آخر الأخبار
ما حقيقة إتاحة ChatGPT Plus مجانًا لسكان الإمارات؟

شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الإمارات خلال الساعات الماضية موجة واسعة من التفاعل والحماس، بعد انتشار أنباء تشير إلى أن خدمة ChatGPT Plus المدفوعة، والتي تبلغ كلفتها 20 دولارًا أمريكيًا شهريًا، ستصبح متاحة مجانًا لكافة سكان الإمارات. وقد جرى تداول هذه الأنباء على نطاق واسع تحت عناوين تتحدث عن “هدية إماراتية تقنية”، و”ثورة في الذكاء الاصطناعي للجميع”.
لكن، ورغم هذا التفاعل اللافت، برزت العديد من التساؤلات حول مدى صحة هذه الأخبار، خصوصًا في ظل غياب تأكيد رسمي مباشر من OpenAI أو الجهات المعنية في دولة الإمارات. لذا نعرض في هذا التقرير قراءة دقيقة للحقائق المعلنة رسميًا، ونفصّل أبعاد الشراكة بين الإمارات وOpenAI، وما يمكن أن تعنيه فعليًا لسكان الدولة.
فهم الشراكة بين الإمارات وOpenAI: نهج وطني لا استهلاكي
أعلنت شركة OpenAI، في بيان صحفي نُشر مساء الخميس الماضي، عن شراكة استراتيجية غير مسبوقة مع حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، تهدف إلى إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا أدوات ChatGPT، في قطاعات حيوية على مستوى الدولة، مثل:
- التعليم
- الرعاية الصحية
- الطاقة
- الخدمات الحكومية
ويمثل هذا الإعلان خطوة نوعية نحو تحويل الذكاء الاصطناعي إلى عنصر أساسي في البنية التحتية الوطنية لدولة الإمارات، مما يعكس رؤية بعيدة المدى تتجاوز الاستخدامات الفردية، وتركّز على تطوير منظومة متكاملة تعزز كفاءة المؤسسات وتحسّن حياة المواطنين والمقيمين على حد سواء.
ولعل الأهم في هذا السياق، أن الشراكة لا تتحدث عن منح اشتراكات فردية مجانية في خدمة ChatGPT Plus، بل عن إدماج الأدوات نفسها ضمن الخدمات الحكومية والمؤسسية، لتوفير حلول ذكية وتفاعلية تدعم التحول الرقمي وتسهم في رفع جودة الخدمات العامة.
مشروع Stargate UAE: مركز ذكاء اصطناعي عالمي في أبوظبي
في قلب هذه الشراكة الطموحة، يبرز مشروع “ستارجيت الإمارات” (Stargate UAE)، الذي يعدّ حجر الزاوية في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الدولة. يهدف المشروع إلى إنشاء أكبر مركز بيانات متخصص في الذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة، ويجري تنفيذه في أبوظبي بالتعاون مع نخبة من كبرى الشركات العالمية، من بينها:
- G42 الإماراتية
- OpenAI
- Oracle
- NVIDIA
- Cisco
- SoftBank
هذا المركز العملاق، الذي يُنتظر أن يعمل بالطاقة النووية والشمسية والغازية، لن يكون مجرد منشأة لتخزين البيانات، بل سيشكّل نقطة ارتكاز إقليمية للبحث والتطوير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويهدف إلى تسريع الابتكار وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
ويُعد هذا المشروع أول تعاون من نوعه لشركة OpenAI خارج الولايات المتحدة بهذا الحجم، ما يؤكد مكانة الإمارات المتنامية كمركز عالمي للابتكار والتحول التكنولوجي.
هل سيتمكن الأفراد من استخدام ChatGPT Plus مجانًا؟
بالرغم من الحماس الشعبي الكبير، فإن الادعاءات التي تم تداولها عن إتاحة ChatGPT Plus مجانًا لجميع سكان الإمارات ليست دقيقة. فالإعلان الرسمي لشركة OpenAI لم يتضمن أي إشارة إلى توفير اشتراكات فردية مجانية للنسخة المدفوعة من ChatGPT.
حتى الآن، ما زالت خدمة ChatGPT Plus تتطلب اشتراكًا مدفوعًا بقيمة 20 دولارًا شهريًا، كما هو الحال في بقية دول العالم. وتبقى النسخة المجانية من ChatGPT، القائمة على نموذج GPT-3.5، هي المتاحة للجميع، دون مقابل.
ورغم وجود تقارير إعلامية نسبت تصريحات إلى جهات لم تُحدَّد بدقة، تشير إلى إمكانية توفير النسخة المدفوعة مجانًا للمقيمين في الدولة، فإن هذه المعلومات لم تؤكدها OpenAI ولا الجهات الرسمية في الإمارات حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
ما الذي يمكن أن يستفيد منه السكان؟
رغم غياب التأكيد حول الاشتراكات الفردية المجانية، فإن إدماج أدوات ChatGPT في المنصات الحكومية والتعليمية والطبية يعني أن سكان الإمارات سيستفيدون من الوصول إلى هذه القدرات المتقدمة عبر قنوات رسمية، مثل:
- منصات الخدمات الحكومية الرقمية
- أنظمة دعم القرار في المستشفيات والمراكز الصحية
- أدوات تعليمية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات
وهذا ما يُعدّ تطورًا مهمًا، لأن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي يصبح جزءًا من الحياة اليومية للمستخدم دون الحاجة لتحمل تكلفة الاشتراك في النسخة المدفوعة.
لماذا انتشرت الأخبار الخاطئة؟
يبدو أن السبب الرئيسي وراء الالتباس هو سوء فهم أو تأويل خاطئ لبعض وسائل الإعلام لتفاصيل الإعلان الرسمي، حيث جرى الربط بين إدماج ChatGPT في البنية التحتية الحكومية، وبين توفير الخدمة مجانًا على مستوى الأفراد، دون التمييز بين الاستخدام المؤسسي والاشتراك الشخصي.
كما ساهمت العناوين المثيرة والمضللة في تغذية هذا التصور الخاطئ، مثل: “ChatGPT Plus مجاني لكل من في الإمارات!”، وهو ما لا يتطابق مع الواقع بحسب البيان الرسمي.
لا شك أن دولة الإمارات تخطو بثبات نحو موقع الريادة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، مدعومة برؤية استراتيجية واضحة ومشاريع ضخمة كمشروع Stargate UAE، والتعاون مع شركات رائدة مثل OpenAI.
لكن، وبالرغم من هذه الخطوات الجبارة، يجب توضيح أن خدمة ChatGPT Plus ما تزال تتطلب اشتراكًا مدفوعًا، وأن استخدام ChatGPT سيكون مدمجًا في قطاعات معينة لخدمة المجتمع، وليس عبر توفير اشتراكات شخصية مجانية حتى الآن.
لذا، يُنصح الجمهور بعدم الاعتماد على الإشاعات أو الأخبار غير المؤكدة، ومتابعة التصريحات الرسمية الصادرة عن OpenAI أو الجهات الحكومية المعنية في الإمارات.