الإمارات تطلق مبادرة مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي

في إطار رؤيتها الطموحة للتحول إلى مركز عالمي في مجال التكنولوجيا المتقدمة، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إطلاق واحدة من أكبر المبادرات التدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، وهي مبادرة “مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي”. تهدف المبادرة إلى تمكين وتدريب مليون موظف حكومي في مختلف أنحاء الدولة على مهارات وأدوات الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2027، لتشكل بذلك حجر الأساس في تحقيق استراتيجية الإمارات لبناء اقتصاد رقمي متكامل ومستدام.

وتُعد هذه المبادرة تأكيدًا على التزام القيادة الإماراتية بتعزيز جاهزية الكوادر الوطنية ومواكبة التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، إذ بات الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في تطوير الخدمات الحكومية، وتحسين جودة الحياة، ورفع كفاءة الأداء المؤسسي.

وخلال فعاليات “أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي”، التقى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، الدفعة الأولى من منتسبي المبادرة، مؤكدًا أن تمكين الكفاءات الوطنية وتزويدها بمهارات المستقبل هو جزء من رؤية الإمارات نحو الاستدامة والريادة العالمية. واعتبر سموّه المبادرة خطوة استراتيجية لترسيخ ريادة الدولة في هذا المجال الحيوي، واصفًا إياها بأنها “بوصلتها المستقبل وغايتها الاستثمار في الإنسان الإماراتي”.

 شراكة إماراتية-عالمية مع مايكروسوفت:

تُنفذ المبادرة بالتعاون مع شركة مايكروسوفت العالمية، حيث تم الإعلان عن هذه الشراكة خلال الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات لعام 2024. وتستهدف هذه الشراكة تسريع الابتكار في القطاع الحكومي وتعزيز تنافسية الاقتصاد الرقمي من خلال تزويد الجهات الحكومية بالمعرفة والخبرة التقنية اللازمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية.

وتشارك في المبادرة أكثر من 50 جهة حكومية من مختلف إمارات الدولة، مما يعكس حرص الحكومة على توحيد الجهود وتوفير بيئة تعلم شاملة ترتقي بقدرات الموظفين وتدعم تحقيق التحول الرقمي المنشود.

 أربعة مسارات تدريبية شاملة ومتكاملة:

لتلبية احتياجات الموظفين باختلاف تخصصاتهم وخبراتهم، تنقسم المبادرة إلى أربعة مسارات رئيسية:

1. المسار الشامل:
   مُخصص لجميع موظفي الحكومة، ويركز على تعريفهم بإمكانات الذكاء الاصطناعي، وسبل توظيف أدوات مايكروسوفت في تسريع العمل وتحقيق الكفاءة.
   
2. مسار رواد الذكاء الاصطناعي:
   يستهدف الموظفين ذوي الخبرة المتوسطة، ويهدف إلى تزويدهم بأساسيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، من خلال ورش عمل تطبيقية تعتمد على التفكير التصميمي لتطوير حلول ابتكارية تخدم القطاع الحكومي.
   
3. أكاديمية الذكاء الاصطناعي:
   مخصص للمتخصصين والخبراء التقنيين، ويقدم تدريبًا متقدمًا على تطوير تطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يعزز قدراتهم على ابتكار حلول تقنية متقدمة.
   
4. مسار القادة:
   يُركّز على تدريب القيادات الحكومية على استراتيجيات اتخاذ القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي وكيفية دمجها في تقديم الخدمات الحكومية بشكل أكثر فعالية.
   

 نحو مستقبل رقمي أكثر تطورًا:

من خلال هذه المسارات، تسعى مبادرة “مليون موهبة في الذكاء الاصطناعي” إلى إحداث تحول نوعي في الكفاءة الحكومية، وتمكين الموظفين من مواكبة العصر الرقمي، والمساهمة بفعالية في تعزيز تنافسية الدولة عالميًا. كما تكرّس المبادرة ثقافة التعلم المستمر والابتكار كقيم جوهرية ضمن بيئة العمل الحكومي في الإمارات.

ويأتي هذا التوجه انسجامًا مع رؤية القيادة الرشيدة في جعل الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في استراتيجيات التنمية الشاملة، وبناء مستقبل قائم على المعرفة، والإبداع، والتقنيات المتقدمة التي تعزز رفاهية المجتمع وتضمن استدامة التقدم.