أدوات بحث عميق تنافس شات جي بي تي وتفتح آفاقًا جديدة للمستخدمين

في ظل سباق متسارع نحو ريادة تقنيات الذكاء الاصطناعي، كشفت كبرى شركات التكنولوجيا العالمية عن مجموعة أدوات مبتكرة تمثل نقلة نوعية في مجال البحث العميق، وذلك عبر تقديم تجارب استخدام متقدمة تتجاوز ما يقدمه ChatGPT من حيث تحليل البيانات، وتقديم تقارير احترافية، وتوليد محتوى غني يعتمد على مصادر متعددة.

هذه الأدوات الجديدة، التي دخلت حيز الاستخدام الفعلي خلال الأشهر القليلة الماضية، تهدف إلى تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لتبسيط عمليات البحث المعقدة، وتوفير الوقت والجهد على المستخدمين، خصوصًا في مجالات البحث الأكاديمي، وصنع القرار، وتحليل البيانات، وإعداد التقارير.

ويتفق خبراء التقنية على أن هذه التطويرات تُعتبر خطوة تمهيدية نحو تحقيق ما يُعرف بـ”الذكاء الاصطناعي العام” (AGI)، وهو النوع من الذكاء الذي يستطيع التعامل مع أنواع متعددة وغير مسبوقة من الأسئلة والمواقف، وإنتاج محتوى أصيل دون الاعتماد الكامل على تدخل بشري.

أهم أدوات البحث العميق التي ظهرت مؤخرًا:

1. جيميني من غوغل (Gemini 1.5 Pro ثم 2.5 Pro)

أطلقت غوغل نموذج Gemini 1.5 Pro في ديسمبر 2024 كأداة متقدمة للبحث العميق، قادرة على تحليل عشرات المصادر المختلفة في وقت قصير جدًا، وتقديم تقارير مفصلة يمكن حفظها مباشرة في مستندات Google Docs.

وفي مارس 2025، دمجت غوغل هذه الأداة مع روبوت الدردشة “جيميني” ليتمكن المستخدم من الاستفادة منها مجانًا، قبل أن تطلق في أبريل إصدارًا أكثر تطورًا (Gemini 2.5 Pro) لمشتركي “Gemini Advanced”، ما جعل الأداة أحد أكثر الخيارات شمولًا واحترافية.

2. Perplexity AI: قوة مجانية بميزات مدفوعة

أطلقت شركة Perplexity أداتها الخاصة في فبراير 2025، مستندة إلى تقنيات GPT-4 ومحرك بحث Bing، ما منحها قوة تحليل مذهلة.

تُتيح الأداة للمستخدمين تنفيذ 5 استعلامات يوميًا مجانًا، فيما تقدم خطة Pro المدفوعة إمكانية الوصول إلى 500 استعلام.

كما تتيح تصدير النتائج بصيغ مختلفة (PDF، Word، Markdown)، ما جعلها محط أنظار الباحثين والمحللين رغم وجود بعض العيوب التقنية مثل تأخر الاستجابة أو محدودية بعض المصادر.

3. غروك 3 (Grok 3) من شركة إيلون ماسك

ضمن مبادرات شركة X (تويتر سابقًا) التي يديرها إيلون ماسك، تم الكشف في فبراير 2025 عن أداة Grok 3، والتي ركّزت على تقديم إجابات ذكية في مجالات متخصصة مثل الاقتصاد والتمويل.

ورغم كونها لا تزال محدودة من حيث عدد المستخدمين والإتاحة المجانية، إلا أن Grok 3 تعد واحدة من المبادرات الطموحة التي تسعى لخلق تجربة بحث ذكية ومستقلة.

المشكلة الأكبر تكمن في محدودية عدد المصادر والاستشهادات، ما يجعل الأداة أقل موثوقية مقارنة بمنافساتها من غوغل ومايكروسوفت.

4. كلاود من أنثروبيك (Claude by Anthropic)

في أبريل 2025، أعلنت شركة Anthropic عن إطلاق أداة بحث عميق ضمن منصتها “كلاود”، تعتمد على نموذج الذكاء Sonnet 3.7.

تركز الأداة على تقديم نتائج تحليلية احترافية بتنسيقات متعددة تشمل الملخصات، والنقاط الرئيسية، والمقارنات، كما أنها مصممة للتكامل مع تطبيقات الأعمال والشركات.

لكنها تظل محصورة ضمن الباقات المدفوعة، ما يجعلها خيارًا مثاليًا للمؤسسات أكثر من المستخدمين الأفراد.

5. Copilot من مايكروسوفت

استثمرت مايكروسوفت شراكتها مع OpenAI لتطوير مساعدها الذكي “Copilot” الذي أدمج بذكاء داخل حزمة Microsoft 365.

يتميز Copilot بقدرته على تحليل الاستفسارات المعقدة، وتقديم نتائج دقيقة وتفسيرية دون الحاجة لإعداد تقارير طويلة.

ورغم أن قدراته محدودة مقارنة بـ”Gemini” أو “Perplexity” من حيث الاستقلالية، إلا أنه يُعد أداة مفيدة جدًا للمستخدمين المهنيين الراغبين في تسريع مهامهم اليومية عبر تفاعل ذكي وسلس.

تُعد أدوات البحث العميق الجديدة علامة فارقة في تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث بات بإمكان المستخدمين الوصول إلى تحليلات شاملة وتوصيات ذكية في وقت قياسي. ويبدو أن المنافسة في هذا المجال ستتوسع بشكل كبير في الفترة المقبلة، مع دخول المزيد من الشركات وتطور النماذج اللغوية التي تقف خلف هذه الأدوات.