آخر الأخبار
لماذا يعجز الذكاء الاصطناعي عن معرفة الوقت؟

فريق من الباحثين في جامعة إدنبرة يعملون على اختبار قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم شيء يعتبر بسيطًا جدًا بالنسبة للبشر: الوقت. وعلى الرغم من التقدم الهائل الذي شهدته تقنيات الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، كان هناك أمر واحد لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا: قدرة نماذج اللغة الكبيرة على قراءة الوقت من الساعات والتقويمات. كانت هذه المهمة التي بدا أنها لا تشكل مشكلة للبشر، ولكنها كانت تعني الكثير من الصعوبات لهذه الأنظمة الرقمية المتطورة.
الاختبار غير المتوقع
قرر الباحثون أن يجروا تجربة دقيقة لفحص قدرة الذكاء الاصطناعي على التعامل مع الوقت. كانت الفكرة بسيطة: تقديم صور لساعات مختلفة وتقويمات متعددة لنماذج الذكاء الاصطناعي وطرح أسئلة حول الوقت. كانت الصور تشمل ساعات تقليدية بعقارب، ساعات بأرقام رومانية، بل وحتى ساعات دون عقرب ثواني. بالإضافة إلى تقويمات تحتوي على أيام وشهور لآخر 10 سنوات.
ببساطة، كان الباحثون يريدون معرفة: هل يمكن للذكاء الاصطناعي فهم الوقت كما نفهمه نحن البشر؟
النتائج المدهشة
كانت النتائج أكثر إثارة من المتوقع. على الرغم من أن نماذج الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي و جيميني و كلود تتمتع بقدرات رائعة في الكتابة، التحليل، وحتى تقديم الإجابات المعقدة، إلا أنها فشلت في تحديد الوقت بدقة. في بعض الحالات، لم تتمكن الأنظمة من تحديد الوقت على الساعات بشكل صحيح إلا في أقل من 25% من المرات. ولكن الأمر الأكثر إثارة هو أنها أخفقت حتى في الساعات التقليدية، ناهيك عن الساعات التي تحمل أرقامًا رومانية أو الساعات ذات التصميمات غير المعتادة.
تساءل الباحثون: هل حقًا يمكن أن يواجه الذكاء الاصطناعي صعوبة في فهم شيء بسيط مثل الوقت؟
التحديات المعرفية: الوقت أصعب مما نعتقد
وبحسب الدراسة، بدأ الباحثون يفهمون السبب وراء هذا الفشل. الوقت، كما تبين لهم، ليس أمرًا بسيطًا كما يبدو. قراءة الساعة وفهم التقويم يتطلبان أكثر من مجرد النظر إلى الأرقام والعقارب. إنها تتطلب تفكيرًا عدديًا معقدًا وحسابات دقيقة، بالإضافة إلى قدرة معرفية عالية لتفسير الزوايا التي تشير إليها العقارب على الساعة. لذلك، حتى إذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على إجراء عمليات معقدة في مجالات مثل تحليل النصوص أو الفهم العاطفي، فإن الوقت يتطلب مهارات خاصة لا يزال بعيدًا عنها.
أسباب العجز: نظرة أعمق إلى التحديات
قال الباحثون: “قراءة الوقت تتطلب فهمًا بصريًا دقيقًا. فالذكاء الاصطناعي يجب أن يتمكن من تمييز العقارب على الساعة بدقة عالية، بالإضافة إلى التفكير العددي لمعرفة الأيام بين التواريخ المختلفة”. في الحقيقة، فحتى البشر قد يجدون أن الحساب العددي بين الأيام أمرًا معقدًا في بعض الأحيان، فما بالك بنظام ذكاء اصطناعي لم يتم تدريبه بشكل كافٍ على التعامل مع هذه الأنواع من المهام.
الحلول الممكنة: التقدم البطيء لكن المستمر
ومع ذلك، كانت بعض نماذج الذكاء الاصطناعي تتفوق في بعض الجوانب. نموذج جيميني من غوغل كان الأفضل في اختبار قراءة الساعات، بينما كان شات جي بي تي -4أو من أوبن إيه آي يتفوق في فهم التقويمات، حيث تمكن من تحديد الوقت والتاريخ بدقة في 80% من الحالات. ولكن لم تتمكن النماذج الأخرى من تحقيق نفس المستوى من الدقة، ما يثير تساؤلات حول التحديات التي تواجه هذه الأنظمة في فهم الزمن.
التداعيات على العالم الواقعي: ماذا يعني ذلك؟
ما معنى كل هذا بالنسبة للواقع؟ مع ازدياد استخدام الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، أصبح من الضروري أن يكون لهذه الأنظمة القدرة على التعامل مع المهام الزمنية مثل الجدولة، إدارة المواعيد، أو حتى التفاعل مع التقويمات الرقمية. يقول روهيت ساكسينا، أحد مؤلفي الدراسة: “بينما يستطيع معظم الناس فهم الوقت واستخدام التقويمات منذ سن مبكرة، فإن هذه المهارات الأساسية تظل غائبة عن الذكاء الاصطناعي، ويجب علينا أن نأخذ هذه المشكلة في الاعتبار إذا أردنا دمج هذه الأنظمة في تطبيقات حياتية تتطلب التفاعل مع الزمن”.
لماذا يحتاج الذكاء الاصطناعي إلى مزيد من التطوير؟
يتضح أن الذكاء الاصطناعي لا يزال بعيدًا عن فهم الوقت كما نفهمه نحن البشر. وهذا يضع حدودًا لتطبيقاته في العديد من المجالات مثل الأتمتة و الجدولة. رغم أن الأنظمة قادرة على أداء مهام معقدة، فإن فهم الوقت يظل تحديًا لا يمكن تجاهله.
ولذا، لابد أن يكون تطوير الذكاء الاصطناعي في مجال الزمن جزءًا أساسيًا من الأبحاث المستقبلية إذا كان لهذه الأنظمة أن تتكامل بشكل أفضل في حياتنا اليومية.