آخر الأخبار
للمرة الثالثة عالميًا.. زراعة شريحة نيورالينك تُعيد القدرة على الكلام لمريض أمريكي

في إنجاز علمي وطبي مذهل، تمكّن رجل أمريكي يُدعى براد سميث من ولاية أريزونا، ويعاني من مرض التصلب الجانبي الضموري (ALS)، من استعادة القدرة على “التحدث” بصوته الخاص باستخدام شريحة دماغية طُوّرت من قِبل شركة “نيورالينك” التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، ليصبح بذلك ثالث شخص على مستوى العالم يتم زرع هذه الشريحة في دماغه.
سميث، الذي فقد القدرة على تحريك جسده بالكامل باستثناء عينيه وزوايا فمه، ظهر في مقطع فيديو مؤثر نُشر عبر منصة “إكس”، وهو “يتحدث” من جديد مستخدمًا نسخة صوتية أُنشئت خصيصًا له عبر روبوت الذكاء الاصطناعي “Grok” الذي تطوره شركة “إكس”. استعادت هذه النسخة الصوتية نبرة صوته الأصلية من تسجيلات سابقة له قبل أن يفقد القدرة على الكلام، ما أعاد له وسيلة حقيقية للتواصل بعد أن صمت صوته لسنوات.
ويُعد مرض التصلب الجانبي الضموري من الأمراض العصبية المزمنة التي تؤدي إلى تدهور تدريجي في الخلايا العصبية المسؤولة عن التحكم في حركة العضلات، وهو ما يؤدي إلى الشلل الكامل دون أن يؤثر على الوظائف العقلية أو القدرة على التفكير. ولأن سميث كان قد فقد تمامًا قدرته على استخدام عضلاته، فقد أصبح غير قادر على التواصل سوى من خلال حركات طفيفة جدًا في العين، وهي وسيلة مرهقة وغير فعالة، خاصة في ظروف الإضاءة المتغيرة.
لكن التقنية الجديدة التي طوّرتها “نيورالينك” غيّرت كل شيء. فقد تم زرع شريحة دقيقة للغاية داخل دماغه باستخدام روبوت جراحي عالي الدقة، حيث يقوم الروبوت بإدخال أقطاب كهربائية شبيهة بالخيوط في الجزء المسؤول عن نية الحركة في الدماغ، مع تجنب الأوعية الدموية لتقليل احتمالية حدوث نزيف. وتتصل هذه الشريحة لاسلكيًا بجهاز كمبيوتر عبر تقنية البلوتوث، ليقوم الجهاز بقراءة الإشارات العصبية الصادرة عن دماغ سميث، ثم ترجمتها إلى أوامر حركية على شاشة كمبيوتره المحمول من نوع MacBook Pro.
الأكثر إدهاشًا هو أن هذه الأوامر لا تقتصر على تحريك المؤشر على الشاشة فحسب، بل تمتد إلى تمكينه من الكتابة، ومن ثم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل الكلمات المكتوبة إلى صوت بشري مطابق لصوته السابق. وبهذه الطريقة أصبح سميث قادرًا على الحديث مجددًا، رغم عجزه الجسدي الكامل.
وفي الفيديو الذي نُشر، عبّر سميث عن سعادته قائلاً: “أستطيع التحكم في الكمبيوتر عن طريق التخاطر… الحياة جيدة الآن”، في مشهد إنساني مؤثر يعكس الأمل الكبير الذي تحمله هذه التقنية.
تُعد هذه الخطوة امتدادًا لتجارب سابقة نفذتها شركة “نيورالينك”، من بينها تجربة لمريض مصاب بالشلل الرباعي استطاع تحريك مؤشر فأرة الكمبيوتر بأفكاره، وأخرى لشخص تعرض لإصابة في النخاع الشوكي. وتطمح الشركة إلى تطوير هذه التقنية مستقبلًا لتمكين المكفوفين من استعادة البصر، وتعزيز الحواس البشرية، بل وحتى التواصل العقلي المباشر دون الحاجة للكلمات، وهي الطموحات التي وصفها إيلون ماسك بأنها “قدرات خارقة”.
ويعكس هذا الإنجاز كيف يمكن للتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي أن يفتحا آفاقًا جديدة أمام مرضى يعانون من ظروف مستعصية، حيث يتحوّل المستحيل إلى ممكن، والقيود إلى حرية، والصمت إلى صوت ينبض بالحياة.