آخر الأخبار
تطوير روبوت قابل للارتداء لتحسين حياة مرضى الشلل النصفي: ابتكار كوري ثوري في مجال التقنيات المساعدة

في خطوةٍ مبتكرة تهدف إلى تحسين حياة الأشخاص المصابين بالشلل النصفي، تم تطوير روبوت قابل للارتداء يحمل اسم WalkON Suit F1، والذي صُمم خصيصًا لمساعدة المرضى على استعادة القدرة على المشي وتجاوز العديد من العوائق اليومية. جاء هذا المشروع من قبل فريق بحثي في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (KAIST) في كوريا الجنوبية، الذي استخدم مزيجًا من التقنيات المتقدمة لخلق جهاز يعزز استقلالية الأفراد ذوي الإعاقة.
الفكرة والرؤية وراء تطوير الروبوت
الهدف الأساسي لهذا الابتكار هو تمكين الأفراد المصابين بالشلل النصفي من تحسين نوعية حياتهم ومساعدتهم في إعادة جزء من استقلاليتهم. الفريق المطور لهذا الروبوت يسعى إلى تقديم جهاز متكامل يتيح لمستخدميه أداء الأنشطة اليومية بكل سهولة، من المشي إلى صعود السلالم وحتى التنقل بين الأماكن المختلفة بثقة وسهولة.
يتمثل التحدي الأكبر الذي يعالجه هذا الروبوت في التكامل السلس مع حياة المستخدمين اليومية، بحيث يكون الجهاز ليس فقط فعّالًا من الناحية التقنية، بل سهل الاستخدام أيضًا. أحد أبرز عناصر النجاح في تصميم هذا الروبوت هو تقليص تعقيدات ارتدائه واستخدامه، مما يساعد المرضى على التفاعل مع التقنية دون الحاجة إلى دعم خارجي أو مساعدات إضافية.
مواصفات وتقنيات الروبوت WalkON Suit F1
يُعدّ WalkON Suit F1 نموذجًا فريدًا من نوعه في مجال التقنيات المساعدة، ويتميز بعدة خصائص تجعل منه أداة قوية لتمكين مرضى الشلل النصفي:
- التصميم الهيكلي الخفيف: تم تصميم الروبوت باستخدام مزيج من الألمنيوم والتيتانيوم، مما يجعله خفيف الوزن ويُسهم في سهولة الحركة. يبلغ وزن الروبوت 50 كجم فقط، مما يجعله قابلاً للارتداء دون التأثير الكبير على الحركة.
- التقنيات المدمجة: يحتوي الجهاز على 12 محركًا إلكترونيًا موزعة على مفاصل الجسم المختلفة، مثل: مفصل الورك، الركبة والكاحل. هذه المحركات تعمل على محاكاة الحركات البشرية الطبيعية أثناء المشي، مما يضمن حركة سلسة وآمنة للمستخدم.
- أجهزة الاستشعار المتقدمة: يتميز الروبوت بوجود أجهزة استشعار في باطن القدم وأجزاء مختلفة من الجسم، مما يساعد على مراقبة حركة المستخدم بشكل مستمر. هذه الأجهزة تتعامل مع أكثر من 1000 إشارة في الثانية وتقوم بتوقع الحركات المستقبلية للمستخدم، لتوفير استجابة فورية ودقيقة.
- تقنية التحليل البيئي: تم تزويد الروبوت بعدسات خاصة تعمل كـ “عينين” للروبوت، حيث تقوم برصد وتحليل البيئة المحيطة، بما في ذلك تحديد ارتفاع السلالم والكشف عن العوائق المختلفة في الطريق. هذه التقنية تساعد في تعويض نقص الحواس لدى مرضى الشلل النصفي، مما يتيح لهم التفاعل بثقة مع محيطهم.
- التحام تلقائي مع المستخدم: ميزة أخرى هامة هي قدرة الروبوت على الاقتراب من المستخدم والالتحام به بشكل تلقائي، حتى إذا كان الشخص جالسًا على كرسي متحرك. هذا يجعل من السهل ارتداء الروبوت والانتقال من وضع الجلوس إلى الوقوف دون الحاجة إلى مساعدة خارجية.
تجربة عملية من قبل المطورين
لتوضيح فعالية هذا الروبوت، قدّم كيم سونج هوان، أحد أعضاء فريق تطوير الروبوت الذي يعاني من الشلل النصفي، عرضًا عمليًا للنموذج الأولي للروبوت. بمساعدة الروبوت، استطاع كيم السير بسرعة 3.2 كم/ساعة، وصعود مجموعة من السلالم، بالإضافة إلى القيام بحركات جانبية والانزلاق والجلوس على مقعد. هذه التجربة أظهرت بوضوح قدرة الروبوت على التكيف مع الظروف المختلفة، مما يساهم في تحسين قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على التفاعل مع بيئاتهم بشكل طبيعي.
التحديات والإلهام من الأفلام
إلهام الباحثين في تطوير هذا الروبوت جاء جزئيًا من مشاهدة فيلم “الرجل الحديدي” Iron Man. أحد أعضاء الفريق، بارك جونج سو، قال: “لقد ألهمني فيلم الرجل الحديدي وجعلني أتخيل كيف يمكن أن أساعد الناس باستخدام تكنولوجيا مشابهة في الحياة الواقعية”. هذه الفكرة كانت الأساس في تطوير جهاز قادر على تلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، وجعلهم يشعرون بالقوة والقدرة على التفاعل مع العالم من حولهم.
أهمية هذا الابتكار
يُعتبر WalkON Suit F1 تطورًا كبيرًا في مجال التقنيات المساعدة، حيث يقدم حلاً مبتكرًا للأشخاص المصابين بالشلل النصفي. الروبوت لا يقتصر فقط على استعادة القدرة على المشي، بل يساهم أيضًا في تحسين جودة الحياة وزيادة استقلالية المستخدمين. إضافة إلى ذلك، حصل كيم سونج هوان على الميدالية الذهبية في مسابقة Cybathlon 2024 وهو يرتدي الروبوت، مما يثبت فعالية التكنولوجيا المدمجة في الجهاز.
كما أن هذا الابتكار يعد بمثابة إشراقة أمل للأشخاص ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم، حيث يظهر لهم أن التحديات التي يواجهونها يمكن التغلب عليها بفضل التقدم المستمر في مجال الروبوتات و التكنولوجيا المساعدة.
خطوة نحو المستقبل
يعد WalkON Suit F1 بمثابة طفرة تكنولوجية تعزز الحياة اليومية للأشخاص ذوي الإعاقة، ويعكس إمكانيات المستقبل في تحسين قدراتهم الحركية. هذا الابتكار لا يساعد فقط في استعادة الوظائف الحركية، بل يُلهم المزيد من الأبحاث والابتكارات في مجال الأجهزة القابلة للارتداء، مما يفتح أبوابًا جديدة نحو مستقبل أكثر شمولية واستقلالية للأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف أنحاء العالم.