آخر الأخبار
الصين تطلق أول كوكبة أقمار صناعية ثلاثية على مدار رجعي بعيد بين الأرض والقمر

في إنجاز علمي غير مسبوق يعزز مكانة الصين كقوة رائدة في مجال الفضاء، أعلنت الأكاديمية الصينية للعلوم، عبر صحيفة “غلوبال تايمز”، عن نجاحها في إنشاء أول كوكبة من الأقمار الصناعية الثلاثية في العالم على مدار رجعي بعيد (Distant Retrograde Orbit – DRO)، ضمن المنطقة الفاصلة بين الأرض والقمر. هذا الحدث العلمي البارز جاء تتويجاً لجهود بحثية وتقنية مكثفة، ويشكل خطوة استراتيجية نحو تطوير البنية التحتية الفضائية المستقبلية.
الكوكبة الجديدة تضم القمرين الصناعيين DRO-A وDRO-B، اللذين تم تصنيعهما وإطلاقهما بواسطة فريق من الخبراء في الأكاديمية الصينية للعلوم، وقد نجحا في الارتباط عبر روابط قياس واتصال دقيقة بالقمر الصناعي DRO-L، الذي تم إطلاقه سابقاً ويعمل حالياً في مدار قريب من الأرض. هذا التكامل بين الأقمار الصناعية الثلاثة يفتح آفاقاً واسعة لتطوير أنظمة الاتصالات والملاحة واستكشاف الفضاء السحيق.
وجاء الإعلان عن هذا الإنجاز خلال ندوة علمية متخصصة عُقدت في العاصمة الصينية بكين قبل ثلاثة أيام، شارك فيها نخبة من كبار العلماء والباحثين في علوم وتكنولوجيا الفضاء. وأكد خلالها تشانغ جون، كبير المهندسين في أكاديمية الابتكار للأقمار الصناعية الدقيقة، أن نجاح إدخال هذه الأقمار الصناعية إلى مدارها المستهدف يمثل قفزة نوعية في قدرات الصين الفضائية، خصوصاً في مجالات استعادة الأعطال في الفضاء السحيق، وأنظمة الملاحة الذاتية عالية الدقة، مما يكرّس دور الصين كقوة فضائية صاعدة ذات تأثير عالمي.
من جانبه، أشار وانغ وينبين، الباحث في مركز التكنولوجيا والهندسة لاستخدام الفضاء التابع للأكاديمية، إلى أن مدار DRO يُعد من أكثر المدارات استقراراً في الفضاء، ما يجعله مثالياً للمهمات طويلة الأمد، حيث تحتاج المركبات الفضائية إلى وقود أقل لدخوله والبقاء فيه، مما يقلل من التكاليف ويزيد من كفاءة العمليات الفضائية. وأوضح أن هذا المدار يعمل كمحور طبيعي بين الأرض والقمر والفضاء العميق، وهو ما سيتيح للصين بناء منصات بحثية متقدمة في هذه المنطقة الاستراتيجية.
وأضاف وانغ أن الفريق العلمي سيواصل دراسة المدارات المعقدة والمتنوعة في مجال الأرض والقمر، والعمل على تحليل ديناميكيات البيئة الفضائية في هذه المنطقة. كما يعتزم العلماء استغلال الاستقرار الطويل الأمد لمدار DRO لإجراء أبحاث متقدمة في ميادين حساسة مثل ميكانيكا الكم، والفيزياء الذرية، وغيرها من المجالات التي تتطلب بيئة فضائية مستقرة وموثوقة لإجراء التجارب الدقيقة.
هذا التطور يعكس الطموح الصيني الكبير نحو ترسيخ حضوره في مجال الفضاء، ويعزز رؤيته المستقبلية لتطوير محطات أبحاث فضائية دائمة، ومهام استكشافية تمتد نحو القمر وما بعده.