آخر الأخبار
تحالف شاومي وهواوي وBBK: نحو نظام تشغيل صيني بديل لأندرويد؟

تتزايد الشائعات في أوساط التكنولوجيا عن تعاون مُحتمل بين ثلاثٍ من أكبر الشركات الصينية في مجال الهواتف الذكية – شاومي، هواوي، ومجموعة BBK المالكة لعلامات أوبو، فيفو، ون بلس – بهدف تطوير نظام تشغيل بديل لنظام أندرويد، دون الاعتماد على خدمات جوجل، وذلك في خطوة قد تُعيد تشكيل المشهد العالمي للهواتف الذكية.
هذا التعاون، إن صحّت الشائعات، قد لا يكون مجرّد استجابة لضغوط سياسية واقتصادية، بل تحوُّل استراتيجي شامل يُمهّد لمرحلة ما بعد أندرويد في الصين، وربما في الأسواق الناشئة مستقبلاً.
الدرس من تجربة هواوي: ما بعد الحظر الأمريكي
منذ الحظر الأمريكي المفروض على هواوي عام 2019، حُرِمت الشركة من استخدام خدمات جوجل للهواتف المحمولة (GMS)، ما أجبرها على تطوير نظامها البيئي الخاص بشكل عاجل:
إطلاق HarmonyOS كنظام تشغيل بديل لأندرويد.
تطوير خدمات هواوي المحمولة (HMS) كبديل لخدمات جوجل.
إطلاق متجر AppGallery ليحل محل متجر Google Play.
دعم التطبيقات الصينية والمحلية لتعويض نقص التطبيقات الغربية.
ورغم البداية المتعثّرة، نجحت هواوي في ترسيخ بيئة تقنية متكاملة داخل الصين، حيث لا تعتمد الغالبية العظمى من المستخدمين على خدمات جوجل، ما جعل تجربتها درسًا ملهمًا لباقي الشركات الصينية.
HyperOS من شاومي: تمهيد لخطة الانفصال؟
في أواخر 2023، أطلقت شاومي نظام HyperOS كواجهة تشغيل مطوّرة بعمق عن نظام أندرويد، وبدأت في توزيعه على أجهزة متعددة من هواتف ذكية إلى أجهزة إنترنت الأشياء. ورغم أن HyperOS لا يزال مبنيًا على نواة أندرويد، إلا أن التكهنات تشير إلى أن النسخة القادمة – HyperOS 3 – قد تمثّل خطوة انتقالية نحو نظام تشغيل أكثر استقلالية.
هذا التطوّر قد يُعبّر عن رغبة شاومي في إنشاء نظام بيئي خاص بها يُمكّنها من الانفصال التدريجي عن جوجل، ليس فقط لأسباب تتعلّق بالحظر أو العقوبات، بل أيضًا لتحقيق استقلال رقمي يُمكّن الشركة من التحكم الكامل في تجربة المستخدم، وتحديثات النظام، وطرق تحقيق الربح.
التحديات التي تواجه شاومي في هذا المسار
رغم المزايا المحتملة، إلا أن خطوة التخلّي عن أندرويد وخدمات جوجل عالميًا تُعد مغامرة كبيرة بالنسبة لشركة مثل شاومي، والتي تعتمد بشكل كبير على الأسواق الدولية. من أبرز التحديات:
فقدان شريحة واسعة من المستخدمين خارج الصين، ممّن يعتمدون على خدمات جوجل وتطبيقاتها.
- تراجع ثقة المطوّرين العالميين في النظام الجديد، وبالتالي نقص التطبيقات
- حاجة ضخمة لبناء منظومة خدمات متكاملة (خرائط، بريد، سحابة، متجر تطبيقات…)
- تكاليف عالية لتطوير خدمات بديلة وتسويقها عالميًا.
- مخاطر في فقدان الحصة السوقية في أسواق مهمة مثل الهند وأوروبا.
لماذا قد يكون التحالف هو الخيار الأفضل؟
- التعاون بين شاومي، هواوي، وBBK قد يُمثّل خيارًا استراتيجيًا لتقليل هذه التحديات، خاصة في ظل:
- خبرة هواوي العميقة في بناء نظام تشغيل مستقل وتوفير بدائل لخدمات جوجل.
- القوة التسويقية والتوزيعية لشركة BBK التي تمتلك حصصًا كبيرة في أسواق متعددة.
- وجود بيئة تقنية صينية ضخمة تدعم هذا التوجّه، وتشجّع على الانفصال عن الأنظمة الغربية.
التحالف يُتيح لهذه الشركات مشاركة الموارد والخبرات والتقنيات، وتسريع بناء نظام بيئي موحّد يُمكنه منافسة أندرويد – على الأقل داخل الصين أولًا، ثم في أسواق أخرى لاحقًا.
أبعاد جيوسياسية واقتصادية
التوجّه لتطوير نظام تشغيل صيني مستقل لا ينبع فقط من دوافع تقنية، بل يتأثر بشكل مباشر بالتصعيد الجيوسياسي بين الصين والولايات المتحدة. العقوبات التي طالت هواوي مثّلت جرس إنذار لبقية الشركات الصينية، التي باتت تخشى مصيرًا مشابهًا قد يعرّض أعمالها العالمية للخطر.
كما أن امتلاك نظام تشغيل مستقل يوفّر لهذه الشركات:
- تحكّمًا أكبر في بيانات المستخدم.
- إمكانيات أكبر لتحقيق الربح من الإعلانات والخدمات.
- خفض التكاليف المرتبطة بتراخيص جوجل.
- تحديثات أكثر توافقًا مع الأجهزة الصينية.
هل يمكن لهذا النظام منافسة أندرويد عالميًا؟
حتى لو نجح التحالف الصيني في تطوير نظام تشغيل متكامل، فإن التحدّي الحقيقي سيكون في:
- جذب المطوّرين العالميين لتطوير تطبيقات متوافقة.
- ضمان تجربة مستخدم غنية ومتنوّعة تُضاهي ما يقدّمه أندرويد.
- إقناع المستخدمين خارج الصين بالانتقال إلى النظام الجديد.
- التغلّب على التحيّزات الغربية ضد المنتجات الصينية، خاصة في ما يتعلّق بالخصوصية والأمان.
في الوقت الحالي، يبقى هذا المشروع في إطار الشائعات، لكن مجرّد تداوله يُشير إلى تحوّل جذري قادم في صناعة الهواتف الذكية، حيث تسعى الصين لتقليل اعتمادها على التقنيات الغربية، وبناء منظومتها الرقمية الخاصة.