آخر الأخبار
الجدل حول تحول OpenAI إلى شركة ربحية: معارضة من “الأب الروحي” للذكاء الاصطناعي

منذ إعلان شركة OpenAI عن خططها للتحول إلى نموذج يهدف إلى تحقيق الأرباح، تزايدت الانتقادات الموجهة إليها من مختلف الأطراف في مجتمع الذكاء الاصطناعي. ويعد جيفري هينتون، الذي يعتبر “الأب الروحي للذكاء الاصطناعي” والحائز على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2024، من أبرز المنتقدين لهذا التحول. وقد أثار هذا القرار جدلًا واسعًا حول التزام OpenAI بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية بعد انتقالها إلى نموذج يهدف إلى الربح.
تحول OpenAI من منظمة غير ربحية إلى شركة ربحية
في السنوات الماضية، كانت OpenAI مؤسسة غير ربحية تركز على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومسؤول. ومع مرور الوقت، أدركت الشركة ضرورة جذب تمويل إضافي لدعم أبحاثها وتوسيع قدراتها التكنولوجية. لهذا السبب، قررت الشركة التحول إلى نموذج يهدف إلى تحقيق الأرباح. ورغم أن OpenAI تؤكد أن هذا التحول ضروري من أجل تأمين الموارد المالية اللازمة لتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية، فإن هناك آراء مخالفة ترى أن هذه الخطوة قد تضر بتوجهاتها السابقة التي كانت تركز على الأمان والفائدة العامة.
انتقادات من خبراء بارزين مثل جيفري هينتون
إحدى أبرز الانتقادات جاءت من جيفري هينتون، الذي يعد من أوائل الباحثين الذين أسهموا في تطور الذكاء الاصطناعي، والذي أبدى استياءه من تحول OpenAI إلى شركة ربحية. هينتون، الذي يعتبر “الأب الروحي للذكاء الاصطناعي”، أشار إلى أن OpenAI قد أُسست في البداية كمنظمة غير ربحية تلتزم بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تضمن الأمان والسلامة. وأضاف أن الشركة استفادت بشكل كبير من وضعها غير الربحي في الحصول على مزايا ضريبية والتمويل، وأن تحولها إلى كيان هادف للربح سيتعارض مع قيمها الأصلية التي تأسست عليها.
وتابع هينتون قائلاً: “إن السماح لـ OpenAI بالتخلي عن التزاماتها في مجال السلامة والأمان بمجرد أن تصبح غير ملائمة لها سيكون رسالة سلبية لبقية شركات الذكاء الاصطناعي”، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة قد تشجع الشركات الأخرى على اتخاذ نهج مماثل.
قلق بشأن السرعة المتزايدة لتطور الذكاء الاصطناعي
لم يكن هينتون قد عبّر عن مخاوفه من تطور الذكاء الاصطناعي بسرعة دون إشراف فحسب، بل سبق له أن حذر من إمكانية تأثير هذه التكنولوجيا على البشرية. في تصريحات سابقة، توقع هينتون أن هناك فرصة تتراوح بين 10% و 20% لأن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تهديد وجود البشرية في العقود الثلاثة المقبلة. كما أشار إلى التحديات التي قد يواجهها سوق العمل في المستقبل، مع احتمال فقدان ملايين الوظائف بسبب تطور الذكاء الاصطناعي. ودعا الحكومات إلى التفكير في سياسات جديدة، مثل تطبيق خطة دخل أساسي عالمي، لمساعدة الأفراد الذين قد يتأثرون بهذه التغييرات الاقتصادية.
إيلون ماسك وأول المعارضين
من جهة أخرى، كان إيلون ماسك، أحد المؤسسين السابقين لشركة OpenAI، من أوائل الذين عارضوا تحول الشركة إلى كيان يهدف إلى الربح. في البداية، انتقد ماسك القرار، حيث اعتبر أن هذا التوجه يتناقض مع الأهداف الإنسانية التي كانت قد تبنتها الشركة. ولكن رسائل بريد إلكتروني ومحادثات داخلية أظهرت أن ماسك كان قد شجع في وقت لاحق على إعادة الهيكلة بشرط أن يحصل على حصة أغلبية من الأسهم. ولحقت شركة ميتا أيضًا بماسك في معارضة هذه الخطوة، حيث طالبت بمنع تحويل OpenAI إلى شركة ربحية من خلال تقديم طلب للمدعي العام في ولاية كاليفورنيا.
المنافسة مع شركات أخرى ذات منفعة عامة
في ظل هذا التحول، أكدت OpenAI أنها ستتحول إلى نوع جديد من الكيانات التجارية يُسمى “شركة ذات منفعة عامة” (Public Benefit Corporation – PBC)، وهو نوع من الشركات التي تهدف إلى تحقيق الربح، ولكنها لا تزال تلتزم بمسؤوليات اجتماعية. وقد استلهمت OpenAI هذا النموذج من شركات أخرى تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل “أنثروبيك” و “xAI” التي يملكها إيلون ماسك، والتي أيضًا تتبع نهج الشركات ذات المنفعة العامة. ويأتي هذا التحول في محاولة لتحقيق توازن بين تحقيق الأرباح وضمان تطوير تقنيات آمنة ومفيدة للبشرية.
التحديات المستقبلية لـ OpenAI
رغم تأكيد OpenAI على خططها للتحول إلى شركة ذات منفعة عامة، فإن الشركة تواجه تحديات كبيرة في كيفية تحقيق التوازن بين هدفها الربحي والتزامها بالتطوير المسؤول للذكاء الاصطناعي. مع استمرار الانتقادات من قبل الباحثين والمفكرين في هذا المجال، يبقى المستقبل غامضًا بشأن تأثير هذا التحول على ممارسات الشركة وسمعتها في المجتمع العلمي والصناعي.