آخر الأخبار
جوجل تكشف عن الجيل الجديد من Taara: ثورة في توصيل الإنترنت عبر الضوء

أعلنت جوجل عن تطوير الجيل الجديد من مشروعها الطموح Taara، الذي يهدف إلى توفير خدمات الإنترنت للمناطق النائية باستخدام تقنيات الضوء، مما يفتح آفاقًا جديدة في عالم الاتصالات اللاسلكية. يعتمد الجيل الجديد من Taara على شريحة متطورة بحجم ظفر الإصبع، تتفوق على الجيل الأول من منصة Taara Lightbridge، الذي اعتمد على منظومة معقدة من المرايا والمستشعرات والأجزاء الميكانيكية لتوجيه الشعاع الضوئي. تمثل هذه الشريحة طفرة تكنولوجية كبيرة، حيث تستخدم برمجيات ذكية لتتبع الشعاع وتعديله تلقائيًا دون الحاجة إلى مكونات ميكانيكية ضخمة، مما يجعلها أكثر كفاءة واستقرارًا.
على مدار السنوات السبع الماضية، كرّس فريق جوجل جهوده لتطوير تقنيات مبتكرة تتيح توفير اتصال سريع ومستدام بتكلفة معقولة، وذلك عبر توظيف أشعة الضوء في عمليات نقل البيانات. تهدف هذه المبادرة إلى ربط المجتمعات النائية التي كانت تعاني من العزلة الجغرافية أو التكلفة المرتفعة للبنية التحتية التقليدية، مما يساعد على تقليص الفجوة الرقمية عالميًا.
من شوارع نيروبي المزدحمة إلى المناطق المحاذية لأكبر الأنهار في العالم، أثبتت تقنيات Taara فعاليتها في تحقيق سرعات إنترنت تضاهي تلك التي توفرها الألياف الضوئية. وقد شكلت هذه الحلول خيارًا مثاليًا لتقديم الاتصال في المواقع التي يصعب مد الكابلات فيها بسبب التضاريس الوعرة أو العوامل البيئية القاسية.
مع إطلاق الجيل الجديد من Taara، تمكن الفريق من تقليص حجم النظام بشكل كبير، حيث انتقل من حجم مماثل لإشارة المرور إلى شريحة بحجم ظفر الإصبع فقط. يسهم هذا الابتكار في تسهيل عملية التثبيت بشكل ملحوظ، مما يجعلها أسرع، أكثر كفاءة، وأقل تكلفة بالمقارنة مع الحلول السابقة.
يشهد العالم في الوقت الحالي زيادة غير مسبوقة في الطلب على البيانات، مدفوعًا بالنمو المتسارع في خدمات البث الرقمي والتوسع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما يشكل ضغطًا متزايدًا على البنية التحتية التقليدية لشبكات الاتصالات. وعلى الرغم من أن الألياف البصرية تُعد الحل المثالي لتوفير إنترنت عالي السرعة، إلا أن تكلفتها العالية وتعقيد عملية مدها تجعلها خيارًا غير عملي في العديد من المناطق.
في المقابل، تعاني شبكات الاتصالات اللاسلكية التقليدية من تحديات كبيرة مثل ازدحام الطيف الترددي ونقص الترددات المتاحة، مما يجعل من الصعب توفير اتصال موثوق وسريع في ظل التوسع المستمر لشبكات الجيل الخامس 5G.
لتجاوز هذه العقبات، تعتمد Taara على الطيف البصري، الذي يوفر نطاقًا تردديًا شبه غير محدود، مما يجعله مثاليًا لنقل البيانات بسرعات فائقة دون التعرض لمشاكل التداخل أو الاختناقات التي تواجه الترددات الراديوية. تشبه تقنية Taara إلى حد كبير الألياف الضوئية، حيث يتم استخدام الضوء لنقل البيانات، ولكن دون الحاجة إلى كابلات. تعتمد هذه التقنية على شعاع ضوئي ضيق وغير مرئي للعين البشرية، قادر على نقل البيانات بسرعات تصل إلى 20 جيجابت في الثانية ولمسافات تصل إلى 20 كيلومترًا.
عند تطوير الجيل الأول من Taara Lightbridge، قامت جوجل بابتكار نظام متطور يسمح بإرسال الأشعة الضوئية بين وحدتين لإنشاء رابط اتصال موثوق. استخدمت الشركة مرايا دقيقة لضبط الشعاع الضوئي، إلى جانب مستشعرات وبرمجيات ذكية لمراقبة التوجيه وضبطه تلقائيًا. كانت هذه الوحدات سهلة وسريعة التركيب مقارنة بكابلات الألياف الضوئية، حيث يمكن إعدادها خلال ساعات فقط بدلاً من الانتظار لشهور أو سنوات كما هو الحال مع مد الألياف التقليدية.
أما مع الجيل الجديد من Taara، فقد أحدثت جوجل قفزة نوعية من خلال الاستغناء عن معظم الأجزاء الميكانيكية التقليدية، واستبدالها بتقنية التوجيه التلقائي بالحالة الصلبة، التي تعتمد على مصفوفة بصرية طورية (Optical Phased Array). تتكون هذه المصفوفة من مئات البواعث الضوئية الدقيقة، التي يتم التحكم في توقيت تشغيلها عبر برمجيات متقدمة، مما يسمح بتعديل موجة الضوء بدقة فائقة وتوجيهها إلى الوجهة المستهدفة بكفاءة عالية.
في الاختبارات الأولية التي أجرتها جوجل داخل مختبراتها، تمكن فريق البحث من نقل البيانات بسرعة 10 جيجابت في الثانية لمسافة كيلومتر واحد في بيئة خارجية باستخدام شريحتيّ Taara. يُعد هذا الاختبار إنجازًا مهمًا، حيث نجحت الشركة في توظيف شرائح الفوتونات السيليكونية لأول مرة في عملية نقل بيانات بهذا الحجم في الهواء الطلق.
يطمح الفريق حاليًا إلى توسيع مدى الاتصال وزيادة السعة من خلال تطوير إصدارات جديدة تحتوي على آلاف البواعث الضوئية، مما قد يتيح تحقيق مدى أطول وسرعات أعلى بشكل كبير. وفقًا لخطة جوجل، من المتوقع أن يتم طرح الجيل الجديد من شريحة Taara بحلول عام 2026.
إلى جانب ذلك، تدعو جوجل الباحثين والمبتكرين المهتمين إلى استكشاف تطبيقات جديدة لهذه التقنية والمساهمة في تطوير الجيل القادم من الاتصال الضوئي، الذي يمكن أن يغير مستقبل الإنترنت والاتصالات في العالم.