آخر الأخبار
كيف تعزز الشراكات بين القطاعين العام والخاص نمو المواهب التقنية

تشهد الثورة الرقمية تحولاً كبيراً يفتح آفاقاً واسعة لأصحاب المهارات الرقمية، حيث يتزايد الطلب على المتخصصين والكفاءات في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات على مستوى العالم. هذا التوجه يتعزز بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التي تمر بمرحلة تحول رقمي سريع، حيث تسارع الحكومات والشركات في تبني التقنيات المتقدمة مثل الجيل الخامس (5G)، الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء.
منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تشهد تحولات تقنية جذرية، حيث تأتي دول مجلس التعاون الخليجي في مقدمة الدول التي تستعد للمستقبل الرقمي. حكومات هذه الدول تعمل على استثمار كبير في البنية التحتية الرقمية وتطوير المبادرات التي تتماشى مع رؤاها الوطنية. هذا الاستعداد يدفع بالتكنولوجيا إلى قلب جميع جوانب الحياة، مما يرفع من مستوى الاعتماد على المهارات الرقمية المتقدمة.
تشير التقديرات الصادرة عن الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن ملايين الوظائف في المستقبل ستتطلب مهارات رقمية متقدمة. وهذا يجعل المهارات الرقمية محورية في التوظيف، ويخلق تحديات كبيرة، حيث قد تنشأ فجوات في سوق العمل بين المتخصصين في تقنية المعلومات والاتصالات وغيرهم من الموظفين الذين يفتقرون إلى هذه المهارات أو لا يملكون الدراية الكافية بها. وللتغلب على هذه الفجوة، لابد من تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية. ويستلزم ذلك العمل على نطاق واسع، مع تقديم حلول مبتكرة وتأسيس شراكات متينة تعزز من قدرات سوق العمل.
الشركات الحكومية والخاصة في المنطقة تدرك هذا التحدي، وتسعى جاهدة لتنمية مهارات العمل للجيل القادم من قادة قطاع تقنية المعلومات والاتصالات. من بين هذه الشركات، تقف شركة “هواوي” العالمية في طليعة الجهود المبذولة لتطوير الكفاءات الرقمية من خلال برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركات “بذور من أجل المستقبل”.
برنامج “بذور من أجل المستقبل 2024” شهد نجاحاً كبيراً في نسخته الأخيرة التي أقيمت في أوزبكستان، حيث شارك 150 طالباً من جامعات رائدة تمثل 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. هذا الحدث لم يكن مجرد مسابقة، بل كان منصة لتعزيز المعرفة وتطوير المواهب في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، إضافة إلى بناء جسور التعاون بين الدول ودفع عجلة الشمول الرقمي على مستوى العالم.
وفي الكلمة الافتتاحية للبرنامج، أكد شونلي وانغ، نائب رئيس هواوي في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، على أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص لبناء نظام إيكولوجي رائد في مجال تقنية المعلومات والاتصالات. شدد وانغ على أن هذا التعاون هو ضرورة أساسية لتمكين المواهب الواعدة في هذا المجال والمساهمة في تطوير المناطق التي تعمل فيها الشركة. وأضاف: “المواهب الشابة هي العماد الأساسي لمستقبل قطاعنا، وعلينا جميعاً أن نعمل معاً لتهيئة البيئة المناسبة لنموهم ونجاحهم.”
معالجة الفجوة الرقمية يتطلب جهوداً متكاملة من الحكومات والشركات، حيث يؤكد المنتدى الاقتصادي العالمي على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتقليص الفجوة الرقمية. الحكومات في المنطقة يجب أن توفر برامج تدريب وتأهيل متخصصة بالتعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية، مما يساهم في تعزيز الكفاءات والمواهب الرقمية. نجاح مثل هذه البرامج يعتمد على التآزر بين القطاعين، حيث توفر الحكومات الأطر والسياسات والاستثمارات الأولية، بينما تقدم الشركات الخاصة الخبرة الصناعية والتكنولوجيا المتطورة التي تعكس احتياجات السوق.
برنامج “بذور من أجل المستقبل” من هواوي يعتبر نموذجاً يحتذى به في الشراكة بين القطاعين العام والخاص. منذ انطلاقه في عام 2008، استفاد من هذا البرنامج أكثر من 18 ألف طالب من 141 دولة حول العالم. النهائيات الإقليمية لهذا العام في طشقند، عاصمة أوزبكستان، كانت شاهداً على نجاح هذا البرنامج حيث أظهر الطلاب قدراتهم المكتسبة من خلال التدريب المكثف وورش العمل، وتوجت مشاركتهم في مسابقة Tech4Good التي حفزتهم على تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة تخدم المجتمع.
في ختام الحدث، أشاد كريمجونوف رستم، نائب وزير التقنيات الرقمية في جمهورية أوزبكستان، بأهمية دمج التكنولوجيا المتقدمة في الأطر التعليمية من خلال شراكات قوية بين القطاعين العام والخاص. وأكد على أن رعاية المواهب المحلية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات لا تقتصر فقط على إعداد الشباب لمواجهة التحديات المستقبلية، بل تسهم أيضاً في تعزيز بيئة الابتكار والنمو في الاقتصاد الرقمي.
لا يمكن تجاهل أهمية الاستثمار في مواهب تقنية المعلومات والاتصالات. فمع التطور السريع للمشهد الرقمي، تزداد الحاجة إلى خبرات متخصصة. برامج مثل “بذور من أجل المستقبل” لا تسد الفجوات الوظيفية فقط، بل تعمل أيضاً على تمكين الأفراد ودفع الابتكار وبناء مستقبل أكثر استدامة وشمولية للجميع. من خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، يمكننا أن نخلق بيئة تتيح للشباب في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وخارجها النجاح في العصر الرقمي. وما نزرعه اليوم من خلال هذه الشراكات سيزهر في مستقبل مشرق للأجيال القادمة.