آخر الأخبار
تقنية جديدة تجمع الأحبة على الرغم من المسافات
ابتكر علماء من بريطانيا جهازاً جديداً يُحاكي الإحساس باللمس البشري، مما يُتيح للأشخاص الذين يعيشون على بُعد كبير من بعضهم إمكانية الإمساك بأيدي أحبائهم والشعور باللمس كما لو كانوا معًا في مكان واحد. هذا الجهاز المبتكر الذي يُعرف باسم BAMH، وهو اختصار لـ “نظام اللمس المبتكر المستوحى بيولوجياً”، يُمثل طفرة في مجال التكنولوجيا الحسية، ويتيح للمستخدمين تجربة إحساس اللمس الواقعي باستخدام الاهتزازات لتحفيز الخلايا العصبية المسؤولة عن هذه الأحاسيس.
أوضح الباحثون في كلية لندن الجامعية أن هذه التقنية الجديدة تُحاكي اللمس البشري بشكل طبيعي للغاية، مما يوفر أحاسيس دقيقة وواقعية. ومع ذلك، يعمل الفريق العلمي حاليًا على البحث عن 10 متطوعين يعانون من فقدان حاسة اللمس لإجراء تجربة سريرية خلال الأشهر القليلة المقبلة، وذلك بهدف فهم أفضل لكيفية تدهور حاسة اللمس مع مرور الزمن.
كيفية عمل الجهاز
الجهاز BAMH يعتمد على مبدأ بسيط ولكنه فعال، حيث يقوم باستخدام الاهتزازات لتحفيز الخلايا العصبية التي تستجيب للمس. هذه الخلايا العصبية مسؤولة عن نقل الإشارات الحسية من الجلد إلى الدماغ، وبالتالي تُعيد إحساس اللمس بشكل مشابه للطبيعي. هذا الجهاز لا يُستخدم فقط لتعزيز اللمس بين الأشخاص المتباعدين جغرافيًا، بل يمكن أن يُستخدم أيضًا لفهم الأسباب التي تؤدي إلى فقدان الإحساس في الأطراف لدى بعض المرضى.
التطبيقات الطبية للجهاز
من بين أهم التطبيقات المتوقعة لهذا الجهاز هو دوره الكبير في مجال الرعاية الصحية، وخاصةً في العمليات الجراحية التي تعتمد على الروبوتات. وأوضح الباحثون أن الجهاز قد يُساعد الأطباء في تحديد نوع الأنسجة التي يتفاعلون معها أثناء الجراحة، وتحديد ما إذا كانت هذه الأنسجة سرطانية أم لا. هذا التطور قد يكون ذا تأثير عميق على دقة العمليات الجراحية وزيادة معدل نجاحها.
علاوة على ذلك، يُستخدم الجهاز حاليًا في دراسة الأسباب التي تؤدي إلى ضعف القدرة الحسية في أطراف الأصابع لدى المرضى، والتي تُسبب بمرور الوقت فقدان حاسة اللمس تمامًا. يُمكن أن يكون هذا الجهاز أداة تشخيصية قوية تُستخدم في الكشف المبكر عن أمراض الأعصاب مثل **مرض السكري**، الذي يؤدي في مراحله المتقدمة إلى فقدان القدرة على الشعور باللمس.
دور الجهاز في تعزيز اللمس الافتراضي
وفي إطار حديثها عن هذا الابتكار، أوضحت الدكتورة سارة أباد، رئيسة الفريق العلمي للمشروع، أن الجلد هو أحد أكبر الأعضاء في الجسم البشري، ويُوفر معلومات غاية في الأهمية عن صحة الإنسان وأمراضه. لذلك، تم تطوير هذا الجهاز ليجمع بين اللمس الواقعي واللمس الافتراضي، حيث يُمكن من خلاله تعزيز تجربة اللمس بين الأشخاص، حتى وإن كانوا متباعدين.
تطرقت الدكتورة سارة أيضًا إلى أهمية هذا الجهاز في ضوء جائحة كوفيد-19، حيث كان التباعد الاجتماعي وفقدان اللمس البشري من بين أكبر التحديات التي واجهها الناس. وأشارت إلى أن مكالمات الفيديو، رغم كونها مفيدة للتواصل، إلا أنها لم تستطع تعويض الإحساس باللمس، وهو ما يُحاول هذا الجهاز تقديمه.
التركيبة والتصميم
يتكون الجهاز من قسمين رئيسيين: الأول هو برنامج يتم تشغيله عبر الكمبيوتر أو الأجهزة اللوحية، والثاني هو إصبع من السيليكون مُتصل بجهاز صغير بحجم حقيبة يدوية. يعمل الإصبع على تحفيز أربعة أنواع من الخلايا العصبية الحسية ومستقبلات اللمس الموجودة في الجلد، مما يمنح المستخدم إحساسًا حقيقيًا وواقعيًا باللمس. هذه التقنية المبتكرة يُتوقع أن تُحدث نقلة نوعية في مجالات عديدة، بدءًا من الرعاية الصحية وحتى التفاعل الاجتماعي عن بُعد.
الفوائد المستقبلية
تفتح هذه التقنية الباب أمام تطبيقات عديدة في مجالات الرعاية الصحية، حيث يمكن أن تُستخدم كأداة تشخيصية للمرضى الذين يُعانون من أمراض تؤثر على حاسة اللمس، مثل أمراض الأعصاب والسكري. إضافةً إلى ذلك، يُمكن استخدام الجهاز في تعزيز تجربة اللمس في البيئات الافتراضية، سواء كانت هذه البيئات تُستخدم في التعليم، الترفيه، أو حتى في المجالات الطبية والعلاجية.
علاوة على ما سبق، فإن هذا الابتكار يُمكن أن يفتح الباب أمام دراسات مستقبلية لفهم أفضل لتدهور حاسة اللمس مع مرور الزمن، والتوصل إلى طرق جديدة لمعالجة المشاكل المرتبطة بفقدان الإحساس. كما أنه يُوفر فرصة لإعادة الاتصال الحسي بين الأشخاص المتباعدين، مما يُساهم في تحسين جودة حياتهم وتواصلهم مع الآخرين.