آخر الأخبار
كيف يرى الجيل زد الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل: فرصة أم تهديد؟

في قلب الثورة الرقمية، وُلد الجيل زد، الذي يعرفه البعض كجيل الانترنت. منذ لحظة ولادتهم، كانوا محاطين بالأجهزة الذكية، والشبكات الاجتماعية، والمعلومات المتدفقة بلا توقف عبر شاشات هواتفهم. هذا الجيل الذي نشأ في عصر التقنيات الحديثة، أصبح لا يُفرق بين الواقع والرقمنة. ولكن، عندما اقترب هذا الجيل من دخول سوق العمل، اكتشف أن التكنولوجيا التي عاشوا معها منذ طفولتهم قد تكون سيفًا ذو حدين.
تخيلوا لحظة، جيل بالكامل يدخل سوق العمل في وقت يشهد فيه العالم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة. الذكاء الاصطناعي، الذي كان في البداية فكرة نظرية في أفلام الخيال العلمي، أصبح الآن جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية والوظائف المستقبلية. وفي خضم هذه التحولات، كان الجيل زد مستعدًا أكثر من أي وقت مضى لمواجهة هذه التحديات الجديدة.
الفرصة في الذكاء الاصطناعي
أحد الأمثلة البارزة هو Avalon Fenster، الشابة التي تبلغ من العمر 23 عامًا، والتي تمكنت من استغلال الذكاء الاصطناعي ليس فقط في حياتها الشخصية، بل في مجال عملها أيضًا. بدأت Avalon بتطوير مهاراتها في هذا المجال بمفردها، مدفوعةً بشغفها للتعلم واستخدام هذه التكنولوجيا المتقدمة. اليوم، تدير Avalon منصة “Internship Girl”، التي تسهم في دعم أكثر من 350,000 شابة من أكثر من 100 دولة. بالنسبة لها، الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة؛ إنه وسيلة لتحقيق تكافؤ الفرص للعديد من الشابات، خاصة أولئك اللاتي يعانين من حواجز اللغة أو العوائق الاقتصادية. ولكن، ورغم نجاحاتها، لا يمكن تجاهل أن هناك جزءًا من الجيل زد يتعامل مع هذه التكنولوجيا بحذر.
القلق من الآثار الجانبية
بينما يسعى الجيل زد للاستفادة من الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، يظل هناك شعور بالقلق يسيطر على الكثير منهم. فهم يعرفون أن هذه التكنولوجيا قد تكون حلاً مبتكرًا لتحسين كفاءتهم في العمل، ولكنها أيضًا تحمل مخاطر، وخاصة على مستوى التفكير النقدي والاستقلالية. بعضهم يخشى أن يؤدي الاعتماد على الذكاء الاصطناعي إلى تقليل قدرتهم على التفكير بعمق، وصياغة الأفكار بشكل مستقل، والتواصل بفعالية مع الآخرين. هذه المخاوف ليست بعيدة عن الواقع، إذ يعتقد العديد منهم أن الذكاء الاصطناعي قد يقيد مهاراتهم الشخصية وقدرتهم على تطوير أساليبهم في حل المشكلات.
رفض التكنولوجيا من أجل البيئة
تتسع الدائرة في الجيل زد من خلال الأصوات التي تنادي بعدم استخدام الذكاء الاصطناعي لأسباب بيئية. واحدة من هذه الأصوات هي Katya Danziger، وهي طالبة في علوم الحاسوب، تبلغ من العمر 25 عامًا. قررت Katya أن تتوقف عن استخدام الذكاء الاصطناعي بسبب تأثيراته السلبية على البيئة. إذ تشير الدراسات إلى أن استهلاك الطاقة في عملية طرح سؤال على منصات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT أكبر بكثير من استهلاك محركات البحث التقليدية مثل Google. وفي هذا السياق، تؤمن Katya أن الحفاظ على البيئة أهم من الاستفادة من هذه التكنولوجيا.
قلق بشأن فرص العمل
وفي سياق آخر، يُظهر جزء من الجيل زد قلقًا من تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل. 35% من الشباب في الولايات المتحدة، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عامًا، يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي قد يقلل من فرص العمل المتاحة لهم. وفي حين أن هذا القلق يبدو منطقيًا، ترى Christine Cruzvergara، كبيرة مسؤولي إستراتيجيات التعليم في منصة Handshake، أن هذا الشعور ليس بالضرورة أمرًا سلبيًا. فهي تعتقد أن القلق قد يكون دافعًا حيويًا للشباب للبقاء يقظين، والتكيف بسرعة مع التغيرات المتسارعة في سوق العمل. فالتكنولوجيا دائمًا ما تخلق تحديات جديدة، ولكنها تفتح أيضًا أبوابًا لفرص جديدة لأولئك القادرين على التكيف معها.
الجيل زد يواجه مزيجًا من الفرص والتحديات عند دخوله سوق العمل في عصر الذكاء الاصطناعي. هذا الجيل الذي نشأ مع التكنولوجيا في كل جانب من جوانب حياته، يستعد الآن للاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتمكين نفسه في عالم العمل. ولكن في نفس الوقت، لا يغفل عن المخاطر التي قد ترافق هذه الثورة التكنولوجية، سواء كانت على صعيد التفكير النقدي أو على مستوى البيئة. وبينما يظل البعض يتردد في تبني هذه التكنولوجيا، يتطلع آخرون إلى كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لخلق فرص أكبر وأكثر تكافؤًا. في النهاية، يبدو أن الجيل زد ليس فقط مستعدًا لمواجهة المستقبل، بل أيضًا لتشكيله بما يتناسب مع قيمه وتوجهاته الخاصة.