آخر الأخبار
رحلة TSMC نحو مستقبل أشباه الموصلات في الولايات المتحدة

وفي مؤتمر صحفي مثير، أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب عن استثمار ضخم لشركة TSMC، عملاق صناعة أشباه الموصلات التايواني، يصل إلى 100 مليار دولار. كانت اللحظة مليئة بالإثارة، حيث كشفت الشركة عن خططها الطموحة لتوسيع عملياتها في الولايات المتحدة، ما يعكس التزامها العميق بتحقيق نقلة نوعية في صناعة أشباه الموصلات في أمريكا.
في مدينة فينيكس بولاية أريزونا، حيث يشهد القطاع الصناعي تحولًا ملموسًا، ستقوم TSMC ببناء مصنعين جديدين، جزء من خطة أكبر لتوسيع وجودها في السوق الأمريكية. تلك الخطط ليست جديدة، فقد سبق وأن التزمت الشركة باستثمار 65 مليار دولار لإنشاء ثلاثة مصانع أخرى في نفس الولاية. لكن هذا الاستثمار الجديد يعكس تحولًا أعمق في طموحات الشركة، وهو جزء من استراتيجية واسعة لتعزيز قدرة الولايات المتحدة على إنتاج رقاقات أشباه الموصلات محليًا.
إن توقيت هذه الخطوة ليس مصادفة. أمريكا، التي كانت قد اعتمدت لفترة طويلة على البلدان الأخرى لتلبية احتياجاتها من أشباه الموصلات، تدرك الآن الحاجة الملحة لتعزيز قدرتها الإنتاجية المحلية. وفي إطار هذه الاستراتيجية، قدمت الحكومة الأمريكية دعمًا كبيرًا لشركة TSMC عبر منحها 6.6 مليار دولار بموجب قانون “الرقاقات” (CHIPS Act)، الذي يهدف إلى ضمان استمرار التصنيع المحلي لأشباه الموصلات.
لكن لم يكن هذا هو الإنجاز الوحيد لشركة TSMC. في مصنعها الأول في أريزونا، بدأت الشركة في إنتاج رقاقات بتقنية 4 نانومتر في يناير 2025. وفي المستقبل، تنوي الشركة استخدام تقنيات أكثر تقدمًا تصل إلى 2 نانومتر أو حتى ما هو أكثر تطورًا، مما يعد بآفاق واسعة للابتكار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وتقنيات 5G.
ومع أن TSMC كانت قد خططت لافتتاح مصنعها الثاني في أريزونا في عام 2026، إلا أن الأوضاع العالمية دفعت الشركة لتأجيل هذا الافتتاح إلى 2027 أو 2028. ولكن الرئيس التنفيذي لشركة TSMC، سي سي وي، كان حاسمًا في تأكيده أن الشركة في الوقت الحالي تُنتج أكثر الرقاقات تطورًا في الولايات المتحدة، مما يسلط الضوء على التزامها بتقنيات متقدمة رغم التحديات.
ولم تتوقف القصة هنا. في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، تحدثت مصادر عن مساعٍ من إدارة ترامب لتشجيع TSMC على الاستحواذ على مصانع تصنيع الرقاقات التابعة لشركة إنتل، التي كانت تواجه مشاكل في السنوات الأخيرة. هذه الخطوة، وإن كانت جزءًا من استراتيجيات الشركة الخاصة، تأتي في سياق أكبر لتعزيز قدرات الولايات المتحدة في صناعة أشباه الموصلات وتقليل اعتمادها على البلدان الأخرى.
وفي الوقت الذي تواصل فيه TSMC خططها التوسعية، كانت شركة آبل تتابع عن كثب هذا التوجه الاستثماري. فقد أعلنت مؤخرًا عن خطط لاستثمار أكثر من 500 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع القادمة، وهو رقم يعكس أيضًا التحول في استراتيجيات الشركات الكبرى نحو تعزيز وجودها في السوق الأمريكي. ومن خلال هذه الخطط، تعتزم آبل توظيف 20,000 شخص وإنشاء مصنع جديد لخوادم البيانات في ولاية تكساس.
لكن هذا التوسع الكبير يأتي في وقت حساس، حيث يستعد الرئيس ترامب لفرض تعريفات جمركية على أشباه الموصلات والسلع الأخرى اعتبارًا من أبريل المقبل. وتشمل هذه الخطط فرض رسوم بنسبة 25% على الواردات من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى ضريبة أخرى بنسبة 10% على الواردات من الصين. هذا التغيير في السياسات الاقتصادية يضيف طبقة من التحديات لشركات مثل TSMC وآبل، لكنه أيضًا يفتح أبوابًا جديدة لتحفيز الإنتاج المحلي.
مع كل استثمار، وكل مصنع جديد، وكل خطوة جديدة، يبدو أن أمريكا على أعتاب تحول كبير في صناعة أشباه الموصلات. وTSMC، إلى جانب شركات أخرى مثل آبل، تلعب دورًا محوريًا في تشكيل هذا المستقبل