آخر الأخبار
دراسة تحذر: كل ساعة أمام الشاشات تزيد من خطر الإصابة بقِصَر النظر لدى الأطفال

في عالمنا المعاصر، أصبح الشاشات جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، لا سيما بالنسبة للأطفال. حيث تجدهم غارقين في ألعاب الفيديو، والتصفح على الهواتف الذكية، ومشاهدة البرامج التلفزيونية لساعات طويلة. ولكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن هذه الأنشطة قد تكون لها عواقب صحية خطيرة على أعينهم. واحدة من أكبر هذه العواقب هي الإصابة بـ “قِصَر النظر”، وهي مشكلة بصرية بدأت تظهر بشكل متزايد بين الأطفال في العصر الرقمي.
رحلة البداية: من قِصَر النظر إلى التقنيات الحديثة
في زمن ليس ببعيد، كانت قِصَر النظر مشكلة يعاني منها كبار السن أو الأشخاص الذين يواجهون مشكلات في العين. لكن مع التطور التكنولوجي، أصبحت هذه المشكلة تزعج جيلًا جديدًا من الأطفال. في عالم مليء بالهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية، وأجهزة التلفاز، بات الأطفال يقضون وقتًا أطول أمام الشاشات مقارنةً بما كان عليه الحال في الأجيال السابقة. والنتيجة؟ قِصَر النظر، الذي كان يُعتبر حالة نادرة، بدأ يقتحم حياة العديد من الأطفال.
المفاجأة: دراسة جديدة تكشف العلاقة بين وقت الشاشة والإصابة بقِصَر النظر
في دراسة حديثة أُجريت في كوريا، قرر فريق من الباحثين الغوص في العلاقة بين وقت الشاشة وزيادة خطر الإصابة بقِصَر النظر. عبر تحليل 45 دراسة شملت أكثر من 335,524 شخصًا من جميع أنحاء العالم، اكتشف الباحثون أن كل ساعة إضافية يقضيها الطفل أمام الشاشات قد تزيد من احتمال إصابته بقِصَر النظر بنسبة تصل إلى 21%.
كان الخبر صادمًا، فقد أشار البروفيسور Chris Hammond من كلية كينجز في لندن إلى أنه في المملكة المتحدة، حيث تصل معدلات الإصابة إلى حوالي 15% بين الأطفال بين 12 و13 عامًا، فإن استخدام الأطفال للشاشات ساعة واحدة يوميًا يمكن أن يرفع هذه النسبة إلى 18%. ولكن هذه ليست النهاية، فكلما زاد الوقت أمام الشاشة، زاد الخطر بشكل كبير، حتى أن الأطفال الذين يقضون 4 ساعات أمام الشاشات قد تصل نسبة إصابتهم إلى 27%.
هل يمكن أن تزداد الأمور سوءًا؟
والمفاجأة الأكبر كانت في التأثيرات على الأطفال الذين يعانون من قِصَر النظر بالفعل. حيث أظهرت الدراسة أن كل ساعة إضافية أمام الشاشة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم قِصَر النظر بنسبة تصل إلى 54%. هذه النسبة العالية تنبهنا إلى ضرورة الانتباه إلى تأثير الشاشات على الأطفال الذين يعانون من مشاكل بصرية، حتى قبل أن تزداد الأمور سوءًا.
الزيادة الحادة: كيف تؤثر الشاشات بشكل أكبر على العيون؟
عند تحليل البيانات بشكل أعمق، وجد الباحثون أن علاقة وقت الشاشة مع قِصَر النظر تتزايد بشكل حاد. حيث إذا كان الطفل يقضي ساعة واحدة فقط أمام الشاشة يوميًا، فإن احتمال إصابته يرتفع بنسبة 5%. لكن المفاجأة الأكبر كانت عندما وصل الوقت إلى 4 ساعات يوميًا، حيث تصل نسبة الإصابة بقِصَر النظر إلى 97%. هذه النسب المقلقة تجعلنا نتساءل عن السبب الحقيقي وراء هذه العلاقة، وهل نحن بحاجة إلى إعادة تقييم طريقة استخدام الشاشات؟
لماذا تؤدي الشاشات إلى زيادة خطر قِصَر النظر؟
يرى الباحثون أن السبب يعود إلى أن معظم الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات يكون في بيئات مغلقة، مما يقلل من تعرضهم لأشعة الشمس والضوء الطبيعي. بينما يُعتقد أن الضوء الطبيعي يلعب دورًا مهمًا في حماية العين من الإصابة بهذا النوع من المشكلات البصرية. في وقت تزداد فيه المشكلات الصحية المرتبطة بالأعين، يرى البعض أن من المهم الآن البحث عن استراتيجيات جديدة للتقليل من هذا التوجه الضار.
السبيل إلى الوقاية: التركيز على الأنشطة الخارجية وتقليل وقت الشاشة
لقد أظهرت هذه الدراسة أهمية زيادة الوعي حول خطر قِصَر النظر بسبب الشاشات. في ضوء ذلك، يُوصي الباحثون العائلات والمدارس بتقليل وقت الشاشة والتركيز على الأنشطة الخارجية. فالطفل الذي يقضي وقتًا في اللعب في الهواء الطلق أو حتى ممارسة الرياضة، يكون أكثر صحة وسلامة من الناحية البصرية. وقد يكون الوقت قد حان لوضع سياسات صحية جديدة للحد من وقت الشاشة وتعزيز الألعاب التي تشجع الأطفال على الاستمتاع بالطبيعة.
دعوة للانتباه والتغيير
تكشف هذه الدراسة عن حقيقة يجب أن يكون الجميع على دراية بها: إن الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات ليس مجرد وقت للترفيه، بل قد يكون له تأثيرات صحية بعيدة المدى. إذا لم نتخذ خطوات فعّالة الآن لتقليل وقت الشاشة، فقد نصطدم بجيل كامل يعاني من مشكلات بصرية دائمة. فالتكنولوجيا جزء من حياتنا، ولكن الحفاظ على صحة أعين أطفالنا هو الأهم.