آخر الأخبار
هل يثق الجمهور بالصحفيين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي؟

في عالم الصحافة الحديث، أصبح الذكاء الاصطناعي التوليدي أحد الأدوات البارزة التي تُستخدم في مختلف جوانب العمل الإعلامي. تقنيات مثل روبوتات الدردشة وأدوات توليد الصور والفيديوهات تُحدث تحولًا كبيرًا في طريقة إنتاج وتوزيع المحتوى الإخباري. ورغم الفوائد التي تقدمها هذه الأدوات، يظل هناك قلق واسع بشأن مدى ثقة الجمهور في المحتوى الذي يُنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
يكشف تقرير حديث عن نتائج مقلقة بخصوص استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، حيث أظهرت الأبحاث أن 25% فقط من الجمهور يثقون في محتوى صحفي تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، بينما يُظهر نحو 50% منهم شكوكًا أو عدم يقين في ذلك. وهذه النتائج تعكس الفجوة المتزايدة في الثقة بين الصحفيين والجمهور، خصوصًا في ظل غياب الشفافية بشأن كيفية استخدام هذه التكنولوجيا في إنتاج الأخبار.
في الصحافة، يُعتبر الحفاظ على الشفافية أمرًا بالغ الأهمية لبناء علاقة من الثقة مع الجمهور. حيث إن معرفة الجمهور بمصادر الأخبار وطرق إنتاجها يعزز مصداقية المحتوى الصحفي. ومن هنا، يصبح من الضروري فهم كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى الصحفي، إذ يمكن أن يؤدي الاستخدام غير المدروس لهذه التكنولوجيا إلى تقليل التمثيل الصحيح للمجتمع أو حتى تعزيز التفاوتات الاجتماعية.
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في الصحافة بعدة طرق، بداية من تحسين الصور، وكتابة العناوين، وصولًا إلى تلخيص المقالات. هذه الأدوات توفر وقتًا ثمينًا للمحررين وتساعدهم في تحسين جودة الإنتاج الصحفي. ومع ذلك، هناك بعض التحديات التي قد ترافق استخدام الذكاء الاصطناعي، مثل الأخطاء التي قد تحدث عند التعرف على الأشخاص أو الأشياء في الصور، مما قد يؤدي إلى نشر معلومات غير دقيقة.
وفي مجالات أكثر تعقيدًا، مثل توليد مقاطع الفيديو أو الصور المفبركة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج محتوى قد يُستخدم لإثارة الجدل، مثل الأخبار الكاذبة أو المساس بحقوق الملكية الفكرية. على سبيل المثال، تم نشر أخبار كاذبة عبر مزايا الذكاء الاصطناعي في بعض الهواتف الذكية في ديسمبر 2024، حيث تم تداول تقارير غير صحيحة حول انتحار شخص أو اعتقال سياسي بارز.
يتباين رأي الجمهور حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة. بينما يظهر القبول لاستخدام هذه التكنولوجيا في المهام التقنية البسيطة مثل تحسين الصور أو إضافة الكلمات المفتاحية، فإن هناك تحفظات قوية حول استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام التحريرية والإبداعية. فالعديد من الأشخاص لا يشعرون بالراحة في فكرة أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الصحفيين في تحرير الأخبار أو تقديم التقارير الصحفية.
على الرغم من هذه المخاوف، يبقى هناك إمكانيات كبيرة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الصحافة إذا تم استخدامه بشكل مسؤول. يمكن لهذه الأدوات أن تُسهم في تحسين جودة الصحافة من خلال دعم الصحفيين في المهام الروتينية، مما يمنحهم الوقت للتركيز على الجوانب الأهم مثل التحقق من المعلومات والتحليل العميق. ولكن يجب أن يتم التأكد من أن هذه الأدوات لا تحل محل العنصر البشري في اتخاذ القرارات التحريرية الهامة أو في تقديم الأخبار ذات الصلة.
في هذا السياق، يجب على الجمهور أن يكون أكثر وعيًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في الأخبار. من المهم أن يبحث الجمهور في سياسات المؤسسات الإخبارية لمعرفة ما إذا كانت تستخدم الذكاء الاصطناعي في إنتاج أو تحرير المحتوى، وكيفية إشراك هذه التكنولوجيا في العملية الصحفية. إذا كانت المؤسسات لا تقدم معلومات شفافة حول استخدام هذه التقنيات، يجب أن يطالب الجمهور بذلك لتحقيق مزيد من الشفافية والمساءلة.
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة قوية لتحسين الصحافة إذا تم استخدامه بشكل متوازن ومسؤول، مع الحفاظ على العنصر البشري في اتخاذ القرارات الحيوية. من خلال دعم الشفافية وتعزيز المساءلة، يمكن أن نحقق صحافة أكثر دقة وموثوقية في هذا العصر الرقمي، ويبقى على الجمهور أن يظل يقظًا ومستعدًا للتحقق من مصادر المعلومات لضمان مصداقيتها وعدم تشويه الحقائق.