آخر الأخبار
تحديات غير مسبوقة تهدد مستقبل كروم: جوجل تواجه خطر تفكيك أصولها الأساسية

تواجه شركة جوجل حاليًا واحدة من أكبر التحديات القانونية في تاريخها، مع تصاعد ضغوط قضائية قد تؤدي إلى تفكيك بعض أصولها الرئيسية، وعلى رأسها متصفح “كروم”، الذي يعتبر من أهم روافد نجاح الشركة العالمية. وقد أعربت عدة شركات كبرى، منها OpenAI وPerplexity وياهو، عن اهتمامها بالاستحواذ على كروم في حال اضطرت جوجل للتخلي عنه تنفيذًا لأوامر قضائية محتملة.
ورغم ذلك، شددت جوجل في دفاعها على أهمية استمرار إدارتها لمتصفح كروم ضمن بنيتها التحتية، مؤكدةً أن العديد من الخصائص الحيوية للمتصفح، مثل ميزة “التصفح الآمن” ونظام تحذير اختراق كلمات المرور، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتقنيات وخوادم جوجل الداخلية. وأكدت الشركة أن هذه الخصائص سيكون من الصعب — إن لم يكن مستحيلاً — فصلها أو إعادة بنائها بنفس الكفاءة تحت إدارة جهة أخرى.
تعود جذور هذه القضية إلى أغسطس 2024، حينما استقبلت المحكمة العليا الأمريكية ملف القضية بعد تحقيقات موسعة خلصت إلى أن جوجل مارست ممارسات احتكارية وانتهكت قوانين مكافحة الاحتكار الأمريكية. وأشارت التحقيقات إلى أن الشركة أبرمت عقودًا ضخمة مع شركات مثل آبل لضمان تعيين محرك بحث جوجل كمحرك البحث الافتراضي في أجهزة آيفون وآيباد وأغلب أجهزة أندرويد، وهو ما عزز سيطرتها شبه المطلقة على سوق البحث الإلكتروني.
ومن أبرز الحقائق التي أُثيرت خلال التحقيقات، ما كشفته تقارير إعلامية في مايو 2024 حول قيام جوجل بدفع ما يُقدر بنحو 20 مليار دولار لشركة آبل خلال عام 2022 مقابل تثبيت محرك بحثها كخيار افتراضي على أجهزتها الذكية. وقد اعتبر القضاء الأمريكي هذه الصفقات وسيلة لتعزيز هيمنة جوجل ومنع بروز أي منافسة فعلية لها في السوق.
وفي قرار قضائي لافت، صدر حكم يدين جوجل بوصفها شركة احتكارية، موضحًا أن الشركة “تصرفت بما يحافظ على احتكارها” واقترح عدة حلول جذرية لمعالجة الوضع، منها: إجبار جوجل على بيع بعض أصولها الأساسية، أو فرض قيود صارمة على تعاقداتها المستقبلية مع شركات كبرى مثل آبل، بالإضافة إلى تقييد استخدام منصاتها الأخرى مثل متجر بلاي ونظام أندرويد لدعم مكانة محرك بحثها.
ومع تصاعد هذه التطورات، تسارعت جهود جوجل للدفاع عن ملكيتها لمتصفح كروم، حيث أدلت باريسا تبريز، المديرة العامة لمتصفح كروم، بشهادتها أمام وزارة العدل الأمريكية، مشددةً على أن “فصل كروم عن جوجل يكاد يكون مستحيلًا”، واصفةً أي محاولة لتحقيق ذلك بأنها “خطوة غير مسبوقة” في تاريخ التكنولوجيا.
وفي مقابل دفاع جوجل المستميت، يرى بعض خبراء القانون والتكنولوجيا أن عملية الفصل قد تكون ممكنة نظريًا، لكنها ستتطلب جهودًا تقنية وتنظيمية ضخمة لإعادة بناء البنية التحتية للمتصفح وضمان استمرارية الخدمات بنفس الجودة والكفاءة التي اعتاد عليها المستخدمون.
اليوم، يقف مصير متصفح كروم — ومعه جزء أساسي من إمبراطورية جوجل — على مفترق طرق حاسم، وسط ترقب عالمي لنتائج المحاكمة والقرارات القضائية القادمة، التي قد تعيد رسم ملامح سوق التكنولوجيا لعقود قادمة.