوجيا، أحد أكبر وأهم الفعاليات الدولية في مجال أشباه الموصلات والتقنيات المتقدمة. المعرض، الذي يُعد حدثًا سنويًا رائدًا، يجمع تحت سقفه نخبة الشركات العالمية المختصة بالتكنولوجيا، ويأتي هذا العام في ظل تسارع غير مسبوق في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومخاوف متزايدة من اضطرابات ناجمة عن التوترات التجارية والجيوسياسية.
ومن أبرز المشاركين في نسخة هذا العام شركات عملاقة مثل “إنفيديا” (NVIDIA)، و**”إيه إم دي” (AMD)، و“كوالكوم” (Qualcomm)، و“إنتل” (Intel)، بالإضافة إلى شركاء صناعيين أساسيين من تايوان مثل “فوكسكون” و“تي إس إم سي” (TSMC)**، ما يعكس المكانة الاستراتيجية التي تلعبها تايوان في سلاسل الإمداد العالمية للرقائق الإلكترونية.
خلال كلمته في افتتاح المعرض، كشف الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا”، جينسن هوانغ، عن نية الشركة بناء أول حاسوب فائق (Supercomputer) قائم كليًا على الذكاء الاصطناعي في تايوان، مؤكدًا أن هذا المشروع سيتم بالتعاون مع القطاعين العام والخاص في الجزيرة. وأشار إلى أن هذه المبادرة تشكل خطوة محورية في تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي.
وقال هوانغ: “من المهم جدًا أن تكون لدينا بنية تحتية للذكاء الاصطناعي بمواصفات عالمية هنا في تايوان. هذا ليس فقط من أجل البلاد، بل من أجل الاقتصاد الرقمي العالمي بأكمله”.
المعرض، الذي يستمر لمدة أربعة أيام، يشهد أيضًا جلسات ونقاشات مع قادة تقنيين من شركات مثل “ميديا تك”، و”كوالكوم”، و”فوكسكون”، ويركز على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر المحمولة، ومراكز البيانات، والروبوتات، والمركبات الذكية. ويرى خبراء أن الفترة من 2025 إلى 2026 ستكون حاسمة لتحويل النماذج المدربة إلى تطبيقات عملية ومربحة.
مع ذلك، فإن النمو الهائل الذي يشهده القطاع يصطدم بعقبات سياسية واقتصادية، أبرزها التصعيد الأميركي الأخير في فرض رسوم جمركية إضافية على واردات الصلب والألمنيوم وأشباه الموصلات. وقد أطلق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تهديدات صريحة بفرض رسوم تصل إلى 100% على الواردات التايوانية من الرقائق، متهمًا الجزيرة بـ”سرقة صناعة الرقائق الأميركية”.
رغم هذه التهديدات، تُفضل معظم الشركات الحاضرة في “كومبيوتكس” الابتعاد عن الإدلاء بتصريحات مباشرة حول الملف الجمركي، وسط أجواء من الغموض وعدم اليقين. وأشار محللون إلى أن تايوان، التي تنتج غالبية رقائق العالم وأغلب الرقائق المتقدمة، تواجه ضغوطًا للحفاظ على مكانتها المهيمنة، لا سيما في ظل المنافسة الصينية المتسارعة والتوجه الأميركي نحو تنويع سلاسل الإمداد.
ويُطلق على هذا الوضع مصطلح “درع السيليكون“، في إشارة إلى اعتماد الاقتصاد العالمي على إنتاج تايوان من الرقائق، ما يجعل حماية الجزيرة هدفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة وحلفائها.
وفي هذا السياق، أعلنت “تي إس إم سي” في وقت سابق عن استثمار ضخم بقيمة 100 مليار دولار في الولايات المتحدة، في خطوة وصفها الرئيس التايواني لاي تشينغ تي بأنها “لحظة تاريخية” تؤسس لعلاقات أعمق بين واشنطن وتايبيه في قطاع التكنولوجيا. كما كشفت شركة “غلوبل ويفرز” المورّدة لـ TSMC، عن خطط لضخ استثمارات بقيمة 4 مليارات دولار في مصنع جديد لرقائق السيليكون في ولاية تكساس الأميركية.
ورغم التحديات، يظل التفاؤل حاضرًا، حيث أكد هوانغ أن تايوان ستظل “في قلب النظام التكنولوجي العالمي”، مدفوعة بريادتها في صناعة أشباه الموصلات، وتحالفاتها التقنية المتينة، وموقعها الاستراتيجي في المشهد التكنولوجي الدولي.